التأمين البحري
Aperçu des sections
-
-
-
معلومات الأستاذ المكلف بالمقياس
الأستاذ: بوغالم يوسف
-الشهادة: دكتوراة في الحقوق
-مكلف: بالمحاضرة والأعمال الموجهة
-البريد الإلكتروني المهني: youcef.boughalem@univ-jijel.dz
-
<< بطاقة معلومات حول مقياس التأمين البحري >>
جامعة محمد الصديق بن يحيى -جيجل-
كلية الحقوق والعلوم السياسية
قسم الحقوق
الفئة المستهدفة : السنة الثانية ماستر قانون بحري ومينائي
السداسي الثالث
إسم الوحدة : الوحدة التعليمية الأساسية
إسم المادة : التأمين البحري
الرصيد : 6
المعامل : 3
التقييم: امتحان كتابي + تقييم مستمر
-التدريس: اللغة العربية
-الحجم الساعي للسداسي: من 14 إلى 16 أسبوعا
-الحجم الساعي الأسبوعي: 04 ساعات ونصف أسبوعيا (المحاضرة 03 والأعمال الموجهة 01 و30د)
توقيت الدراسة :
يوم الأحد : محاضرة ، التوقيت : 11:00 - 12:30 القاعة 50
يوم الثلاثاء : حصة أعمال تطبيقية ، التوقيت 14:00 - 15:30 القاعة 42
يوم الأربعاء : محاضرة ، التوقيت 08:00 - 09:30 ، القاعة 50
-
الأهداف العامة للمقياس
يهدف موضوع التأمين البحري إلى :
أولا : مستوى المعرفة : يهدف مقياس التأمين البحري على هذا المستوى إلى :
- تعريف الطالب بالقانون التأمينات 95/07 عامة والقسم المتعلق بالتأمينات البحرية خاصة
- تعريف الطالب بعقد التأمين من إبرامه وأركانه إلى آثاره ونهايته
ثانيا : مستوى التحليل : يهدف الدرس على هذا المستوى إلى :
- استعادة المعلومات من الذاكرة، لاسيما المعلومات بالعقود والأحكام العامة للإلتزام وأحكام القانون البحري
- تعلم الطالب قراءة النصوص القانونية قراءة معمقة وتحليل الأحكام الواردة فيها .
- اكتساب القدرة على حل الماسئل القانونية الجديدة، لاسيما المسائل التي أغفلها المشرع ومحاولة رطها بباقي النصوص والأحكام العامة.
ثالثا : مستوى التقييم : في هذا المستوى يمكن للطالب :
- إسقاط المعطيات النظرية السابقة على عقود التأمين الخاصة بالسفينة والبضائع وصولا إلى تأمينات المسؤولية.
-
مفردات مقياس التأمين البحري للسنة الجامعية 2024/2025
1 - الاطار المفاهيمي لعقد التأمين البحري : تعريفه ، تطوره ، خصائصه ، طبيعته القانونية ، تمييزه عما يشابهه ...
أركان عقد التأمين البحري
2- إبرام عقد التأمين البحري: ( شرط الكتابة) ، أطراف عقد التأمين
3- محل عقد التأمين البحري (الخطر) : أ- الطبيعة البحرية للخطر محل عقد التأمين البحري ،
ب- الشروط الخاصة بالخطر محل عقد التأمين البحري.4- مجال الضمان في عقد التأمين البحري : الأخطار المضمونه وصورها ، الأخطار المستبعدة وصورها .
آثار عقد التأمين البحري
5- حقوق والتزامات المؤمن والمؤمن له
المصلحة المؤمن عليها
6- التأمين البحري على هيكل السفينة
7- التأمين البحري على البضائع المشحونة
8- التأمين على المسؤولية (تحديد مسؤولية مالك السفينة)
منازعات عقد التأمين البحري
9- الدعاوى القضائية الخاصة بعقد التأمين البحري (وتقادمها)
10- آليات تسوية المنازعات المتعلقة بعقد التأمين البحري (التسوية الودية والتسوية القضائية)
-
توزيع نقاط التقييم المستمر للسنة الجامعية
2024/2025
توزيع عناصر الموازنة في مادة التأمين البحري
الخاصة بالأعمال الموجهة
أولا : البحث (06 نقاط) توزع كالآتي :
- العرض الشفهي : 02ن
- المناقشة : 02ن
- الكتابي ( التحرير ) 02ن
ثانيا : الحضور والمشاركة والبطاقة التقنية (06 نقاط) توزع كالآتي :
- الحضور 02 ن
- المشاركة 02 ن
- البطاقة التقنية 02 ن
ثالثا : العمل الشخصي : (03 نقاط )
رابعا : السؤال الكتابي (05 نقاط) -
محل عقد التأمين البحري (الخطر البحري)
تنص المادة 92 من الأمر 95-07 السالف الذكر، والتي جاء فيها: " تطبق أحكام هذا الباب على أي عقد تأمين يهدف إلى (محله) ضمان الأخطار المتعلقة بأية عملية نقل بحري ".
وعليه فإن محل عقد التأمين البحري هو الخطر ، لذلك وجب علينا تبيان معنى الخطر محل التأمين البحري، والشروط الواجب توافرها في الخطر ليصح كمحل لعقد التأمين بصفة عامة، وعقد التأمين البحري بصفة خاصة، ثم تنتقل إلى تحديد طبيعة الخطر محل التأمين البحري، إذ أن المؤمن البحري لا يضمن كل الأخطار البحرية، كما أن ضمانه قد يمتد إلى إخطار غير بحرية.
المطلب الأول
مفهوم الخطر البحري
يشكل الخطر العنصر الأهم في التأمين، إذ أن هدف المؤمن من إبرام عقد التأمين مع المؤمن له هو تغطية الأخطار، وعلى ذلك سنحاول إعطاء تعريف محدد للخطر، ثم نحدد الشروط الواجب توافرها فيه، وننتهي بذكر أهم تصنيفاته.
الفرع الأول : تعريـف الخطــر بوجه عام
تعددت التعاريف في شأن الخطر واختلفت الزوايا التي ينظر منها إلى الموضوع، إلا أننا سنركز على التعريف الذي يشمل على العناصر الأساسية للخطر محل عقد التأمين بصفة عامة .
يعرف الخطر بأنه " حادث غير محقق الوقوع، لا يتوقف في حدوثه على محض إرادة أحد طرفيه، لا سيما المؤمن له، ومن الجائز قانونا التأمين عليه ".
الفرع الثاني : تعريف الخطر البحري
يعرف الخطر البحري بأنه " الحادث القهري أو الفجائي الذي يحتمل وقوعه للشيء المؤمن عليه المشروع خلال عملية بحرية ".
فكل ما يعترض العملية البحرية من أخطار يعد أخطارا بحرية، سواء الأخطار التي يحدثها البحرمباشرة كالغرق أو الجنوح، أو الأخطار التي تحدث على البحر ولو لم تكن ناشئة عنه مباشرة كالتصادم والحريق، وعلى هذا فالأخطار التي لا تحدث خلال عملية بحرية، لا تعد أخطارا بحرية.
أما المشرع الجزائري فلم يعرف الخطر البحري، وإنما اعتمد معيار واسع لتحديد الخطر محل التأمين البحري في المادة 92 من الأمر 95-07 السالفة الذكر، إذ عرف عقد التأمين البحري بالأخطار التي تكون محل الضمان في هذا العقد، وعرف في نفس الوقت هذه الأخطار بــكل خطر يكون ناتــجا من عملية نقل بــحري.
نشير هنا إلى اختلاف النص العربي "عملية نقل بحري" -الذي قصر موضوع التأمين على عملية النقل البحري- عن النص الفرنسي "العملية البحرية" والذي توسع في مجال الخطر ليشمل أي نشاط متعلق بالعمل البحري.
وعلى ذلك فالمؤمن يضمن كل ضرر ناتج بمناسبة القيام بعملية بحرية، ولم يحدد المشرع الجزائري هذه العمليات لا على سبيل الحصر ولا على سبيل المثال، لذلك فيكفي أن تتعلق بالعمل البحري حتى تضفى عليها الصفة البحرية، وعليه يدخل في مفهوم العملية البحرية الشحن أو التفريغ أو الإسعاف وحتى التركيب والرسو م124 من قانون التأمينات.
وعليه فإن لم تحدد الأخطار المضمونة نتائجها من المؤمن، والمستبعدة من عقد التأمين بدقة -في حدود ما يسمح القانون بضمانه- فإنه يقع على القاضي تحديد نطاق العملية البحرية وما يدخل ضمنها من أخطار.
المطلب الثاني
شروط الخطر البحري
يشترط في الخطر البحري مجموعة من الشروط ليكون محلا لعقد التأمين البحري ، هذه الشروط تتوزع ما بين شروط عامة للخطر ، وشروط خاصة مميزة للخطر البحري
الفرع الأول : الشروط العامة للخطر
أجمع معظم الباحثين في موضوع الخطر على ثلاثة شروط يجب أن يتصف بها الخطر ليصح محلا لعقد التأمين، فيجب أن يكون الخطر محتمل الوقوع، و غير معلق على محض إرادة أحد طرفي العقد، وألا يكون مخالفا للنظام العام.
أولا: يجب أن يكون الخطر محتمل الوقوع
إن عقد التأمين هو عقد احتمالي بالنسبة إلى طرفيه من الوجهة القانونية، إذ هو احتمال تحقق الخطر المؤمن منه، ويبرز هذا الشرط بشكل أكبر في التأمين البحري، إذ أن الهدف من هذا التأمين هو ضمان التعويض ضد الحوادث التي يمكن أن تقع ، لا الحوادث التي يجب أن تقع.
ويكون الخطر غير محقق الوقوع في إحدى الصورتين:
1 ـ فإما يكون وقوعه غير محتم، فهو قد يقع وقد لا يقع، فالتأمين من الحريق أو السرقة تأمين من خطر قد يقع وقد لا يقع، وهذا أمر واضــح.
2 ـ وقد يكون وقوع الخطر أمرا محتما، لكن الاحتمال يرد على وقت وقوعه الذي يبقى غير معروف، كما هو الحال بالنسبة للتأمين في حالة الوفاة، إذ الوفاة أمر محقق، لكن الاحتمال يرد على وقت وقوعه.
كما يقتضي كون الخطر محتمل الوقوع، ألا يكون مستحيلا وقوعه، وإلا اعتبر العقد باطلا طبقا للقواعد العامة التي تقضي ببطلان العقد إذا كان محله مستحيلا، وهو ما أقرته المادة 93 من التقنين المدني
ثانيا : ألا يتوقف الخطر على محض إرادة أحد طرفي العقد
بالنظر إلى أن عقود التأمين تقوم على الاحتمال وحسن نية، فإن ذلك يتطلب عدم تدخل أطراف العقد في حدوث الخطر، فإذا كان تحقق الخطر بمحض إرادة المؤمن، كان مستبعدا تحقق الحادث المؤمن منه، وإذا كان تحقق الخطر بمحض إرادة المؤمن له لم يعد هناك معنى للتأمين.
وخلاصة القول يكون محلا للضمان ما يترتب من أضرار وخسائر من جراء الحادث الفجائي، أو فعل الغير، أو فعل المؤمن له غير العمدي وغير الجسيم وهو ما يستقى من نص المادة 102/1 من قانون التأمينات: لا يضمن المؤمن الأخطار الآتية وعواقبها : 1- أخطاء المؤمن له المتعمدة أو الجسيمة.
ثالثا : ألا يكون الخطر مخالفا للنظام العام
يجب أخيرا أن يكون الخطر المؤمن منه مشروعا، أي يكون متولدا من نشاط للمؤمن له غير مخالف للنظام العام والآداب، وفي هذا الصدد تقضي المادة 96 من التقنين المدني أنه " إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا ". وعلى ذلك لا يجوز التأمين على الخطأ العمدي للمؤمن له، لأن ذلك مخالف للنظام العام كونـه يجعـل المؤمـن له في مأمن من مسؤوليته المترتبـة عن فعلـه الشخصـي العمـدي، و المضر، وهو ما لا يمكـن للمشرع إجازة التأمين عليه ، كما لا يجوز التأمين من الأخطار المترتبة على الاتجار في المخدرات، و لا التأمين على منزل المقامرة، ولا يجوز التأمين كذلك من الغرامات المالية، أو المصادرات التي يمكن الحكم بها جنائيا...
الفرع الثاني : الشروط الخاصة بالخطر محل التأمين البحري
سبق وذكرنا أن الخطر البحري هو الذي يضفي على التأمين البحري طابعه الخاص، وقواعده التي تميزه عن باقي أنواع التأمين، إذ ورغم تعدد واختلاف التعاريف التي أعطيت للخطر محل عقد التأمين البحري، إلا أنها أجمعت في معظمها على الطابع البحري لهذا الخطر، وذلك رغم امتداد التأمين البحري إلى أخطار غير بحرية أصلا.
أولا : الطابــع البحـري للخطــر
ما يميز التأمين البحري عن غيره من أنواع التأمينات الأخرى هو طبيعة محل التأمين ذاته، أي سبب الضرر، وليس طبيعة الضرر ولا الأموال التي يصيبها الضرر، فالتأمين البحري هو الذي يغطي الخطر البحري.
وفي هذا الصدد نصت المادة 92 من الأمر 95-07 السالف الذكر أنه " تطبق أحكام هذا الباب على أي عقد تأمين يهدف إلى ضمان الأخطار المتعلقة بأي عملية نقل بحري.
ويلاحظ أن التأمين على السفينة يكتسب الطابع البحري لمجرد أنه يرد على منشأة لها الوصف القانوني للسفينة بسبب طبيعة هذه الأخيرة والتي تعرف بأنها كل منشأة عائمة تقوم بالملاحة البحرية، أو تخصص للقيام بمثل هذه الملاحة.
أما التأمين على البضائع فليس له الطابع البحري في ذاته ، على عكس الحكم في التأمين على السفينة، بل يجب أن تكون البضائع محلا لنقل بحري رئيسي حتى يكتسب التأمين طابع التأمين البحري وهو ما نصت عليه المادة 136 من قانون التأمينات:
" تطبق الأحكام المتعلقة بالتأمين البحري على كامل الرحلة إذا اقتضى نقل البضاعة المؤمن عليها عن طريق البر و/أو النهر و/أو الجو سواء كان ذلك قبل النقل البحري و/أو تكملة له."
امتداد الضمان إلى أخطار غير بحرية في التأمين على السفن
جاء في نص المادة 124 من الأمر 95-07 ما يلي: " فيما يخص التأمين للأجل محدد يضمن المؤمن السفينة أثناء سفرها أو تركيبها أو رسوها في إحدى الموانئ أو في مكان مائي أو جاف في الآجال المحددة في العقد. ويغطي التأمين اليوم الأول والأخير من الأجل المذكور".
بتحليل هذه المادة نجد أن بناء السفينة يستطيع أن يعقد تأمينا بحريا لضمان ما قد تتعرض له السفينة أثناء تشييدها، وحتى يتم تعويمها بقصد تجربتها، ثم تسليمها إلى مالكها، وقد يبرر ذلك قول بعض الفقهاء أن السفينة أداة الملاحة البحرية وهي في طور البناء وإن لم تكن صالحة للقيام بعملية بحرية، فإن صلاحيتها تقتضي تجربتها عن طريق الملاحة البحرية، مما دعى المشرع إلى مد التأمين إلى هذه العمليات، كما وأن السفينة وأثناء رسوها في إحدى الموانئ تبقى معرضة للأخطار، فمن الضروري أن يشمل التأمين البحري هذه الأخطار.
