المحاضرة الرابعة: مدرسة براغ:
المحاضرة الرابعة: مدرسة براغ:
1/ التعريف بالمدرسة:
مدرسة براغ اللغوية اهتمت بمفهوم الوظيفة، لا بل نال هذا المفهوم اهتماما أكبر من غيره نظرا لأهميته من كونه يعنى بالقيمة الاتصالية للغة فالتحليل الوظيفي، عند مدرسة براغ يعمل على ربط النظام اللغوي بالوظائف التي يمكن لهذا النظام أن يؤديها، من خلال التراكيب المختلفة التي تشكل بنية هذا النظام وأساسه مع النظر إلى أن كل تركيب، أو بناء لغوي يمكن أن يؤدي وظيفة مختلفة.
وتعد حلقة براغ اللغوية أفضل من يمثل الاتجاه الوظيفي في دراسة اللغة ، وقد نشأت في أحضان نادي براغ اللساني الذي أنشأه العالم التشيكي، فيلام ماثيسيوس وبعض معاونيه سنة 1926م، وعرفت بالمدرسة الوظيفية أو الفونيمية وبلغت ذروتها في الثلاثينيات، وتحديدا عندما انظم إليها ثلاثة لسانيين روس هم رومان جاكبسون وسيرجي كارسيفسكي ونيكولاي تروبتسكوي ومنذ ،1930ازداد توسع المدرسة لينظم إليها لفيف من اللسانيين الفرنسيين من أشهرهم أندريه مارتينيه وإيميل بنفنست وغيرهم من لسانيين أوربيين.
واصلت أفكار درسة براغ اللغوية ازدهارها في أمريكا، ممثلة في أعمال "رومان جاكبسون" زد على ذلك الدراسات اللسانية التي ظهرت في فرنسا مع مطلع القرن العشرين بإشراف الجمعية اللسانية الباريسية والتي كان من أولويات بحثها:
ــ الدرس التاريخي من خلال أعمال أنطوان ماييه.
ــ دراسات صوتية تبحث في الجانب الفسيولوجي السمعي للكلام من خلال مؤلفات روسلو وجاستون وباري وفندرس .
ــ العناية بالدراسات التقابلية في ميدان علم التراكيب بخاصة بين الفرنسية والإنجليزية.
وحلقة براغ أفادت كثيرا من أصول مدرسة سوسير، أو أفكار سوسير، ولكنها غيرت بعض هذه الأصول وطورت بعضها الآخر، ولقد وضعت هذه المدرسة نظرية كاملة في التحليل الفونولوجي ،وأقامت هذه النظرية على تصور خاص للفونيم، ولم يكن هذا التصور إلا منبعثا من ثنائية سوسير المعروفة وهي اللغة والكلام فالفونيم عند تروبتسكوي يكون مرة من اللغة، بوصفها نظاما متعارفا عليه في بيئة معينة ويكون مرة أخرى من الكلام، الذي هو ممارسة فعلية فردية للغة فحين يكون الفونيم، من اللغة يكون وحدة صوتية معزولة عن غيرها، فلا ينظر لوظيفتها اللغوية ولا إلى دورها، في المعنى والفونيم هنا يدرس ضمن فرع من علم اللغة هو علم الأصوات اللغوية.
ومن أفكار حلقة براغ اللغوية ذات الأثر الكبير في الدرس اللغوي، تحديد الوظيفة الحقيقية للغة التي تتمثل بالاتصال، وما أثارته هذه الوظيفة من أسئلة في ذهن اللغوي مثل كيف يتم الاتصال؟ ولمن يوجه؟ وفي أي مناسبة؟ ومن أفكار هذه المدرسة أن اللغة ظاهرة طبيعية ذات واقع مادي، يتصل بعوامل خارجة عنه يتعلق بعضها بالبيئة الاجتماعية، ويتصل بعضها الآخر بالسامع ويرجع قسم ثالث إلى الموضوع الذي يدور عليه الكلام.
والشخصيات الأساسية في حلقة براغ نذكر:
ـــ اللسانيون التشيك: يتقدمهم فيلام ماثيسيوس وترنكا وهافرانك وفاشيك.
ـ اللسانيون الروس يتقدمهم نيكولاي تروبتسكوي وسيرجي كارسيفسكي ورومان جاكبسون، بالإضافة إلى بعض ـ اللسانيين كأندريه مارتينييه وإميل بنفنست.
2/نيكولاي تروبتسكوي:
ولد تروبتسكوي في موسكو عاصمة الاتحاد السوفياتي سابقا، وتوفي في فيينا عاصمة النمسا وتلقى علومه الأولية في إحدى مدارس موسكو انكب على دراسة الأنثوغرافيا ــ علم وصف الأعراق البشرية ــ والفيولوجيا الفنلندية الأغرية، والقوقازية، وهو لا يتجاوز الثالثة عشر عشر، مقالين علميين وهو لا يتجاوز الخامسة عشر، أتم دراسته الجامعية في جامعة موسكو عام 1913م؛ ثم انتقل إلى جامعة لايبزيغ في ألمانيا حيث تلقى محاضرات في علوم اللغة، وبعدها عاد ليزاول دراسة اللسانيات الهندوأروبية في جامعة موسكو وبعد مناقشته لها أصبح أستاذا يالجامعة سنة 1916 وبعدها عمل أستاذا في جامعة روستوف عام 1918.
3/أسس التحليل الفونولوجي عند نيكولاي تروبتسكوي:
ـ الفونيم أصغر وحدة فونولوجية، وهو علامة لسانية مهمتها حمل معنى الكلمة.
ـ ينبغي التمييز بين الوحدة اللسانية ــ الفونيم ـ وتحقيقات الصوت الفعلية والمتنوعة.
ـــ الفونيمات المنتمية إلى لغة واحدة، متضادة فيما بينها، ويتم التعبير عنها بواسطة عناصر الحركات والصوامت والإيقاع.
ـ تؤدي التقلبات الثنائية دورا جوهريا تظهر سلسلة من المكونات المتوازية، ويؤدي أحد طرفي التقابل وظيفة الطرف الموسوم الذي يدخل في تمييز بالضد مع الطرف غير الموسوم.