على أن المشرع الجزائري قد وضع شرطين لسريان التأمين البحري على السفينة من أخطار غير بحرية، و هما أن يكون التأمين لأجل محدد، وأن يقع الخطر المؤمن ضده خلال الزمن المتفق عليه في العقد، فلا يصح التأمين المبرم بالرحلة لضمان السفينة وهي طور البناء.
امتداد الضمان إلى أخطار غير بحرية في التأمين على البضائع
نصت المادة 136 من الأمر 95-07 السالف الذكر على ما يلي: " تطبق الأحكام المتعلقة بالتأمين البحري على كامل الرحلة إذا اقتضى نقل البضاعة المؤمن عليها عن طريق البر و/ أو النهر و/ أو الجو سواء كان ذلك قبل النقل البحري و/ أو تكملة له ".
من خلال تحليل هذه المادة يتجلى أن المشرع الجزائري أخذ بفكرة وحدة العقد، حيث تسري أحكام التأمين البحري مهما كان النقل مختلطا ما دام تابعا للنقل البحري، ويعرف هذا النظام باسم"شرط من المخزن إلى المخزن"، إذ يشتمل التأمين البحري إلى جانب الأخطار البحرية، أخطار نقل البضاعة بالطريق البري من مخازن الشاحن إلى ميناء الشحن، وأثناء وجود البضاعة على رصيف الميناء، ثم الأخطار التي تلي تفريغ البضاعة من السفينة، و نقلها من ميناء الوصول بطريق البر أو النهر أو الجو إلى مخازن المرسل إليه.
ويجد هذا الامتداد أساسه القانوني في فكرة التبعية التي يعبر عنها بأن الفرع يتبع الأصل، فالأصل هو النقل البحري، أما الفرع فهو إما نقل بري أو جوي أو نهري، ولهذا فمن الجائز أن يخضع الفرع للقواعد التي تحكم الأصل.
ثانيا : ضرورة تعرض المصلحة المؤمن عليها للخطــر
لا يكفي لقيام عقد التأمين البحري أن يوجد الخطر في حد ذاته، بل يجب أن يكون الشيء المؤمن عليه معرضا لهذا الخطر، ويقتضي ذلك أن يتعرض الشيء المؤمن عليه للخطر خلال المدة التي يسري فيها عقد التأمين ، وهو ما نصت عليه المادة 99 من قانون التأمينات : " لا يترتب عن التأمين أي أثر إذا لم يبدأ حدوث الأخطار خلال شهرين (2) من إبرام العقد أو من التاريخ المحدد لبدء أثر الأخطار إلا إذ وقع الاتفاق على أجل جديد.
ولا يطبق هذا الأجل على وثائق الاشتراك في التأمين إلا بالنسبة للتمويل الأول.
يتمثل التمويل الأول في مفهوم هذه المادة في الإجراء الأول الذي يعطي المؤمن له بموجبه مفعولا لوثيقة الاشتراك ".
يذكر أنه يتحقق شرط تعرض الأشياء المؤمن عليها للأخطار المضمونة ابتداء من لحظة إمكانية تعرض هذه الأشياء المضمونة للأخطار المؤمن ضدها في وثيقة التأمين كانطلاق الرحلة أو شحن البضاعة ، أو تجربة السفينة ...
إثبات التعرض للأخطار
ليس في إثبات التعرض للأخطار خروج عن المبدأ القانوني الذي جعل عبأ الإثبات على المدعي، إذ يقع عبأ إثبات تعرض الشيء المؤمن عليه للخطر على عاتق المؤمن له، فهو مدع في طلب تعويض التأمين فعليه أن يقيم الدليل على حقه، ولا يكفي في هذا الصدد أن يبرز وثيقة التأمين، بل عليه أيضا أن يثبت تنفيذ العقد ، إلا أن القيام بذلك لا يشكل أية صعوبة، لأن التعرض للأخطار مسألة واقع.
ففي التأمين على السفينة يتم إثبات التعرض للأخطار بواسطة السجلات الممسوكة على مستوى ميناء القيام أو بدفتر السفينة، أما إذا كانت السفينة خلال السفر وأبرم التأمين فإن التعرض للأخطار يكون سابقا على إبرام العقد، و حينئذ يلزم إثبات أن الأخطار لم تتوقف عند إبرام العقد.
أما بالنسبة للبضائع فيتم إثبات التعرض للأخطار بإثبات إرسال البضاعـة، أو شحنها على ظهـر السفينــة، أو وضعها في العنبر حسب الوقت الذي اتفق فيه المتعاقدان على سريان التأمين، والذي يتم بسند الشحن، أو الإيصال الذي يتسلمه الشاحن من الناقل، أو أية وسيلة إثبات أخرى قاطعة، كما يمكن تدعيم ذلك بفواتير الشراء، أو حتى بشهادة الشهود طالما يعد التعرض للأخطار واقعة مادية.
كل هذا مع مراعاة حق المدعى عليه، وهو المؤمن في إثبات العكس .
المطلب الثالث
تخلف المحل (الخطر البحري) في عقد التأمين البحري
طالما أن الخطر هو محل عقد التأمين البحري، فما هو الأثر المترتب على انتفائه ؟
يمكن تصور انتفاء المحل في عقد التأمين البحري في صورتين : إما وجود الخطر مع عدم التعرض له، وإما بتحقق الخطر أو زواله قبل إبرام العقد.
الفرع الأول : عدم تعرض المصلحة المؤمن عليها للخطر.
نصت المادة 99 من الأمر 95-07 السالف الذكر أنه " لا يترتب عن التأمين أي أثر إذا لم يبدأ حدوث الأخطار خلال شهرين (2) من إبرام العقد أو من التاريخ المحدد لبدء أثر الأخطار إلا إذ وقع الاتفاق على أجل جديد.
ولا يطبق هذا الأجل على وثائق الاشتراك في التأمين إلا بالنسبة للتمويل الأول.
يتمثل التمويل الأول في مفهوم هذه المادة في الإجراء الأول الذي يعطي المؤمن له بموجبه مفعولا لوثيقة الاشتراك ".
أول ما يلاحظ على نص المادة 99 المذكورة أعلاه أن أجل الشهرين الوارد بها لبدء حدوث الأخطار ليس من النظام العام، إذ يمكن للطرفين الاتفاق على مخالفته بتحديد أجل آخر.
وبتحليل هذه المادة نجد أن المشرع الجزائري اعتبر عقد التأمين صحيح وقائم بأركانه إلى غاية نهاية الأجل المحدد قانونا أو في وثيقة التأمين فنكون أمام فرضين:
فإما يبدأ تعرض الأشياء المؤمن عليها للخطر قبل نهاية الأجل فيصبح العقد نافذا وملزما لطرفيه، وإما ينتهي الأجل دون أن يبدأ تعرض الأشياء المؤمن عليها للخطر المؤمن منه فيكون العقد مفسوخا بأثر رجعي لتحقق الشرط الفاسخ وهو عدم تعرض الأشياء المؤمن عليها للخطر خلال المدة المنصوص عليها في القانون أو في وثيقة التأمين، وفي هذا الصدد تنص المادة 207 من التقنين المدني أنه " يزول الالتزام إذ تحقق الشرط الفاسخ ويكون الدائن ملزما برد ما أخذه فإذا استحال الرد لسبب هو مسؤول عنه وجب عليه تعويض الضرر"، وتطبيقا لذلك يسترد المؤمن له الأقساط المدفوعة.
الفرع الثاني : وقوع الخطر أو زواله قبل إبرام العقد
قد يحدث أن يكون الشيء المؤمن عليه قد تعرض للخطر المؤمن منه قبل إبرام العقد، كأن تتعرض السفينة للغرق قبل أن يبرم في شأنها عقد تأمين من خطر الغرق، كما قد يكون الشيء المؤمن عليه قد وصل إلى المكان المقصود قبل أن يبرم عقد تأمين من المخاطر التي قد يتعرض لها خلال تلك الرحلة، وهو ما يعبر عنه بوقوع الخطر أو زواله قبل العقد.
فطبقا للقواعد العامة يترتب في هذه الحالة بطلان عقد التأمين لانتفاء المحل الذي هو الخطر، و الذي لم يعد ممكنا ولا محتملا، إذ تنص المادة 93 من التقنين المدني أنه " إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كان العقد باطلا بطلانا مطلقا".
وفي هذا الصدد تنص المادة 100 من الأمر 95-07 السالف الذكر على أنه " لا يكون للتأمين المكتتب بعد وقوع الحادث أو بعد وصول الأموال المؤمن عليها إلى المكان المقصود أي أثر ويبقى القسط مكتسبا للمؤمن إذا كان المؤمن له على علم بذلك من قبل.
يحق للطرف المتضرر في هذه الحالة المطالبة بالتعويض عن الأضرار".
وبهذا يكون المشرع الجزائري اعتبر عقد التأمين المبرم بعد تحقق الخطر أو زواله باطلا، و هو بذلك لم يخرج عن القاعدة العامة في البطلان، إلا أنه منح المؤمن الحق في الاحتفاظ بالقسط المدفوع في حالة علم المؤمن له بوقوع الحادث قبل إبرام العقد .
يلاحظ من نص المادة 100/1 من قانون التأمين أن المشرع قد افترض سوء النية في المؤمن له فقط باكتتابه لعقد التأمين مع علمه بوقوع الخطر، في حين يمكننا تصور سوء نية المؤمن أيضا في حالة اكتتابه لعقد التأمين مع علمه بوصول الأموال المؤمن عليها إلى المكان المقصود ، لكن المشرع الجزائري لم يرتب على ذلك أي جزاء عكس الحالة الأولى التي افترض فيها سوء نية المؤمن له وقرر جزاء في حقه وهو فقدانه للقسط ، لذا كان الأولى بالمشرع ذكر الحالتين ، أوالاكتفاء بالفقرة الثانية من المادة 100 المذكورة أعـلاه، إذ يمكـن من خلالها لأي طـرف لحقـه ضـرر أن يثبتـه ويتحصـل علـى التعويض المقابل له طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، عوضا عن تقرير الجزاء في حق طرف واحد في العقد.
الخطر الظني
لقد خرجت معظم التشريعات عن قاعدة بطلان العقد ولو كانت الأشياء المؤمن عليها قد هلكت أو استبعد هلاكها بانتهاء الرحلة بسلامة ما دام المتعاقدان لا يعلمان بالخسارة أو بالوصول، وهو ما يسمى بالتأمين من الخطر الظني.
فالأخذ بالقاعدة العامة على إطلاقها فيه تشدد في غير محله، إذ لا بد من مراعاة الصعوبات التي يواجهها المتعاقدان في الاستعلام عن وضعية الأشياء المؤمن عليها ومصيرها، وهذا ما يدعو إلى الاكتفاء بالوجود الذهني المتمثل في اعتقاد المتعاقدين بإمكانية تعرض الأشياء المؤمن عليها للأخطار، بدلا من اشتراط الوجود الحقيقي الذي من شأنه أن يحرم المشتغلين بالملاحة البحرية من التأمين رغم أهميته لممارسة هذا النشاط التجاري.
إلا أن المشرع الجزائري استبعد الخطر الظني من مجال التأمين البحري بنص المادة 100 من الأمر 95-07 السالفة الذكر، واعتد فقط بالوجود المادي، وفي ذلك شذوذ عن غيره من القوانين المقارنة، وإضرار كبير بالاقتصاد الوطني، باعتبار الجزائر دولة مستوردة، وتلزم مستوردها بالتأمين لدى شركات التأمين الجزائرية التي تخضع لهذا القانون الذي يحرم الطرف الجزائري من التعويض كلما كانت الكارثة تمثل خطرا ظنيا.
-
مجـال الضمـان في عقد التأميـن البحـري
نقصد بمجال الضمان في التأمين البحري تلك الأخطار التي يضمن المؤمن البحري نتائجها والأخطار المستبعدة من مجال الضمان، وهو نفس الاصطلاح الذي استعمله المشرع للتعبير عن الأخطار المضمونة والمستبعدة في القسم الثاني من الفصل الثاني من الباب الثاني من الأمر 95-07 المتعلق بالتأمينات.
وعلى ذلك فقد قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين، خصصنا المبحث الأول لدراسة الأخطار المضمونة، وتطرقنا للأخطار المستبعدة من الضمان في المبحث الثاني.
وقبل الخوض في الموضوع يتوجب علينا أن نبين أن المقصود بالأخطار المضمونة والمستبعدة هو تلك الأخطار التي يضمن المؤمن نتائجها أو لا يضمنها، إذ أن المؤمن لا يضمن الخطر في حد ذاته وإنما نتائجه ، فالخطر كعنصر من عناصر التأمين، والضرر كنتيجة لذلك السبب هما أمران لا تتضح التفرقة بينهما بشكل تام، وإن كان يمكن القول أن الخطر في هذا الصدد يعني الحادث، أما الضرر فيكون نتيجة لهذا الحادث، وعلى ذلك فلا يمكن الاستفادة من مبلغ التأمين إذا لم يتحقق ضرر للمؤمن له حتى ولو تحقق الخطر المؤمن منه، كأن تجنح السفينة المؤمن عليها دون أن تلحقها أضرار، إذ تقضي المادة 95 من الأمر 95-07 السالف الذكر في هذا الصدد بأنه " لا يجوز لأي كان أن يطالب باستفادة التأمين إذا لم يلحقه ضرر".
المبحث الأول
الأخطــار المضمونــة في عقد التأمين البحري
يضمن المؤمن الضرر اللاحق بالمؤمن له من جراء تحقق الخطر، وعلى ذلك فقد حدد المشرع الجزائري الأخطار التي يضمن المؤمن نتائجها في المادة 101 من الأمر 95-07 السالف الذكر، كما للأطراف أن يحددا الأخطار المضمونة والمستبعدة في عقد التأمين، إذ أن المادة 101 لم يذكرها المشرع في المادة 96 من نفس الأمر من بين المواد التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، إذ تنص المادة 96 على ما يلي:" يخضع الطرفان المتعاقدان لأحكام المواد:93 و95 و98 و100 و102 و105 و107 و108 (1و3) و111(2) و113 و115 و118 و121 و126 و133 و192 و193 و201 و202 من هذا الأمر ".
وعلى ذلك لا يجوز للأطراف الاتفاق على ضمان أحد الأخطار المستبعدة بالمادة 102 من نفس الأمر، إذ وردت بين المواد التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.
انطلاقا من ذلك سنحـاول تحديـد الأخطـار المضمونة كما حـددها القانون، ثم وثائـق التأمـين في مطلـب أول، ونتعرض في المطلب الثاني لصور لبعض الأخطار المضمونة مركزين على أهم الأخطار التي لطالما اعترضت الرسالة البحرية منذ القدم.
المطلب الأول
تحديد الأخطار المضمونة
نتعرض للأخطار المضمونة بحكم المادة 101من الأمر 95-07 السالف الذكر، ثم للتحديد الإتفاقي لهذه الأخطار.
الفرع الأول : التحديد القانوني للأخطار المضمونة
نصت المادة 101من الأمر 95-07 السالف الذكر أنـــه " يغطي المؤمن الأضرار المادية التي تلحق حسب الحالة الأموال والبضائع المشحونة وهياكل السفن المؤمن عليها الناتجة عن الحوادث المباغتة أو القوة القاهرة و/ أو الأخطار البحرية طبقا للشروط المحددة في العقد كما يغطي:
أ ـ الإسهام في الخسائر العامة وتكاليف مساعدة وإنقاذ الأموال المؤمن عليها إلا إذ نجم عنه خطر مستبعد في التأمين.
ب ـ المصاريف الضرورية والمعقولة المنفقة قصد حماية الأحوال المؤمن عليها من خطر وشيك الوقوع أو التخفيف من آثاره.
يعني بعبارة " البضائع المشحونة" البضائع المنقولة ".
بتحليل هذه المادة نجدها حددت الأخطار المضمونة من حيث النتائج المترتبة على حدوثها، بمعنى أنها حددت الأضرار اللاحقة بالمؤمن له من جراء تحقق خطر مضمون، هذا من جهة، كما حددت الأخطار المضمونة باعتبارها السبب المؤدي إلى الضرر من جهة أخرى، وهو ما يجعلنا نتناول المسألة في فقرتين كالآتي:
أولا: تحديد الأخطار المضمونة من حيث النتائج المترتبة على حدوثها
حددت المادة 101 من الأمر 95-07 السالفة الذكر الأخطار المضمونة من حيث طبيعتها كما يلي:
1 ـ إما أضرار مادية تصيب السفينة أو البضائع، ومن ثم فإن المؤمن لا يسأل عن الأضرار التي لا تعد مادية وتلحق مباشرة بالأشياء المؤمن عليها، كالتأخير، وفروق الأسعار، والعقبات التي لا تؤثر في العملية التجارية التي يجريها المؤمن له.
2 ـ وإما مساهمة في الخسائر العامة، شرط ألا تكون هذه الخسائر ناجمة من خطر مستبعد من الضمان بنص القانون أو الاتفاق، وما يقصده المشرع بالخسائر العامة هو الخسائر المشتركة، وهي كل تضحية أو مصاريف غير اعتيادية يقررها الربان تبذل أو تنفق عن قصد وبكيفية معقولة من أجل السلامة العامة لاتقاء خطر داهم يهدد السفينة والأموال الموجودة عليها، إذ يشترك كل من صاحب السفينة والشاحن في تحمل الخسائر المشتركة، لكن المشرع اشترط ألا تكون ناجمة عن خطر مستبعد من الضمان بحكم القانون أو الاتفاق، كالأضرار الناتجة عن مخالفة أنظمة الاستيراد والتصدير.
3 ـ وإما مصاريف أنفقت على وجه معقول اقتضتها ضرورة حماية الأموال المؤمن عليها لتجنب نتائج الأخطار المؤمن ضدها أو التخفيف منها، طالما أن هذه النفقات هي في فائدة المؤمن كونها تؤدي إلى تخفيف مسؤوليته عن ضمان الشيء المؤمن عليه، إذ لو تحقق الخطر لكان مبلغ التأمين الذي يدفعه المؤمن بلا شك أكبر من المصاريف التي أنفقت لتجنب وقوع الخطر المؤمن ضده، وغالبا ما تكون هذه النفقات من قبل الخسائر المشتركة، كما هو الشأن في مكافأة المساعدة.
4 ـ وإما تعويضات مستحقة للغير في حالة طعن هذا الأخير على المؤمن له بسبب اصطدام السفينة المؤمن عليها بسفينة أخرى، أو مبنى، أو أي جسم ثابت أو عائم، باستثناء الأضرار اللاحقة بالأشخاص، وهو ما نصت عليه المادة 132 من الأمر 95-07 السالف الذكر.
ثانيا: تحديد الأخطار المضمونة باعتبارها السبب المؤدي إلى الضرر
لم تحدد المادة 101 هذه الأخطار على سبيل الحصر، إذ نصت فقط على ضمان المؤمن لما يترتب من أضرار من حوادث مباغتة، أو قوة قاهرة، أو أخطار بحرية.
فأما القوة القاهرة أو الحوادث المباغتة فيقصد بها الحادث غير المتوقع، والذي لا يمكن رده، و يسبب ضررا للسفينة أو للبضاعة، ومثال ذلك العاصفة البحرية والضباب البحري وهيجان البحر ، ومن ثم فإن التأمين لا يشمل الصعوبات العادية للملاحة كالحركة العادية للرياح والأمواج أو إهتلاك السفينة بالاستعمال، لأنها حوادث متوقعة، والغرض من التأمـين هو ضمان الـحوادث التي يحتمل أن تـقع، لا الـحوادث الـتي يجب أن تـقع.
وأما عن الخطر البحري فقد سبق أن قلنا أن المشرع الجزائري اعتمد معيار واسع في تحديد مفهوم الخطر البحري، بحيث يضمن المؤمن كل خطر تعرضت له الأشياء المؤمن عليها بمناسبة القيام بعملية بحرية طبقا للمادة 92 من الأمر 95-07 السالف الذكر.
إلا أنه وطالما أن المادة 101 من الأمر 95-07 ليست من القواعد الآمرة بحكم المادة 96 من نفس الأمر، فإنه يجب على طرفي العقد تحديد الأخطار التي يشملها الضمان كما سنراه في الفرع الثاني.
الفرع الثانـي : التحديد الاتفاقي للأخطار المضمونة
يجب تحديد الأخطار المؤمن منها في وثيقة التأمين، وبذلك يتحدد المحل في عقد التأمين، فقد يؤمن الشخص من خطر معين أو من جميع الأخطار التي تنشأ من نشاط معين، وللمتعاقد الحرية في حدود النظام العام في تعيين الخطر الذي يراد التأمين منه، و في ذلك نصت المادة 98 من الأمر 96-07 أن عقد التأمـين يجب أن يحتوي على الأخطار المؤمن عليها والأخطار المستبعدة.
واعتمادا على ذلك فإن ضمان الأخطار واستبعادها في القانون أصبح أمرا لا أهمية له في العمل، إذ يستطيع أطراف التأمين دائما الاتفاق على ضمان أخطار لم يرد في القانون نص بضمانها، واستبعاد أخطار مضمونة قانونا، كما يستطيع الأطراف أن يتفقوا على ضمان أخطار مستبعدة متى أجاز القانون الاتفاق على ضمانها.
وعلى ذلك فيمكن للأطراف الاتفاق على ضمان أخطار الحرب والقرصنة أو الاستيلاء، وكلها أخطار استبعدها المشرع الجزائري من الضمان بنص المادة 103 من الأمر 95-07 السالف الذكر، غير أن هذه المادة لم ترد في المادة 96 من نفس الأمر من بين القواعد الآمرة، وبالتالي يجوز الاتفاق على ضمان الأخطار التي استبعدتها.
كما يمكن للأطراف الاتفاق على ضمان كل الأخطار التي قد تحدث للسفينة خلال الرحلة البحرية طبقا للمادة 125 من نفس الأمر، باستثناء الأخطار المستبعدة بموجب نص أمر في القانون، ومن ذلك ما نصت عليـه المادة 102 من نفس الأمر، إذ لا يمكن للأطراف الاتفاق على ضمان أخطاء المؤمن له المتعمدة أو الجسمية، أو الخسائر المادية الناتجة عن مخالفات أنظمة الاستيراد أو التصدير.
المطلب الثاني
صور لبعض الأخطار المضمونة
بعد أن خلصنا إلى أن المؤمن يضمن الأضرار التي تلحق بالشيء المؤمن عليه من جراء تحقق خطر متعلق بعملية بحرية، فقد رأينا أن نتعرض لبعض هذه الأخطار بالتفصيل، ولا بأس أن نذكر أننا سندرس هذه الأخطار باعتبارها السبب المؤدي إلى حدوث أضرار للمؤمن له.
وعلى ذلك نتناول الموضوع في فرعين، فنخصص الفرع الأول للأخطار البحرية الرئيسية، ونخصص الفرع الثاني لخطأ المؤمن له أو الربان.
الفرع الأول : الأخطـار البحريـة الرئيسيـة
لما كانت الأخطار البحرية التي يضمن المؤمن البحري نتائجها لا يمكن أن تدخل تحت الحصر، فإننا سنركز على أهم هذه الأخطار، فنتطرق للتصادم، ثم الحريق، ثم العاصفة والغرق والجنوح، وأخيرا الرمي في البحـر.
أولا: التصادم
عرف التصادم بأنه ارتطام يقع في البحر بين سفينتين، أو بين سفينة ومركب ملاحة داخلية، وهو التعريف الذي أخذ به المشرع الجزائري في المادة 273 من التقنين البحري، كما شبه الآليات العائمة بالسفن في حالة التصادم، غير أن التصادم يشمل كذلك طبقا للمادة 132 من الأمر 95-07 السالف الذكر ارتطام السفينة بجسم ثابت، كرصيف أو حاجز أو جسم متحرك كالحطام.
وأسباب التصادم عديدة، إذ يقع بسبب عاصفة أو نتيجة سوء الأحوال الجوية وتعذر الرؤية تبعا لذلك، كما قد يكون سببه خطأ الربان أو البحارة، وأيا كانت أسبابه، فإن التصادم يعتبر دائما خطرا بحريا .
وللتصادم أحوال:
1 ـ فالتصادم القهري هو ذلك التصادم المتعذر تجنبه، فلا يقع فيه اللوم على أي من السفينتين، وطبقا للمادة 281 من التقنين البحري الجزائري فإن الضـرر الناتج عن التصادم القهري يقـع عـلى عاتـق من أصابـه، وهو بذلك يدخل تحت غطاء الأخطار البحرية المضمونة، فيتوجب على المؤمن البحري ضمان نتائجه عند حدوثه.
2 ـ أما إذا نتج التصادم بخطأ إحدى السفن، فطبقا للمادة 277 من التقنين البحري يقع تعويض الأضرار على عاتق السفينة التي ارتكبت الخطأ، وعلى ذلك فالمؤمن يكون ضامنا للأضرار التي سببتها السفينة المؤمن عليها للسفينة المضرورة، أو أي جسم آخر ثابت أو متحرك لحقه ضرر بسبب خطأ السفينة المؤمن عليها في حالة طعن الغير على المؤمن، وذلك طبقا للمادة 132 من الأمر 95-07 السالفة الذكر، ويضمن المؤمن كذلك الأضرار اللاحقة بالسفينة المؤمن عليها نتيجة تصادم بسبب خطأ السفينة الأخرى، باعتباره خطرا بحريا، إذ يعتبر خطأ السفينة الأخرى في هذه الحالة من قبيل الفعل الصادر من الغير الذي يعتبر بمثابة قوة قاهرة غير أن المادة 118 من الأمر 95-07 السالف الذكر أعطت المؤمن الحق في الحلول محل المؤمن له في مطالبة الغير الذي أحدث الضرر للشيء المؤمن عليه بالتعويض، وذلك في حدود التعويض الذي يدفعه للمؤمن لـه .
3 ـ وفي حالة نتج التصادم بخطأ مشترك لسفينتين أو عدة سفن فإن المادة 278 من التقنين البحري وزعت مسؤولية كل منها في تعويض الأضرار بنسبة جسامة الأخطاء التي ارتكبتها كل منها، وإن لم يمكن تحديد نسبة الخطأ وزعت المسؤولية على حصص متساوية، وبالتالي يكون المؤمن مسؤولا عن حصة السفينة المؤمن عليها.
ثانيا: الحريق والانفجــار
الحـريق هو اشتعال حقيقي في شيء قابـل للاحتراق، والسفينة بما تـحوي من بضائـع هي إحـدى العناصـرالقابـلة للاحتراق، ويضمـن المؤمن الأضـرار الناجـمة عن الحريــق، ولو أنه مستقل تماما عن حالة البحر.
والجدير بالملاحظة أن المؤمن لا يضمن إلا الحرائق الناتجة عن سبب قهري، فلا يضمن الحرائق الناتجة عن خطأ عمدي من الربان أو المؤمن له، وما ذكرناه يصدق على الانفجار، إذ يضمن المؤمن البحري الأضرار الناتجة عن انفجار الآلات أو البضائع الخطرة كالسوائل القابلة للانفجار.
ثالثا: العاصفة والغرق والجنوح
العاصفة هي اضطراب الجو اضطرابا عنيفا، يتمثل في رياح شديدة تستتبع ارتفاع الأمواج ارتفاعا غير معتاد، وهي في الواقع السبب الرئيسي للأخطار البحرية الأخرى، ويضمن المؤمن الأضرار المترتبة عن العاصفة، إذ تعد خطرا بحريا، ولا يدخل في ذلك سوء الأحوال الجوية، إذ تعد من الظروف العادية التي يمكن توقعها.
وأما الغرق فهو اختفاء السفينة تحت سطح الماء وفقدانها القدرة على الطفو، والجنوح هو توقف السفينة عن الملاحة فترة من الزمن لاحتكاكها بقاع البحر أو شاطئه أو الصخور أو الشعاب أو حطام السفن الغارقة أو أي عقبة أخرى دون أن تتمكن من الخروج من هذا المأزق بوسائلها الخاصة.
وغالبا ما يكون سبب الغرق أو الجنوح هو العاصفة ، فيضمن المؤمن للأضرار الناتجة عنها بوصفها أخطارا بحرية شريطة ألا تكون نتيجة خطأ متعمد من الربان أو المؤمن له.
رابعا: الرمي في البحر
قد يحدث أن تتعرض السفينة أثناء رحلتها لخطر بحري كارتفاع الأمواج أو عاصفة شديدة، بحيث يكون إنقاذها وإنقاذ الحمولة متوقفا على التضحية ببعض أجزاء السفينة وإلقائها بالبحر، كإلقاء بعض الأجهزة الثابتة بالسفينة لعبور جسر يؤدي بالسفينـة إلى مكـان آمـن ، أو رمـي البضائـع في البحـر لتخفيـف حمولـة السفينة، ويجب أن يشبه بالرمي جميع الأضرار التي يحدثها الربان اختيارا بالسفينة أو البضائع لأجل سلامة الرسالة البحرية ، إذن فالمؤمن يضمن كل التضحيات التي يقررها الربان لاتقاء خطر داهم، وتعد هذه الخسائر من قبيل الخسائر المشتركة
والخلاصة أن الأخطار البحرية كثيرة، لا يمكن حصرها بأي حال من الأحوال، وطالما عرفنا الخطر البحري بأنه الحادث الفجائي الذي يحدث على البحر خلال العملية البحرية، فإن المؤمن يسأل عن تلف البضاعة بسبب ارتفاع حرارة الجو ارتفاعا غير عادي، وتسرب السوائل العرضي، وتكثف البخار في عنابر السفينة .
تلك هي أهم الأخطار البحرية التي يمكن أن تعترض الرحلة البحرية، وننتقل في الفرع الثاني إلى دراسة الخطأ والأحوال التي يعد فيها من قبيل الأخطار البحرية.
الفرع الثاني
إدخال الخطأ في الأخطار البحرية المضمونة
قد تتعرض السفينة والبضاعة لخطر كبير بسبب أخطاء المؤمن له أو الربان، غير أن المشرع الجزائري يميز في هذا الصدد بين خطأ الربان العمدي وغير العمدي من جهة، ويميز من جهة أخرى بين أخطاء المؤمن له المتعمدة أو الجسيمة، وبين أخطائه غير المتعمدة وغير الجسيمة، وعلى ذلك نتطرق لخطأ كل من المؤمن لــه والربان، ونبين الأحوال التي يغطي فيها المؤمن الأضرار التي يتسببان فيها بخطئهما.
أولا: خطأ المؤمن له
الأصل أن عقد التأمين عقد احتمالي يقوم على احتمال تحقق الخطر أو عدم تحققه، وإذا ساغ للمؤمن لـه أن يتسبب بفعله في تحقق الخطأ الذي يعطيه الحق فـي التعويض لانتفـى الاحتمال بالنسبـة إليـه، وعلى ذلـك نصت الفقرة الأولى من المادة 102 من الأمر 95-07 السالف الذكر أنه " لا يضمن المؤمن الأخطار الآتية وعواقبها : 1 ـ أخطاء المؤمن له المتعمدة أو الجسيمة...........".
وبهذا تكون أخطاء المؤمن له العمدية أو الجسيمة غير قابلة للضمان بصورة قطعية، وهو ما اعتمده المشرع الجزائري في هذا الصدد، إذ أورد المادة 102 المذكورة أعلاه ضمن القواعد الآمرة التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحكم المادة 96 من نفس الأمر المذكور، ذلك أنه إن كان خطأ المؤمن له المتعمد يخلع عن الخطر صفة الاحتمالية، فإن الخطأ الجسيم يؤدي إلى ذات النتيجة، لأن المؤمن له الذي يرتكب خطأ جسيما يسبب هلاك الأموال المؤمن عليها أو تلفها يكون قد اغفل اتخاذ أقل حد من التدابير اللازمة للمحافظة على الأموال المؤمن عليها ، ونزل بذلك عن عناية الرجل العادي .
غير أنه يفهم من المادة 102 المذكورة أعلاه بمفهوم المخالفة أن أخطاء المؤمن له غير العمدية وغير الجسيمة تبقى مغطاة بالضمان ، ذلك أنه من غير المعقول أن يتحمل المؤمن له نتائج الخطر بمجرد إهمـال بسيط أو عـدم حيطة في جانبه، وعلى ذلك فقد استقر الرأي على جواز التأمين من خطأ المؤمن له غير المتعمد وغير الجسيم.
ثانيا: خطــأ الربــان
كان خطأ الربان يمثل في الماضي نسبة كبيرة من الأخطار التي تتعرض لها السفينة والبضاعة، حيث لم تكن وسائل الاتصال بين مختلف بقاع المعمورة قد عرفت، وكانت السفينة والبضاعة تحت رحمة الربان والبـحارة كلية، وتبعا لذلك كان المؤمن غير مسؤول عن الأضرار التي تنشأ عن خطأ الربـان، سواء كان متعمـدا أو غير متعمد، ذلك أن مالك السفينة هو الذي اختار الربان، فيجب أن يتحمل هو لا المؤمن تبعة اختياره.
وإذا كان لهذا الحكم ما يبرره في التأمين على السفينة إذ يعد الربان تابعا لمالك السفينة، فإنه على العكس من ذلك بالنسبة للتأمين على البضائع، إذ علاقة التبعية بين الشاحن والربان منعدمة، فتقرير عدم مسؤولية المؤمن عن أخطاء الربان في التأمين على البضائع ليس له ما يبرره، ولذلك نجد المشرع الجزائري يميز بين التأمين على هيكل السفينة، والتأمين على البضائع في هذا الصدد.
ففي التأمين على السفينة يكون خطأ الربان العمدي غير مغطى من المؤمن، وذلك بحكم علاقة التبعية بين المجهز أو مالك السفينة وربان السفينة، أما الأخطاء غير العمدية فتبقى مغطاة بالضمان، إذ تنص المادة 126 من الأمر 95-07 السالف الذكر والتي وردت في القسم المتعلق بالتأمين على هيكل السفينة أنه " لا يضمن المؤمن الأضرار والخسائر المنجرة عن خطأ عمدي يرتكبه ربان السفينة ".
أما في التأمين على البضائع فيبقى المؤمن ملزما بضمان الأضرار الناتجة عن خطأ الربان واللاحقة بالبضائـع، إذ الخطر الناتج عن خطأ الربان خارج عن إرادة المؤمن له، كما أن الربان لا تربطه بالشاحن أية صلة تبعية أو صلة اختيار، وعلى ذلك فلم يستبعد المشرع الجزائري خطأ الربان من الضمان في القسم المتعلق بالتأمين على البضائع المشحونة.
والخلاصة أن المؤمن يضمن الأضرار الناتجة عن أخطاء الربان بالنسبة للتأمين على البضائع، أما بالنسبة للتأمين على السفينة فإن المؤمن لا يضمن أخطاء الربان المتعمدة أو الجسيمة.
المبحث الثانـي
الأخطـار المستبعـدة من التأمين
بديهي أن الأخطار المستبعدة قانونا تعتبر واردة في القانون على سبيل الحصر، إذ أنها استثناء على الأصل فلا يجوز القياس عليها، غير أنه يحق لأطراف عقد التأمين الاتفاق على استبعاد أخطار أخرى غير الأخطار المستبعدة في القانون .
ويفرق المشرع الجزائري بين نوعين من الأخطار المستبعدة، فهناك أخطار غير قابلة للضمان بصورة قطعية، وأخطار أخرى غير قابلة للضمان إلا باتفاق خاص، فأما الأخطار المستبعدة بصورة قطعية فهي ما نصت عليه المادة 102 من الأمر 95-07 السالف الذكر، وأما الأخطار الغير القابلة للضمان إلا باتفاق خاص فهي ما نصت عليه المواد 103، 127و 138 من نفس الأمر.
المطلب الأول : الأخطار المستبعدة قطعا
الأخطار المستبعدة قطعيا هي الأخطار التي نص عليها الأمر 95/07 في نصوص آمرة لا يمكن للأطراف مخالفتها وهي كل من :
الفرع الأول : أخطاء الربان المتعمدة أو الجسيمة
تطرقنا في المبحث الأول من هذا الفصل إلى كل من خطأ الربان العمدي أو الجسيم بوصفه خطرا مستبعدا بنص المادتين 102 و 126 ، وقد ميزنا بين الضرر الذي يلحق السفينة بسبب الخطأ العمدي أو الجسيم للربان فيكون مستبعدا قطعا من الضمان، وبين الأضرار التي تلحق البضاعة بفعل الخطأ العمدي أو الجسيم للربان ، أين تبقى البضائع مشمولة بالضمان.
السؤال المطروح هو لماذا أورد المشرع المادة 102 ضمن النصوص الآمرة ، عكس المادة 126 بالرغم من نصهما المشترك على استبعاد ضمان أخطاء الربان العمدية او الجسيمة؟!
الفرع الثاني : الأضرار المادية الناتجة عن مخالفة القانون
نصت الفقرة الثانية من المادة 102 من الأمر 95-07 السالف الذكر أن المؤمن لا يضمن الأضرار والخسائر المادية الناتجة عن مخالفات أنظمة الاستيراد والتصدير والعبور والنقل، والغرامات والمصادرات الموضوعة تحت الحراسة، والاستيلاء، والتدابير الصحية أو التطهيرية. وهي كلها أضرار ناتجة عن أخطار غير مشروعة محظورة بصفة مطلقة لمخالفتها للنظام العام، كأعمال التهريب والاتجار بالمخدرات.
فالقانون لا يحمي إلا المصالح المشروعة، فإن تعلق الخطر بنشاط غير مشروع للمؤمن له استبعد ذلك الخطر من مجال الضمان بصفة قطعية.
الفرع الثالث : الانفجارات النووية والاشعاعية
وردت الأضرار الناتجة عن خطر الانفجارات النووية والاشعاعية في المادة 102 من قانون التأمينات التي تضمنت أخطارا مستبعدة من التأمين البحري بصفة مطلقة، حيث نصت على استبعاد الأضرار الناشئة بطريق مباشر أو غير مباشر عن الانفجار وإطلاق الحرار والإشعاع المتولد عن تحول نووي للذرة أو الإشعاعية وكذلك الأضرار الناتجة عن آثار الاشعاع الذي يحدثه التعجيل المصطنع للجزيئات.
المطلب الثاني
الأخطار المستبعدة مع إمكانية الضمان باتفاق
نص الأمر 95-07 على مجموعة من الأخطار المستبعدة من الضمان إلا إذا كان هناك اتفاق مخالف لذلك في المواد ، ، 138 ، وهي كل من أخطار الحرب الأهلية أو الأجنبية، وأعمال القرصنة والاستيلاء والحجز أو الاعتقال، والفتن والاضطرابات الشعبية، وإغلاق المصانع والإضرابات، وأعمال التخريب والإرهاب والأضرار غيرالخسائر المادية 103، بالاضافة إلى العيب الذاتي في السفينة 127 ، وأخيرا بعض الأضرار التي تلحق البضاعة.
الفرع الأول : الأخطار الحربيــة
لا يشمل التأمين أخطار الحرب والأخطار المشابهة لها، إلا اذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك.
أولا: المقصود بالخطر الحربي
الخطر الحربي هو حالة فعلية توجد كلما وجد عمل من أعمال الحرب يهدد السفينة أو الشحنة، أو هو الحادث الذي يكون سببه المباشر عملا حربيا، فيعد من الأخطار الحربية إصابة السفينة بقذيفة، أو اصطدامها بلغم بحري، وتوقيف السفينة عن السفر بأمر السلطة العامة، أو اغتنام السفينة أو البضاعة المشحونة عليها، كما يعد خطرا حربيا إلتجاء السفينة إلى ميناء أو تغيير طريقها خشية تدميرها، أو وقوعها في يد العدو ولو لم يكن ثمة عمل عدائي موجه مباشرة إلى السفينة .
كما وتعد الأضرار اللاحقة بالسفينة التجارية ناتجة عن خطر حربي إذا ما كانت السفينة تقوم بأعمال حربية خروجا عن عملها الطبيعي.
وقد كانت الأخطار الحربية قديما أخطارا عادية للملاحة البحرية نظرا لكثرة الحروب البحرية وطول مدتها، وبعد أن أخذت الحروب البحرية في النقصان، أصبحت المخاطر الحربية أخطارا استثنائيـة بحتة، لذلك فقد أدرج المشرع الجزائري الأخطار الحربية ضمن الأخطار المستبعدة، وسبب الاستبعاد يرجع إلى جسامة الخطر الحربي بالقياس مع الأخطار البحرية الأخرى، ومن ثم إلى ضرورة إتاحة الفرصة للمؤمن لـيرى إن كـان بإمكانـه تأمين خطـر الـحرب، وليحـدد الشـروط، وخاصـة القسط المقابل لجسامة هذا النوع من الأخطار.
ثانيا: إثبات الخطر الحربي
لا شك أن إثبات الخطر الحربي يكتسي أهمية كبرى في التأمين البحري، إذ لو ثبت أن الأضرار اللاحقة بالشيء المؤمن عليه يرجع سببها إلى خطر حربي فإن ذلك يعفي المؤمن من ضمان نتائج هذا الخطر إذا لم يكن محل شرط خاص في عقد التأمين. وعلى ذلك نصت المادة 104 من الأمر 95-07 السالف الذكر أنه "يفترض في حالة انعدام الدليل الذي يمكن من إسناد الحادث إلى خطر حربي أنه ناتج عن خطر بحري".
وبالتالي فالمشرع الجزائري لم يخرج عن القاعدة العامة في الإثبات، والتي مفادها أن الإثبات يقع على المدعي، إذ يقع على المؤمن إثبات الخطر الحربي ليعفى من الضمان، فالمشرع قد افترض أن الخطر الذي يحدث للأشياء المؤمن عليها خلال الرحلة البحرية هو خطر بحري، إلى أن يثبت العكس، وذلك بإقامة الدليل على أن الضرر سببه خطر حربي لا بحري. على أن إثبات الخطر الحربي يكون بجميع طرق اثبات الوقائع المادية.
الفرع الثاني : الأخطار المشابهة للخطر الحربي
إضافة إلى الأخطار الحربية الناتجة عن حرب أهلية أو أجنبية، عددت الماد 103 من الأمر 95-07 أخطارا أخرى شبيهة بالخطر الحربي، لا يضمنها المؤمن البحري إلا باتفاق خاص مع المؤمن له، وهي كالآتــي:
أولا: أعمال التخريب والإرهـاب
وهي كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، فيعد الاعتداء على وسائل المواصلات والنقل والملكيات العمومية والخاصة، والاستحواذ عليها دون مسوغ قانوني من أعمال التخريب والإرهاب، وهي أخطار استثنائية لا يشملها التأمين البحري إلا باتفاق خاص على ضمانها في وثيقة التأمين (التأمين على البضائع).
ثانيا: القرصنة والاستيلاء والحجز أو الاعتقال الصادر عن الحكومات والسلطات
وهي كلها تمثل أخطارا استثنائية، لا يشملها التأمين البحري إلا باتفاق خاص، إما بوصفها خطرا حربيا إن كانت متعلقة بالحرب، وإما بسبب طبيعتها الخاصة إذا لم تكن ثمة حرب، والعلة من استبعادها تكمن في جسامة أضرارها بالمقارنة مع الأخطار البحرية الأخرى، إذ تترك للاتفاق الخاص بين أطراف عقد التأمين وفقا لشروط خاصة بها، وخاصة مقدار القسط.
ثالثا: الفتن والاضطرابات الشعبية وإغلاق المصانع والإضرابات
وهي كل حركة يقوم بها جانب من الشعب ضد السلطة للحصول على مطالب معينة عن طريق العنف، وهي أخطار مستبعدة من مجال الضمان في التأمين البحري، كونها أخطار تحدث في ظروف استثنائية، يترك تقدير ضمانها في وثيقة التأمين إلى أطراف العقد باتفاق خاص، وإلا فلا يشملها التأمين البحري.
رابعا: اختراق الحصار
نصت المادة 103 من الأمر 95-07 أن التأمين البحري لا يشمل خطر اختراق الحصار، إلا إذا كان هناك اتفاق مخالف، وذلك رغم أن خطر اختراق الحصار هو خطـر غير مشـروع، يحظـر أن يشملــه التأمين البحري بصفة مطلقة لمخالفته للنظام العام، إذ أن الحصار يفرض بأمر من السلطة على منطقة بحرية معينة، فالسفينة التي تمارس الملاحة في هذه المنطقة تكون قد خالفت النظام العام، فهل من المعقول أن يجيز القانون للأطراف الاتفاق على مخالفة النظام العام ؟!
المطلب الثالث
الأخطار الأخرى المستبعدة من الضمان
هي أخطار مستبعدة من الضمان بنص القانون، تخرج من دائرة الأخطار الحربية والأخطار المشابهة لها، غير أنه يمكن اتفاق الأطراف على ضمانها وهي :
الفرع الأول : النفقات والتعويضات الناتجة عن الحجز
نصت الفقرة السابعة من المادة 103 من نفس الأمر أن المؤمن لا يضمن النفقات أو التعويضات المبنية على الحجز، أو الكفالات المدفوعة لتخليص الأشياء المحتجزة ، إلا إن كانت ناتجة عن خطر مضمون.
فالمؤمن لا يضمن النفقات المدفوعة لتخليص السفينة المؤمن عليها المحتجزة نتيجة اختراقها للحصار المفروض على منطقة بحرية ما.
غير أن هذه النفقات والتعويضات تبقى مشمولة بالضمان إذا كانت ناتجة عن خطر مضمون أصلا، كالعاصفة التي تدفع السفينة إلى منطقة محظورة يترتب عنها حجز السفينة وتغريمها.
غير أنه وطالما أن المادة 103 المذكـورة أعلاه ليست من النظـام العام فإنه يمكن للأطـراف الاتفـاق على ضمــان الأضرار الواردة بهذه المادة في وثيقة التأمين حتى ولو لم تكن ناتجة عن خطر مضمون.
الفرع الثاني : الأضرار التي لا تدخل في نطاق الخسائر المادية
تنص المادة 103 من قانون التأمينات في فقرتها الأخيرة أن المؤمن لا يسأل عن كل ضرر لا يدخل في نطاق الأضرار والخسائر المادية التي تصيب المال المؤمن عليه مباشرة. كالتأخير، وفروق الأسعار، والعقبات التي تؤثر في العملية التجارية، إذ القاعدة أن التأمين يهدف إلى ضمان الأضرار المادية التي تلحق الشيء المؤمن عليه مباشرة، غير أنه يجوز الاتفاق على خلاف هذه القاعدة لأنها ليست من النظام العام، إذ أن المادة 103 لم ترد ضمن المواد التي عددتها المادة 96 من نفس الأمر والتي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.
استبعاد الأضرار غير المادية يمكن اسناده أيضا إلى المادة 101 من الأمر 95/07 التي تنص على ضمان الأضرار المادية الناتجة عن... ، أي أنه وبمفهوم المخالفة يستبعد من الضمان الأضرار والخسائر غير المادية.
الفرع الثالث : العيب الذاتي في الشيء المؤمن عليه
لا يضمن المؤمن الأخطار والأضرار الناتجة عن العيب الذاتي في الشيء المؤمن عليه سواء كان سفينة أو بضاعة وذلك بنص المادة 103/1 ، ونلاحظ هنا أن المشرع نص عن العيب الذاتي الظاهر وليس الخفي.
هذا الاستبعاد أكدته المادة 127 من الأمر 95/07 بالنص على أنه لا يضمن المؤمن إلا إذا اتفق على خلاف ذلك الخسائر والأضرار الناتجة عن عيب ذاتي في السفينة ، غير أن الأضرار والخسائر الناتجة عن عيب خفي في السفينة مضمونة.
الفرع الرابع : بعض الأضرار المتعلقة بالبضائع
هذه الأضرار نصت عليها المادة 138من الأمر 95/07 بالنص : تستبعد من الضمان الأضرار والخسائر المادية الناتجة عن :
- حزم أو تعبئة البضاعة بشكل غير كافي
- ضياع جزء من البضاعة أثناء الطريق
- التأخير في تسليم البضاعة.
كما يدخل في الأخطار المستبعدة الأضرار التي تسببها البضائع المؤمن عليها لأموال أخرى أو لأشخاص آخرين وذلك بموجب الفقرة 6 من المادة 103 من قانون التأمينات.
-
الآثار القانونية المترتبة عن
عقد التأمين البحري
نظرا إلى أن عقد التأمين من العقود الملزمة للجانبين فإنه ينشىء إلتزامات على عاتق كل من المؤمن والمؤمن له، والتي سوف نتناولها كالآتي:
المطلب الأول
حقوق والتزامات المؤمن له
الفرع الأول: الإلتزام بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بالخطر:
عقد التأمين البحري شأنه شأن باقي العقود الأخرى، فهو عقد يبنى على الأمان وحسن النية والثقة المتبادلة بين الأطراف لذلك كان لزاما على المؤمن له أن يبذل العناية اللازمة للمحافظة على مصالح المؤمن وحقوقه، وهذا الإلتزام الذي هو إلتزام قانوني، لذلك يجب على المؤمن أن يحدد الخطر تحديدا دقيقا وذلك بإعطاء كل المعلومات التي من شأنها تسهيل عملية حصر الخطر ومدى جسامته، لأن عدم القيام بذلك يؤدي إلى عدم إمكانية تحديد مبلغ التعويض المستحق له بصورة واضحة وهذا ما قضت به المادة108 من الأمر 95-07 المتعلق بالتأمين بنصها: »يترتب على المؤمن له:
1-أن يقدم تصريحا صحيحا بجميع الظروف التي عرفها والتي تسمح للمؤمن بتقدير الخطر.
2-أن يدفع القسط حسب الكيفيات المحددة في العقد.
3- أن يصرح خلال عشرة أيام على الأكثر بعد إطلاعه أي تفاقم للخطر المضمون حصل أثناء العقد........ «
ولقد جرى العمل على أن تلجأ شركات التأمين إلى الحصول على البيانات التي يجب على المؤمن له توضيحها عن طريق نماذج مطبوعة تتضمن أسئلة محددة يجيب عليها هذا الأخير بوضوح، إلا أنه يجب على المؤمن له إذا تبين له أن بيانا هاما يتعلق بظرف من شأنه التأثير في درجة احتمال الخطر أو في درجة جسامته وأغفله المؤمن أن يدلي به من تلقاء نفسه.
ويقع هذا الإلتزام على عاتق المؤمن له سواء عند إبرام العقد أو أثناء سريان العقد أو عند تحقق الخطر.
وقد تضمنت المواد 109-110-113 من الأمر 95-07 المتعلق بالتأمينات جزاء الإخلال بهذا الالتزام. فإذا أخل المؤمن له بهذا الإلتزام يستطيع المؤمن أن يطالبه بالزيادة في القسط، وإذا وقع حادث في تلك الأثناء يجوز له أن يخفض التعويض بمعدل القسط المدفوع بالنسبة إلى القسط المستحق فعلا، غير أنه يمكن للمؤمن أن يطالب بإبطال العقد إذا أثبت أنه لم يكن ليغطي الخطر لو كان مطلعا عليه عند إكتتاب وثيقة التأمين أو عند تفاقم الخطر، ويترتب على كل تصريح غير صحيح يقدمه المؤمن له عن سوء نية بخصوص حادث ما سقوط التأمين، ويقع عبء الإثبات على عاتق المؤمن.
الفرع الثاني: الإلتزام بدفع قسط التأمين:
القسط هو المقابل المالي الذي يلتزم المؤمن له بدفعه للمؤمن نظير تحمله الخطر وإلتزامه الاحتمالي بالتعويض، ويستحق بمجرد إبرام العقد بين الطرفين. ويترتب على عدم الوفاء بالقسط حق المؤمن في فسخ العقد، وغالبا ما تتضمن وثيقة التأمين شرطا يقضي بوقف عقد التأمين إذا تخلف المؤمن له عن دفع القسط على أن يعود سريان التأمين في اليوم الموالي للوفاء به.
ويتحدد قسط التأمين إما بمبلغ ثابت أو بنسبة مئوية من المبلغ المؤمن به مع مراعاة مدى احتمال تحقق الخطر المؤمن منه ومدى جسامته وطبيعة الشيء المؤمن عليه ومدة التأمين، وإذا لم يحدد القسط في عقد التأمين فيرجع إلى السعر الجاري في مكان إبرام العقد، وتتولى تحديد القسط هيئات فنية استنادا إلى الإحصائيات والخبرة التي تكشف عن درجة تحقق الخطر ودرجة جسامته، وإذا حدد لا يجوز تغييره.
أما عن مدى قابلية القسط للتجزئة، فإن محكمة النقض الفرنسية رأت أنه إذا كان إنقضاء التأمين ناشئا عن قوة قاهرة فلا يحق للمؤمن أن يتمسك بعدم قابلية القسط للتجزئة بل عليه أن يرد للمؤمن له القسط المقابل للمدة الباقية التي لا يتعرض فيها الشيء المؤمن عليه للخطر، وذلك لأنه لو انقضى إلتزام المؤمن بالضمان قبل نهاية العقد لإستحالة التنفيذ وجب أن ينقضي تبعا إلتزام المؤمن له بدفع القسط المقابل للمدة الباقية نظرا للتقابل والإرتباط بين الالتزامين، وإلا لأثري المؤمن من غير سبب على حساب المؤمن له. لكن يجوز للمتعاقدين الإتفاق على عدم تجزئة القسط واستحقاقه كاملا ولو انقضى العقد قبل نهاية المدة بقوة قاهرة وهذا ما يسمى بشرط القسط المستحق مهما كانت الحوادث.
ويتم الوفاء بالقسط وفقا للقواعد العامة التي تقضي بأن الدين مطلوب وليس محمول لذلك فإنه يكون في مكان إقامة المؤمن له، لكن عمليا في الجزائر يتم الوفاء بالقسط في موطن المؤمن.أما عن زمان الوفاء بالقسط فإنه يخضع لاتفاق الطرفين وقت إبرام العقد، لكن عمليا في الجزائر يتم دفع القسط مقدما وهذا ليتمكن المؤمن من الحصول على الأموال التي تكفل له تغطية المخاطر، وعادة ما يدفع القسط بصفة دورية تحدد بمقتضى وحدة زمنية معينة وغالبا ما تكون لمدة سنة خاصة في العقود التي لم تتجدد دوريا.
وتطبق في حالة عدم الوفاء بالقسط القواعد المتعلقة بعدم الوفاء بالإلزام وبالرجوع إلى المادة 111 من القانون 95\07، فإن المؤمن في هذه الحالة ملزم بتذكير المؤمن له بوجوب دفع القسط خلال الأيام الثمانية الموالية عن طريق رسالة مضمونة الوصول مع الإشعار بالاستلام، وإذا لم يدفع القسط بعد انقضاء هذا الأجل أوقف المؤمن الضمان، ويجوز فسخ العقد بعد 10 أيام من الإيقاف، وفي هذه الحالة يجب عليه إعلام المؤمن له برسالة مضمونة الوصول مع الإشعار بالاستلام.
ويكون هذا الإيقاف أو الفسخ عديم الأثر بالنسبة للغير حسن النية الذي أصبح مستفيدا من التأمين قبل التبليغ بالإيقاف أو الفسخ.
الفرع الثالث: الإلتزام بالمحافظة على حقوق المؤمن وحقوق الرجوع على الغير المسؤول
يلتزم المؤمن له بالقيام بكل ما من شأنه المحافظة على مصالح المؤمن وحقوقه ويترتب على هذا الالتزام عدة التزامات فرعية وهي:
- أن يلتزم المؤمن له بأن يمتنع عن أي عمل يؤدي إلى زيادة المخاطر أو تغييرها أثناء سريان التأمين.
- أن يلتزم المؤمن له بإخطار المؤمن بوقوع الحادث خلال 7 أيام من ورود الخبر إليه وذلك حتى يتمكن هذا الأخير من التحقق من طبيعة الخطر الذي وقع، فإذا تأخر المؤمن له عن الإخطار جاز للمؤمن طلب التعويض عمّا لحقه من ضرر بسبب التأخير.
- أن يلتزم بتخفيف آثار الحادث، فإذا غرقت السفينة أو جنحت أو انكسرت، فإنه يجب على المؤمن له أن يبذل جهده لإنقاذ الأشياء التي غرقت.
أما الإلتزام بالمحافظة على حقوق الرجوع على الغير المسؤول فيقتضي حلول المؤمن مكان المؤمن له في دعواه وحقوقه تجاه الغير المسؤول عن الحادث ولذلك فإن المؤمن له ملزم بإتخاذ إجراءات مناسبة للحفاظ على حقوقه تجاه الغير المسؤول حتى يتسنى للمؤمن الحلول محله.
المطلب الثاني
إحقوق والتزامات المؤمن
الفرع الأول : إلتزام المؤمن بتكوين احتياطي حسابي لصالح المؤمن له
يلتزم المؤمن بتكوين احتياطي حسابي لصالح المؤمن له، وهذا ما يعرف بعنصر الإدخار في بعض صور التأمين ذلك لأن قسط التأمين الذي يلتزم المؤمن بدفعه في فترات دورية يتزايد حجمه وتتضخم فوائده وهذا التجمع يدعى بالاحتياط الحسابي الذي يعرف في القانون الجزائري بالرصيد الحسابي.
الفرع الثاني : دفع تعويض التأمين
بموجب المادة 114 من قانون التأمين يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له عما يلحقه من ضرر من جراء تحقق أحد الأخطار التي يضمن نتائجها، ويختلف تعويض التأمين عن مبلغ التأمين إذ يجب أن يقتصر الأول على حدود الضرر الذي يلحق المستأمن، بينما يمثل مبلغ التأمين الحد الأقصى لإلتزام المؤمن، بمعنى أنه يجب أن يقتصر مبلغ التعويض على مبلغ التأمين في حدود الضرر الذي يلحق المؤمن له سواء كان خاصا أو مشتركا أو خسارة تقديرية، فإذا كانت مصروفات فان المؤمن يلتزم بتغطيتها في حدود مبلغ التأمين سواء ما تعلق منها بالسفينة أو البضاعة،
وفي هذه الحالة تطبق قاعدة النسبية إذا لم يصل الضرر إلى حد الهلاك الكلي للشيء المؤمن عليه لأنه في هذه الحالة الأخيرة يطالب المؤمن له بقيمة الشيء المؤمن عليه (السفينة أو البضاعة)المقدرة في الوثيقة وفي حدود مبلغ التأمين.
يمكن ان يكون التعويض بمبلغ التأمين كاملا في حالة التخلي المنصوص عليها في المواد 115، 134 (التخلي عن السفينة)، 143 من قانون التأمين (التخلي عن البضاعة) ويتعين على المؤمن عندئذ دفع مبلغ التأمين كاملا إما بقبول التخلي، أو على أساس الخسائر الكاملة دون انتقال الملكية.
-
المصلحة المؤمن عليها
المبحث الأول
ماهية المصلحة في عقد التأمين البحري
المصلحة في التأمين تعتبر حدا فاصلا بين عقد التأمين وعقد الرهان أو المقامرة و بالتالي فإنها تعد عنصرا ضروريا لضمان استمرار عقد التأمين صحيحا، و المصلحة في التأمين البحري على وجه الخصوص أحد العناصر الهامة، وهي مفهوم قريب جدا من مفهوم القيم المؤمن عليها، وهي تعني تلك المنفعة المشروعة التي تعود على المؤمن له جراء تحقق الخطر البحري المؤمن منه، وبدونها قد يسعى المؤمن له إلى العمل على تحقق الخطر طمعا في الحصول على مبلغ التأمين، ومن ثم فوجودها أمر يفرضه النظام العام.
المطلب الأول : مفهوم المصلحة المؤمن عليها في عقد التأمين
لا يحيد نظام التأمين البحري على غرار باقي الأنظمة القانونية على اشتراط المصلحة لصحة العقد، لذلك يشترط في التأمين البحري أن يكون المؤمن له ذو مصلحة في المخاطرة البحرية ويستلزم مبدأ المصلحة في التأمين البحري وجود مال أو شيء مادي معرض للخطر وقد يكون هذا الشيء أو المال هو السفينة أو البضائع أو الأجرة على أن تكون هناك رابطة قانونية بين الأموال المؤمن عليها والمؤمن كأن يكون مالكا أو مقرضا أو مرتهنا، وتكون له فائدة في وصول المال المؤمن عليه سالما وتلحقه خسارة في حالة فقدانه.
الفرع الأول : التعريف بالمصلحة المؤمن عليها
نتعرف في هذا العنصر على المصلحة بوجل عام ثم نتطرق إلى المصلحة في التأمين البحري
أولا : معنى المصلحة في التأمين بوجه عام
يتفق غالبية الفقهاء على أن المصلحة هي ركن مهم في التأمين من الأضرار، حيث تعتبر السبب الذي دفع الأطراف إلى إبرام عقد التأمين، والذي يتمثل في المحافظة على القيمة المالية للشيء المؤمن عليه. ويقصد بالمصلحة في التأمين القيمة المالية التي يمثلها الشيء المؤمن عليه أو القيمة المالية التي يمثلها التعويض الذي يلتزم به المؤمن له بالنسبة للتأمين من المسؤولية، وبذلك فالمصلحة في التأمين من الأضرار هي المصلحة الاقتصادية. 2
وقد نصت المادة 621 ق.م.ج على أنه "تكون محلا للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من دون وقوع خطر معين" .
وعرف بعض الفقهاء المصلحة على أنها صلة بين شخص ومال أو مجموعة من الأموال تمثل قيمة اقتصادية و معرضة لأخطار ينشئ تحققها الحاجة إلى قيمة مثلها أو التعويض عنها.
ثانيا : معنى المصلحة في التأمين البحري
نصت المادة 93 من الأمر 95 - 07 الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني المتعلق بالتأمينات البحرية على أنه يمكن كل شخص له فائدة مباشرة أو غير مباشرة في حفظ مال أو اجتناب وقوع خطر أن يؤمنه بما في ذلك الفائدة المرجوة منه.
أي أن المصلحة التي يقع التأمين لحمايتها هي المصلحة المادية التي يؤدي المساس بها إلى التأثير في الذمة المالية للمؤمن له، ومن ثم تستبعد من نطاق التأمين المصلحة الأدبية أو الاجتماعية أو الأخلاقية.
الفرع الثاني: أهمية المصلحة في عقد التأمين البحري
تعتبر المصلحة في التأمين عموما الدافع إلى إبرام عقد التأمين من قبل المستفيد من التأمين أو المؤمن له وتظهر أهميتها في تحقيق الأهداف التالية:
أولا: المصلحة حد فاصل بين التأمين والقمار والرهان
المصلحة تساعد على إخراج عقد التامين من نطاق المقامرة والرهان، فالمؤمن الذي ليس لديه مصلحة في التأمين ويقوم بإبرام عقد تأمين يعد مراهنا أو مقامرا على قسط التأمين الذي دفعه، إذ لا يعنيه تحقق الخطر أو عدم تحققه بل الحصول على مبلغ التأمين ولا يهمه هلاك الأموال المؤمن عليها .
أما إذا كانت للمؤمن له مصلحة في عقد التأمين وفي عدم تحقق الخطر المؤمن منه، فإن المؤمن له يبرم عقد التأمين لوقاية ذمته المالية من وقوع الخطر مع عدم رغبته في تحقق الخطر المؤمن منه، ويسعى المؤمن له في هذه الحال إلى المحافظة على المال أو الأشياء المؤمن عليها، وبالتالي يكون حريصا على عدم تحقق الخطر لأن له مصلحة في المحافظة على الأشياء المؤمن عليها. 2
ثانيا: المصلحة تمنع المؤمن له من تعمد إحداث الخطر
للمصلحة التأمينية دور مهم في الحد من وقوع الخطر المؤمن منه، وعلى فرض عدم اشتراط المصلحة في التأمين فإن ذلك سيؤدي إلى إمكانية تأمين أي شخص على أي سفينة أو بضاعة دون علم صاحبها ثم يتعمد إلحاق الضرر بها بغية الحصول على التعويض ولا شك أن في ذلك مخالفة لقواعد النظام العام لما تنطوي عليه من تعويض عن الخطأ العمدي الذي يحدثه المؤمن له وهو أمر يمنعه القانون.
الفرع الثالث : قيمة المصلحة المؤمن عليه
نشير في هذا الفرع إلى تعريف قيمة المصلحة المؤمن عليها وأهمية تقديرها.
أولا : تعريف قيمة المصلحة المؤمن عليها
قيمة المصلحة في التأمين البحري هي مقدار الضرر الفعلي والكلي الذي يمكن أن يلحق بالمؤمن له، وبالتالي يكون التعويض مساويا لقيمة الأموال الهالكة، أي مساويا لقيمة السفينة في حالة هلاكها أو التخلي عنها، ومساويا لقيمة البضاعة والفائدة المرجوة حالة التأمين على البضاعة (م105 من قانون التأمين) .
وعليه لا يجوز الجمع بين التعويض ومبلغ التأمين، لأن تحقق ذلك يؤدي إلى إثراء المؤمن له على حساب المؤمن، فصاحب البضاعة يمكنه التأمين عليها من جهة، ومن جهة ثانية قد يحصل على تعويض من الناقل في حالة هلاكها، وبالتالي لا يكون قد خسر شيئا، فإذا ما حصل المؤمن له على مبلغ التأمين يكون للمؤمن الحق في الحلول محل المؤمن له في الرجوع على المتسبب في الضرر، وفي ذلك منعا للمؤمن له من تجاوز قيمة المصلحة المؤمن عليها.
ثانيا : أهمية تقدير قيمة المصلحة في التأمين البحري
تظهر ضرورة تقدير قيمة المصلحة في التأمين البحري من الصفة التعويضية التي يتمتع بها هذا العقد، ولأن تحديد القيمة الحقيقية للأشياء المؤمن عليها في وثيقة التأمين يضع حدا لكل تأويل سواء من جانب المؤمن أو المؤمن له بالنسبة لمبلغ التأمين أومبلغ التعويض، حيث انه في التأمين البحري يكون الأمر أكثر خطورة منه في التأمين البري، إذ أن المؤمن لا يملك أية وسيلة لمراقبة تصرفات المؤمن له، ولتبديد هذه المخاوف لدى المؤمن على وجه الخصوص لأنه المعني بالتعويض ولمنع المؤمن له من تعمد تحقيق الخطر المؤمن بهدف الحصول على التعويض يتم تحديد قيمة المصلحة المؤمن عليها، فيكون كل طرف على علم بحدود ما يدفعه أو يتلقاه من تعويض.
ثالثا: قيمة المصلحة المؤمن عليها وبعض المصطلحات المشابهة
هنا العديد من المصطلحات المتشابهة في موضوع المصلحة المؤمن عليها أهمها :
1 - قيمة المصلحة المؤمن عليها : قيمة المصلحة المؤمن عليها في التأمين البحري هي مقدار الضرر الفعلي والكلي الذي يمكن أن يلحق بالمؤمن له.
2 - مبلغ التأمين : يمثل مبلغ التأمين الحد الأقصى لإلتزام المؤمن الذي يقدمه عند حدوث هلاك الشيء المؤمن عليه.
3- القيمة القابلة للتأمين : ورت هذه التسمية في الأمر 95/07 في المادة 105 منه ، وتشير القيمة القابلة للتأمين إلى نفس مفهوم مصطلح قيمة المصلحة المؤمن عليها .
4- مبلغ التعويض : بموجب المادة 114 من قانون التأمين يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له عما يلحقه من ضرر من جراء تحقق أحد الأخطار التي يضمن نتائجها، وعليه يختلف مبلغ التعويض عن قيمة المصلحة المؤمن عليها إذ يجب أن يقتصر الأول على حدود الضرر الذي يلحق المؤمن له ، بينما يمثل مبلغ التأمين الحد الأقصى لإلتزام المؤمن.
5- القيمة الحقيقة للشيء المؤمن عليه : القيمة الحقيقة للشيء المؤمن عليه هي القيمة المطابقة للشيء المؤمن عليه حقيقة . يلجأ للقيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه في حالة لم يتم ذكر مبلغ التعويض في العقد.
6 - القيمة المعتمدة : عرفتها المادة 106/2 من الأمر 95/07 بالنص : "القيمة المعتمدة هي المبلغ المؤمن عليه الذي اتفق عليه المؤمن والمؤمن له صراحة ، مع ترك أي تقييم آخر". والتي قد تكون غير مساوية للقيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، على ألا يكون ذلك مصحوبا بغش أو تدليس.
المطلب الثاني: حالات قيمة المصلحة المؤمن عليه وقيمتها الحقيقية
تتجلى أهمية تحديد قيمة المصلحة المؤمن عليها في التأمين البحري في منع إثراء المؤمن له على حساب المؤمن من جهة، ومن جهة أخرى علم المؤمن بالالتزام الملقى عاتقه ومبلغ التعويض الذي سوف يدفعه للمؤمن له عند تحقق الخطر البحري المؤمن منه، وبالتالي تظهر هنا أيضا أهمية تلك العلاقة التي تربط مبلغ التأمين بالقيمة الحقيقة للمصلحة المؤمن عليها.
الفرع الأول: العلاقة بين مبلغ التأمين والشيء المؤمن عليها
يتحدد أداء المؤمن بالمبلغ المتفق عليه في عقد التأمين، إذ يعتبر الحد الأقصى لالتزام المؤمن في حال تحقق الخطر.
ولا تثور الصعوبة إذا كان مبلغ التأمين مساويا لقيمة الأموال المؤمن عليها ، لكن تثور الصعوبة في حالة ما إذا كان مبلغ التأمين أقل أو يتجاوز القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه. لذلك سوف نتطرق في )الفقرة الأولى( إلى حالة التأمين على الشيء بنفس قيمته، وفي (الفقرة الثانية ( التأمين على الشيء بأقل من قيمته وفي )الفقرة الثالثة( حالة التأمين على الشيء بأكثر من قيمته.
أولا: التأمين على الشيء بنفس قيمته
لا صعوبة عندما يكون مبلغ التأمين مساويا لقيمة الأموال المؤمن عليها، فإذا ما تحقق الخطر البحري المؤمن منه ولحق الضرر بالمؤمن له استحق التعويض كاملا، أي مبلغ التأمين المتفق عليه والمساوي لقيمة الأموال المؤمن عليها وذلك متى كانت خسارته كلية، أما إذا كانت خسارة المؤمن له جزئية فيلتزم المؤمن بأداء تعويض لا يتجاوز مبلغ التأمين، وقد نصت المادة 133 من الأمر 95/07 على أن المؤمن يكون ضامنا لكل حادث في حدود القيمة المؤمن عليها.
إذن لا بد أن تتماشى قيمة التعويض مع مبلغ التأمين الوارد في العقد وذلك في حالة تحقق الخطر المؤمن كاملا وحدوث الضرر للمؤمن له بصفة كلية.
ثانيا: التأمين على الشيء بأقل من قيمته وقاعدة التخفيض النسبي
قد يحدث أن تتجاوز القيمة الحقيقية للأموال المؤمن عليها عند تحقق الخطر البحري المؤمن منه مبلغ التأمين المتفق عليه في العقد، وتلحق المؤمن له خسارة جراء ذلك، ويتحقق ذلك عند زيادة قيمة الأموال المؤمن عليها بعد إبرام العقد ولا يقوم المؤمن له بتغطيتها أو في حالة عدم التأمين على الشيء بكامل قيمته وذلك لدفع قسط أقل، وقد نصت الفقرة )أ( من المادة 105 من الأمر 95 - 07 المتعلق بالتأمينات على أنه إذا اتضح أن المبلغ المؤمن عليه أقل من القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه، كان المؤمن ملزما بالتعويض في حالة الخسارة الكاملة بمبلغ يساوي القيمة المؤمن عليها، أما في حالة الخسارة الجزئية فيدفع المؤمن مبلغ بنسبة قيمة المؤمن عليها منسوباإلى القيمة الحقيقية .
يعتبر المؤمن له في هذه الحالة مؤمنا لنفسه بالنسبة للفارق ، ويسمى هذا التأمين بالتأمين الناقص.
وحالة التأمين الناقص في الواقع تفوت على المؤمن فرصة الحصول على أقساط تأمين مستحقة لو أن المؤمن له التزم بالتأمين على القيمة الحقيقية للأموال المؤمن عليها بدلا من القيمة المصرح بها في العقد، لذلك كان لزاما على المؤمن له أن يتحمل تبعة تأمينه بمبلغ أقل على أموال تساوي أكثر من مبلغ تأمينها.
أحيانا يشترط المؤمن عدم تأمين جزء من السفينة وذلك بغرض ضمان حرص المؤمن له الالتزام بالحفاظ على قواعد السلامة والتقليل من احتمال التعرض للخطر.
حالة الهلاك الجزئي :
في حالة الهلاك الجزئي عندما يكون التأمين ناقصا، يتم إعمال القاعدة المشهورة في التأمين والتي يطلق عليها قاعدة التخفيض النسبي، وكما هو معلوم في قواعد التأمين فإن مجال تطبيقها هو التأمين على الأشياء ، وهذه القاعدة مفادها أن أداء المؤمن أو ما يدفعه للمؤمن له يتحدد بمبلغ يعادل النسبة بين مبلغ التأمين والقيمة الحقيقية للأموال المؤمن عليها، ومعنى ذلك أن المؤمن لا يلتزم بتعويض الضرر الحاصل كاملا حتى ولو كان مبلغ التعويض أقل من مبلغ التأمين، بل يحصل المؤمن له على تعويض متناسب بين مبلغ التأمين والقيمة الحقيقية للأموال المؤمن عليها، وقد برر بعض الفقهاء الأخذ بهذه القاعدة معتمدين في ذلك على أن المؤمن له عندما قام بالتأمين بمبلغ أقل من القيمة الحقيقية للأموال المؤمن عليها، إنما قصد الحصول على تعويض يعادل النسبة بين قيمة المال المؤمن عليه ومبلغ التأمين ويتحمل هو الباقي، واستند آخر ون على فكرة العدالة التي تقتضي ألا يتحمل المؤمن من الخطر إلا ما يقابله من قسط مدفوع، وفي حالة التأمين الناقص فإن القسط تحدد بناء على المبلغ المصرح به من قبل المؤمن له لا على أساس قيمة الشيء بأكمله، ولو عوض المؤمن له عند الخسارة الجزئية تعويضا كاملا في حدود مبلغ التأمين، فيعد ذلك بمثابة إثراء على حساب المؤمن.
ثالثا : التأمين على الشيء بأكثر من قيمته (التأمين الزائد)
يقوم عقد التأمين البحري على مبدأ التساوي بين مبلغ التأمين وقيمة الأموال المؤمن عليها، ، لكن قد يعمد المؤمن له إلى إبرام عدة عقود تأمين تؤدي في مجموعها إلى تجاوز قيمة الأموال المؤمن عليها، أو يبرم عقد تأمين واحد يتضمن مبالغة في تقدير الأموال المؤمن عليها بقيمة تفوق قيمتها الحقيقية ، وهو ما يعبر عنه بالتأمين الزائد أو تأمين المغالاة، وقد تطرق المشرع الجزائري إلى هذا النوع من التأمين في الفقرة الثانية من المادة 105 من الأمر 95 - 07 المتعلق بالتأمينات التي نصت على أنه "عندما تضح أن المبلغ المؤمن عليه يفوق القيمة القابلة للتأمين كما هي معرفة سابقا، لا يدفع المؤمن إلا في حدود هذه القيمة".
ولعل السبب وراء منع أغلب المشرعين لهذا النوع من المغالاة هو الضرر الذي يلحق بالمؤمن. وقد تنتج المغالاة في تقويم الأموال المؤمن عليها عند إبرام عقد تأمين واحد بسبب خطأ يقع فيه المؤمن له بحسن نية أي عن غير قصد منه، كما يمكن أن تكون نتيجة غش أو تدليس مما يجعلها مستندة إلى سوء نية لدى المؤمن له، لذلك سوف نميز بين حالتان مرتبطتان بالتأمين المبالغ فيه وهي حالة المبالغة في تقوم الأموال المؤمن عليها بحسن نية، وحالة المبالغة في تقويم الأموال المؤمن عليها بسوء نية ، بالرغم من عدم تطرق المشرع لهذه الحالات وذلك في النقطتين المواليتين:
أولا: المبالغة في التقويم بحسن نية )المغالاة غير التدليسية(
من المبادئ الأساسية لعقد التأمين عموما والتأمين البحري خصوصا مبدأ حسن النية، الذي ينبغي أن يتوفر في كل من المؤمن والمؤمن له، فالمؤمن يلتزم بحسن تنفيذ عقد التأمين من خلال ضمانه للأخطار المؤمن منها بتعويضها، والمؤمن له يجب أن يكون حسن النية في الإدلاء بالبيانات المتعلقة بالخطر المؤمن منه وذلك قبل انعقاد العقد، ويظهر مبدأ حسن النية بوضوح في تقدير قيمة الأموال المؤمن عليها عند إبرام العقد، لكن قد يحدث أن يقدر المؤمن له وبحسن نية أو غلط الأموال المؤمن عليها بأكثر من قيمتها الحقيقية، وفي هذه الحالة لا يكون المؤمن ملزما إلا بدفع قيمة الضرر الفعلي الذي لحق بالمؤمن له م105/2 من الأمر 95/07 ، وقد يتحقق التأمين المبالغ فيه أو الزائد عن القيمة الحقيقية للأموال المؤمن عليها عن غير قصد من المؤمن له، كما هو الحال بالنسبة لانخفاض القيمة التجارية لتلك الأموال بعد انعقاد عقد التأمين البحري.
وفي كل الأحوال لم يرتب المشرع البطلان كجزاء على المبالغة في تقدير الأموال المؤمن عليها كما لم يتطرق أيضا إلى مصير القسط المدفوع في التأمين الزائد.
ثانيا: المبالغة في التقويم بسوء نية (المغالاة التدليسية(
قد يتعمد المؤمن له عن سوء نية المبالغة في تقدير الأموال المؤمن عليها، وذلك بغرض الاستفادة من التأمين في حالة تحقق الخطر البحري المؤمن منه على حساب المؤمن، فإن ذلك يتعارض ولا شك مع مبدأ حسن النية في التأمين، غير أن المشرع وحد الحكم المتعلق بالتأمين الزائد سواء كان بحسن نية أو بسوء نية، وعليه فإنه في هذه الحالة لا يكون المؤمن ملزما إلا بدفع قيمة الضرر الفعلي الذي لحق بالمؤمن له م105/2 من الأمر 95/07
غير أن العقد يكون معرضا للبطلان، الذي قرره المشرع بموجب المادة 110 من الأمر 95 - 07 "يعد التأمين لاغيا في جميع حالات الغش الذي يرتكبه المؤمن له".
لكن ما يثير الانتباه أن المشرع الجزائري لم يشر إلى حالة الغش الواقع من المؤمن بتعمد ايهام المؤمن له بقيمة أكبر من القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه .
غير أنه وفي كل الحالات فإن المادة 106 من الأمر 95/07 تنص على أنه لا تسري القواعد المتعلقة بالتأمين الزائد أو الناقص المنصوص عليها في المادة 105 من نفس الأمر، إذا كان هناك اتفاق صريح في تحديد قيمة الشيء المؤمن عليه وترك كل تقييم آخر.
المطلب الثالث : أنواع المصلحة المؤمن عليها غير السفينة والبضاعة
قد لا تنحصر المصلحة في التأمين البحري على السفينة والبضائع ، بل قد تشمل أنواعا أخرى من المصلحة التأمينية نذكر منها ما يلي:
الفرع الأول: التأمين على أجور الشحن:
تنعقد المصلحة في التأمين البحري لكل من قام بدفع أجرة الشحن، والغالب ألا تصدر في وثيقة مستقلة لضمان ضياع أجرة الشحن بل تكون ملحقة بوثيقة التأمين البحري، ففي حالة ما إذا كان المؤمن له على أجرة الشحن هو صاحب الشحنة البحرية كما في حالة سداد أجرة النقل البحري مقدما في ميناء الشحن فإن التأمين على أجرة الشحن يكون ملحق بوثيقة التأمين على البضائع. وفي حالة ما إذا كان المؤمن له على أجرة الشحن هو الشاحن البحري كما في حالة سداد أجرة النقل البحري في ميناء التفريغ، فإن التأمين على أجرة الشحن يكون ملحق بوثيقة التأمين البحري على السفن.
أما المشرع الجزائري فلم يشر إلى التأمين على أجرة الشحن، لكن بالرجوع إلى الأحكام العامة في قانون التأمين لا سيما المادة 93 والمادة 101 من الأمر 95 - 07 فقد أشارتا إلى أنه يمكن لكل شخص له مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في حفظ مال أو اجتناب أو عدم وقوع خطر أن يؤمنه، وبالتالي باستقراء هذه النصوص يمكن القول أن من له مصلحة في المحافظة على أجرة الشحن باعتبارها مالا بإمكانه إبرام عقد التأمين البحري وفقا لمتطلبات هذه المواد من قانون التأمينات.
في حين أن المشرع الانجليزي نص على ذلك صراحة بموجب المادة 12 من قانون التامين والتي جاء فيها "في حالة دفع أجور الشحن مقدما فإن للشخص الذي دفع هذه الأجور مصلحة تأمينية فيها إن كانت قابلة للرد في حال تحقق الخسارة" .
الفرع الثاني : التأمين على أجور طاقم السفينة
تقوم مصلحة تأمينية في التأمين على أجور ربان السفينة وطاقمها من بحارة وعاملين على متنها، وذلك تجنبا لخسارة أجورهم في حالة إلغاء الرحلة البحرية، أو إذا كانت أجور الطاقم جزءا من أجرة السفينة أو في حالة الإعلان على عدم صلاحية السفينة للملاحة نتيجة إهمال وقع من طاقمها. ومن ثم يجوز التأمين على أجور الطاقم لضمان استيفائهم التعويض المستحق بموجب وثيقة التأمين، كما أنه للمجهز مصلحة في التأمين على مخاطر عدم قدرته على دفع أجور الطاقم ونفقاتهم وإعادتهم لأوطانهم.
وإذا كان المشرع الجزائري لم ينص صراحة على جواز التأمين على أجور الطاقم، لكن استنادا إلى نص المادة 93 السالف الذكر فإن الأجور قد تدخل ضمن عموم النص وبالتالي فإنه يمكن القول بجواز ذلك، أما المشرع الانجليزي فقد نص على جواز التأمين على أجور الطاقم وذلك ما قضت به المادة 11 من قانون التأمين البحري "لربان السفينة أو أي عضو من طاقم السفينة مصلحة في التأمين على أجرته".
الفرع الثالث : التأمين على القروض البحرية
تجيز غالبية التشريعات رهن السفينة مقابل قرض مضمون بسلامتها أو سلامة شحنتها، وقد أكدت نصوص القانون البحري الجزائري على اعتبار السفينة مال منقول قابل للرهن، ويقع الرهن على كل السفينة أو جزء منها أو هيكلها وجميع توابعها ماعدا الحمولة التي على متنها إلا إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين على أن الرهن يشمل الحمولة أيضا. أما في حالة التي تكون فيها السفينة مملوكة لشركاء فيجب أن تتم موافقة أغلبيتهم، كما يجوز أن يقوم كل شريك برهن حصته الشائعة منفردا.
لم يتطرق المشرع الجزائري صراحة للنص على جواز التأمين على القرض البحري، لكنه في المقابل نص على إمكانية استيفاء الدائن المرتهن لحقوقه من التعويضات والمبالغ التي تحل محل السفينة وتوابعها في حالة الخسائر الخطيرة التي تلحق بالسفينة وتجعلها غير صالحة للملاحة، كما أكد على أن التعويضات والمبالغ التي تحل محل السفينة قد تكون تعويضات التأمين على هيكلها.
الفرع الرابع: التأمين على قسط التأمين
للمؤمن له مصلحة حقيقية في التأمين على أقساط التأمين وفقا لما نصت عليه المادة 13 من قانون التأمين البحري الانجليزي التي اعتبرت أن للمؤمن له مصلحة في تأمينية في أجور أي تأمين يبرمه، كما أن المادة 16 من نفس القانون اعتبرت أقساط التأمين جزءا من القيمة القابلة للتأمين سواء بالنسبة للسفينة أو البضائع أو الأموال المنقولة الأخرى. بينما المشرع الجزائري لم يتحدث صراحة عن تأمين أقساط التأمين، لكن استنادا إلى نص المادة 93 من الأمر 95 - 07 المشار إليها سابقا، فاعتبار أقساط التأمين من جملة الأموال التي يسعى المؤمن له الحفاظ عليها فإن هناك مصلحة في التأمين عليها، ويذهب بعض الفقه الفرنسي إلى جواز التأمين علىقسط التأمين، 5 كما أن المشرع الأردني أجاز من خلال نص المادة 320 من قانون التجارة البحرية التأمين على أنه "يجوز للمؤمن له أن يؤمن بدل التأمين" وعبارة بدل التأمين تعني قسط التأمين، 6 وللمؤمن له أن يقوم على التأمين على أقساط التأمين بتأمينات متعددة ومن ثم فهو يحصل على جزء كبير من مبلغ التأمين.
الفرع الخامس : التأمين على أجرة السفينة
تناول المشرع البحري الجزائري عقد إيجار السفينة في الباب الثاني من الكتاب الثاني الاستغلال التجاري للسفينة، فنصت المادة 640 من القانون البحري على أنه "يتم عقد استئجار السفينة بموجب اتفاقية يلتزم بموجبها مؤجر السفينة بأن يضع سفينة تحت تصرف مستأجر السفينة مقابل أجر ،ويمكن أن يتم استئجار السفينة على أساس الرحلة أو لمدة معينة أو بهيكلها"، كما نصت المادة 641 من ق . ب . ج على أنه " تحدد التزامات وشروط وآثار الاستئجار بين الأطراف عن طريق عقد يتفق عليه بكل حرية. بيد أنه لا يجوز للأطراف إدراج اشتراطات في عقد استئجار تخالف المبادئ العامة للقانون الجاري به العمل...".
يفهم من ذلك أن المؤجر في عقد إيجار السفينة يلتزم بأن يضع تحت تصرف المستأجر سفينة معينة أو جزء منها ، ويلتزم مؤجر السفينة بتوفير الوسائل اللازمة لإبحارها من ميناء إلى آخر، كما يمكن أن يرد الإيجار على سفينة خالية من التجهيز أو التسليح أي استئجار سفينة بهيكلها. وعلى كل حال يلتزم مالك السفينة بتسليم المستأجر سفينة صالحة للملاحة طيلة فترة الإيجار وعلى كل حال يكون لمالك السفينة دائما مصلحة في التأمين عليها ومصلحة أخرى في التأمين على أجرتها في حالة استئجارها مهما كان نوع الإيجار، ذلك أن المؤمن له لا يخشى من فقدان السفينة فقط وإنما يخشى من فقدان أجرتها كذلك.
المشرع الانجليزي أخذ بمبدأ عام فيما يتعلق بالمصلحة التأمينية فمتى كان للشخص مصلحة في المخاطرة البحرية ويكون كذلك متى ارتبط بها بعلاقة قانونية أو مستندة إلى قواعد العدالة أو علاقة بالأموال القابلة للتأمين والمعرضة للخطر فينتفع بوصولها سالمة ويصاب بخسارة بتضررها أو فقدانها.
ويكون التأمين عن الأجرة سواء تم دفعها (المستأجر المؤمن له) أو لم يتم دفعها (المؤجر المؤمن له) وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة 16 من قانون التأمين البحري الانجليزي والتي اعتبرت أنه في حالة تأمين على الأجرة سواء تم دفعها مسبقا أم لا، فإن القيمة التأمينية هي المبلغ الإجمالي للأجرة الذي يتعرض لخسارته المؤمن له إضافة إلى نفقات التأمين، وأشارت المادة 12 من قانون التأمين البحري الانجليزي كذلك إلى أن الشخص الذي دفع الأجرة مقدما يملك مصلحة في التأمين عليها طالما أن هذه الأجرة ليست قابلة لاسترجاعها عند تحقق الخسارة.
الفرع السادس : التأمين على التأمين (إعادة التأمين البحري)
إعادة التأمين هو التأمين الذي يبرمه المؤمن على تعويض التأمين الذي يتعهد بدفعه للمؤمن له عند تحقق الخطر ولا يخرج عن كونه قيمة معرضة للأخطار الملاحة البحرية، 3 ويلجأ المؤمن لإعادة التأمين الذي يحقق له مصلحة لمواجهة احتمال وقوع الخطر البحري على الشيء المؤمن عليه ولتلافي آثار دفعه لمبالغ كبيرة عند تحقق الخطر البحري المؤمن منه، ويعمد المؤمن إلى هذا النوع من التأمين زيادة في الحيطة وتحصيل ربح مؤكد هو الفارق بين قسط التأمين الذي يتقاضاه وقسط إعادة التأمين الذي يدفعه، 4 فإذا اضطر للتعويض على الضرر، فإنه لا يتحمل إلا الفارق بين المبلغ الذي دفعه لشركة إعادة التأمين ومبلغالتعويض المضمون لفائدة المؤمن له، إذا كان إعادة التأمين جزئيا، ولا يتحمل شيئا إذا كان كليا.
المطلب الرابع : تعدد التأمينات على المصلحة المؤمن عليها
نتطرق في هذا المطلب إلى أساس عدم حواز تعدد التأمينات ، والشروط الواجب توافرها للحكم بالمنع.
الفرع الأول: أساس عدم جواز تعدد التأمينات
تعتبر التأمينات بعد التأمين الأول من حالات انعدام عنصر الخطر، وأن هذا الانعدام هو انعدام اقتصادي بالرغم من قيام الخطر فعليا من الناحيتين المادية والمعنوية ، فنظرا لتغطيته بتأمين سابق، فإنه ينعدم من الناحية الاقتصادية، إذ تنعدم الحاجة إلى الضمان طالما تمت تغطيته بتأمين سابق، بخلاف التأمينات المسموحة كإعادة التأمين وكثرة التأمينات (التأمين الجزئي) والتأمين المشترك.
الفرع الثاني : شرط اعتبار التأمين متعددا
لكي نكون بصدد تعدد التأمينات يقتضي الأمر توافر شروط هي:
الشرط الأول : هو أن يكون هناك عدة عقود تأمين مبرمة لفائدة نفس الشخص، كأن يجري المؤمن له عدة تأمينات مختلفة حول نفس المصلحة التأمينية، كتأمين الشاحن على البضاعة لدى مؤمنين مختلفين على نفس الخطر المؤمن عليه، أو قيام مجهز السفينة بتأمينها لدى مؤمنين متعددين على نفس الخطر.
الشرط الثاني : هو ينصب التأمين على المصلحة نفسها، كما لو تم التأمين على البضاعة لرحلة واحدة وعلى نفس الخطر لدى مؤمنين مختلفين بقيمة تفوق قيمتها الحقيقية.
الشرط الثالث، أن تغطي التأمينات المتعددة نفس الخطر الذي يضمنه كل المؤمنين، كأن يؤمن مالك البضاعة على هلاكها أو تلفها لدى أكثر من مؤمن وبقيمة تجاوز قيمتها الحقيقية عند تحقق الخطر، أو تأمين مالك السفينة لدى مؤمنين متعددين على خطر اصطدامها، بما يفوق قيمتها الحقيقية في حال اجتماع عقود التأمين.
الشرط الرابع: أن يتعدد المؤمنون على لنفس الخطر وبكامل قيمة المال المؤمن عليه، فإذا ابرم مؤمن واحد عدة عقود تأمين فلا يعد ذلك تأمينا متعددا.
الشرط الخامس: أن تغطي كل عقود التأمين المبرمة على نفس الخطر وفي نفس الفترة الزمنية. وعلى ذلك إذا قام المؤمن له بتجزئة المخاطر وتوزيعها على مؤمنين مختلفين وفي حدود القيمة الحقيقية والكلية للأموال المؤمن عليها لا يعد ذلك من قبيل تعدد التأمينات.
وقد تطرق المشرع الجزائري إلى حالة التأمين المتعدد في التأمين البحري في الفقرة الأولى من المادة107 من الأمر 95 - 07 التي نصت على أنه "إذا تعددت التأمينات المكتتبة دون أي غش لضمان مبلغ إجمالي يفوق القيمة القابلة للتأمين لنفس الشيء المؤمن عليه، لا تصح إلا إذا قام المؤمن له بإعلام المؤمن بذلك" ونصت الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه "يحدث كل تأمين آثاره حسب نسبة المبلغ الذي ينطبق عليه في حدود القيمة القابلة للتأمين الشيء المؤمن عليه".
الفرع الثالث : حالات تعدد التأمين
سوف نتطرق في هذا الفرع الأخير إلى حالتين ألا وهما حالة التأمين المتعدد بحسن نية )الفقرة الأولى( وحالة التأمين المتعدد بنية الغش أي بسوء نية )الفقرة الثانية(. استنادا للمادة 107 من الأمر 95/07.
أولا: حالة تعدد عقود التأمين المستند إلى حسن النية
من خلال نص المادة 107 من الأمر 95/07 يكون المشرع الجزائري قد أجاز تعدد التأمينات وتكون كل العقود منتجة لآثارها بشرط أن يكون التعدد بدون غش ، وأن يقوم المؤمن له بإعلام المؤمن بذلك "إذا تعددت التأمينات المكتتبة بدون غش لضمان مبلغ إجمالي يفوق القيمة القابلة للتأمين لنفس الشيء المؤمن عليه، لا تصح إلا إذا قم المؤمن له بإعلام المؤمن بذلك".
غيرأن المشرع لم يخرج عن المبدأ العام لعقود التأمين بأنها عقود تعويضية ، إذ لا يمكن أن تكون بأي حال سببا لتحقيق ربح ، حيث قيد صحة تعدد التأمينات بنص الفقرة الثانية من المادة 107 من نفس الأمر بالنص على أنه "يحدث كل تأمين آثاره بنسبة المبلغ الذي ينطبق عليه في حدود القيمة القابلة لتأمين الشيء المؤمن عليه".
وعليه فإنه في حالة تعدد التأمينات بحسن نية، فإن كل عقود التأمين تبقى صحيحة ومنتجة لآثارها مع توزيع التعويض بين المؤمنين كل بحسب نسبة مبلغ تأمينه دون أن يتجاوز مجموع ما يحصل عليه المؤمن له
من تعويضات قيمة الضرر اللاحق به، ولكن ما ينبغي منعه في التأمين المتعدد هو حصول المؤمن له على
تعويض يجاوز الضرر اللاحق به، 2 والقاعدة في توزيع القدر المستحق من التعويض لفائدة المؤمن له هو
مبلغ يعادل قيمة الضرر بما لا يجاوز قيمة الأموال المؤمن عليها وقت الحادث، وتطبق هذه القاعدة سواءرجع المؤمن له على أحد المؤمنين أم رجع عليهم مجتمعين.
ثانيا: حالة تعدد عقود التأمين المستند إلى سوء النية
يتفق معظم المشرعين على اعتبار التأمين المتعدد والمستند لحالة غش أو تدليس باطلا أو قابلا للإبطال بطلب من المؤمن، إذ الهدف من عقد تأمينات متعددة على نفس الخطر المغطى مسبقا بعقد تأمين يرمي غالبا إلى الحصول على تعويض يفوق الضرر الفعلي، حيث يقدم المؤمن له وهو يعلم بزيادة مجموع قيمة عقود التأمين على القيمة الحقيقية للشيء المؤمن عليه وذلك عند تجميع مختلف التعويضات التي يتم تحصيلها من قبله.
إن المشتغلين بالتجارة البحرية لهم ما يبرر لجوئهم إلى التأمين المتعدد، فقد يؤمن المجهز على السفينة بمبلغ تأمين يساوي قيمتها الحقيقية لدى مؤمن معين، ثم يقوم بإبرام عقد تأمين آخر لدى مؤمن ثان على نفس الأخطار وبنفس القيمة الأولى مخافة إفلاس المؤمن الأول، والدافع لإبرام التأمين الثاني هنا مشروع فهو يقصد حماية مصلحته القانونية والمشروعة، إذ في حالة تحقق الخطر وإفلاسالمؤمن الأول لن يكون بإمكانه الرجوع إلى الوضع الاقتصادي الذي كان عليه قبل تحقق الخطر المؤمن منه، كما أنه وفي كل الحالات مادام أن القانون قد وضع سقفا للتعويض الذي سيحصل عليه المؤمن له عند تحقق الخطر البحري المؤمن منه، فإنه مهما تعددت التأمينات المبرمة من قبل المؤمن له وكانت مجموع التعويضات تفوق قيمة المال المؤمن عليه فلن تجاوز الحد الذي وضعه القانون من جهته نص المشرع في المادة 110 من الأمر 95 - 07 على أنه " يعتبر التأمين لاغيا في جميع حالات الغش الذي يرتكبه المؤمن له"، والمشرع الجزائري بذلك يعطي حكما عاما للبطلان في حالة غش المؤمن له بغض النظر عن حالة الغش سواء تعلق الغش بتعدد التأمينات أو بتقدير قيمة الأموال المؤمن عليها أو نوع الخطر المؤمن منه،
كما تنص أنه باستقراء نص المادة 107 من الأمر 95/07 التي تنص على صحة التأمينات بتحقق شرطي عدم الغش ، وإطلاع المؤمن ، فإنه يمكن القول بأن تخلف شرط حسن النية ، أو إخفاء عقود التأمين الأخرى على المؤمن يرتب الغش بطلان عقد التأمين الذي تم فيه الغش (م110) ، وعدم صحة عقود التأمين الأخرى. -
التأمين البحري على هيكل السفينة
يخضع عقد التأمين البحري على السفينة إلى أحكام الباب الثاني من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات البحرية بشكل عام ، وإلى أحكام الفصل الثالث من الباب الثاني خصوصا والمعنون بـ"التأمين على هيكل السفينة" من المادة 122 إلى المادة 135 من الأمر السابق.
المطلب الأول : تقدير قيمة المصلحة في عقد التأمين على السفينة
تنص المادة 128 من الأمر 95/07 على أنه "تشمل القيمة المقبولة هيكل السفينة والأجهزة المحركة لها ولواحقها وتوابعها التي يملكها المؤمن له ، بما في ذلك تموينها والأشياء الموضوعه خارجها".
الفرع الأول : تقدير قيمة المصلحة بقيمة السفينة ولواحقها
عادة ما تقدر قيمة المصلحة في عقد التأمين على السفينة ، بقيمة هيكلها و توابعها ولواحقها، فالتأمين على السفينة يشمل كل من هياكلها وملحقاتها أي لا يقتصر عليها فقط كما يشمل أيضا الأدوات والآلات، وحتى الوقود ...
أولا : السفينة
يقصد بالسفينة بصدد التأمين على خلاف المعنى القانوني منشأة صالحة لإجتياز البحار ومسجلة لهذا الصدد وعلى متنها رجال البحر وتستخدم على وجه الإعتياد في نشاط الملاحة.
وقد عرفها المشرع في المادة 13 من ق.ب.ج بأنها "تعتبر سفينة في عرف هذا القانون كل عمارة بحرية أو آلية عائمة تقوم بالملاحة البحرية، إما بوسيلتها الخاصة أو إما عن طريق قطرها بسفينة أخرى أو مخصصة لمثل هذه الملاحة"،
والسفينة لها عناصر ذاتية للتمييز عن غيرها متمثلة في مايلي: إسم السفينة، حمولة السفينة، جنسيتها، ودرجتها، وكذلك موطنها.
الجدير بالذكر هنا أن سفن النزهة لا تخضع في تغطية الأخطار المرتبطة بملاحتها للفصل المتعلق بالتأمين البحري ، بل تبقى خاضعة لأحكام الباب الأول من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات البرية.
ثانيا : لواحق السفينة
حسب المادة 52 من ق.ب.ج:" تصبح توابع السفينة بما في ذلك الزوارق والأدوات وعدة السفينة والأثاث وكل الأشياء المخصصة لخدمة السفينة دائما ملك للمشتري .
أيضا نص المادة 128 من الأمر 95/07 تنص على أنه "تشمل القيمة المقبولة هيكل السفينة والأجهزة المحركة لها ولواحقها وتوابعها التي يملكها المؤمن له ، بما في ذلك تموينها والأشياء الموضوعه خارجها".
فالمقصود إذن بملحقات السفينة جميع الآلات المستعملة في الملاحة البحرية من قوارب البحارة والروافع والمحركات والتجهيزات الآلية والمؤن والوقود...وغيرها، وبالتالي تعتبر السفينة وحدة قانونية تسري على ملحقاتها كل التصرفات القانونية الواردة على السفينة ذاتها كالرهن و التأمين.
وعليه لا يقتصر التأمين البحري على السفينة لوحدها وإنما يشمل ملحقاتها على اعتبار أنها وحدة قانونية.
غير أنه إذا اختار المؤمن له يبرم عقود تأمين أخرى على لواحق السفينة وتوابعها التي يملكها ، فإن تلك العقود تخفض من القيمة المقبولة في حالة الخسارة التامة أو التخلي مهما كان تاريخ الاكتتاب وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 128 من الأمر 95/07..
يلاحظ أن المشرع دائما ما يأكد على الصفة التعويضية لعقد التأمين البحري ، وأنه لا يمكن أن يكون بأي شكل من الأشكال عقدا ربحيا بالنسبة للمؤمن له.
الفرع الثاني : القيمة المعتمدة في عقد التأمين على السفينة
تنص المادة 129 من قانون التأمينات على أنه "إذا كانت قيمة السفينة المؤمن عليها قيمة معتمدة ، يلتزم المؤمن والمؤمن له بالتخلي عن أي تقدير آخر لتلك القيمة..."
ويقصد بالقيمة المعتمدة في مفهوم الأمر 95/07 حسب المادة 106/2 منه : "القيمة العتمدة هي المبلغ المؤمن عليه الذي اتفق عليه المؤمن والمؤمن له صراحة مع ترك أي تقييم آخر"
إن نص المادة 129 من الأمر سالف الذكر لاتعد إلا تذكيرا بنص المادة 106/1 من نفس الأمر التي تنص على أنه لا تطبق أحكام المادة 105 المتعلقة بعدم تطابق القيمة القابلة للتأمين مع القيمة الحقيقية ، إذا اتفق الأطراف على الأخد بالقيمة المعتمدة.
الجدير بالذكر هنا أن المشرع استدرك النقص المتعلق بالقيمة المعتمدة في حالة غش المؤمن له أو تدليسه ، وذلك بالنص في المادة 129 من قانون التأمين على أن الأخذ بالقيمة المعتمدة يكون مع مراعاة أحكام المادة 110 من نفس القانون، والتي تعتبر التأمين لاغيا في كل حالات الغش الذي يرتكبه المؤمن له.
المطلب الثاني : أنواع وثائق التأمين على السفينة
تنص المادة 122 من الأمر 95/07 على أنه "يمكن التأمين على السفن :
- لرحلة واحدة أو عدة رحلات متتالية
- لزمن معين"
وعليه فإن نص المادة يقسم عقود التأمين التي تكون مصلحتها سفينة بحرية إلى نوعين من التأمين بالنظر إلى المدة الزمنية في العقد ، وهو المعبر عنه أيضا بـ "زمان الأخطار".
الفرع الأول : عقد التأمين على السفينة بالرحلة أو عدة رحلات
يمكن التأمين على السفينة لرحلة واحدة أو عدة رحلات متتالية، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 122 من الأمر 95 - 07 " يمكن التأمين على السفن: 1 لرحلة واحدة أو عدة رحلات متتالية"
غير أنه يثور التساؤل حول بداية سريان العقد ونهايته ، هل يبدأ من تاريخ الإبرام مثلا ؟ أم من تاريخ إنطلاق الرحلة المؤمن عليها ؟ وهاهو المؤشر الدال على أن الرحلة انطلقت ؟
للإجابة على هذه التساؤلات ، نلاحظ أن المشرع يميز في المادة 123 من الأمر 95/07 فيما يخص التأمين على السفينة بالرحلة بين ما إذا كانت السفينة مشحونة أو فارغة.
أولا : سريان عقد التأمين بالرحلة وانتهاؤه في السفينة الفارغة
في حالة السفينة بدون بضائع، يسري ضمان المؤمن من وقت تحركها للسفر وحتى رسوها في المكان المقصود أو المتفق عليه، وهذا ما ورد في نص الفقرة الثانية من المادة 123 من الأمر95 - 07 على أنه: "وإذا تعلق الأمر برحلة دون بضاعة تضمن الأخطار ابتداء من الإقلاع أو رفع المرساة إلى رسو السفينة أو إلقاء المرساة لدى الوصول".
وعليه يبدأ سريان عقد التأمين من لحظة قيام السفينة بأول عملية تدخل في مسمى الإقلاع ، وعادة ما يتكون هذه الخطوة هي رفع المرساة ، كما قد تكون الإقلاع ؛ وينقضي عقد التأمين على السفينة بالرحلة بآخر عملية تشير إلى انتهاء الرحلة وهي عادة ما تكون إلقاء المرساة.
ثانيا : سريان عقد التأمين بالرحلة وانتهاؤه في السفينة المشحونة
في حالة ما إذا كانت السفينة مشحونة فإن المؤمن يكون ضامنا منذ بداية عملية الشحن و إلى غاية نهاية عملية التفريغ الخاص برحلة أو رحلات مؤمن عليها ، ويقصد ببداية الشحن أول عملية لتهدف إلى وضع البشائع على متن السفينة وهو لحظة بدء سريان عقد التأمين .
أما التفريغ فيقصد به آخر عملية تستهدف إنزال البضائع التي شملتها الرحلة البحرية ، غير أن المشرع أورد نصا مقيدا للحظة إنتهاء عقد التأمين بالنص : "نهاية التفريغ...وخلال خمسة عشر (15) يوما على الأكثر من وصول السفينة إلى الميناء المقصود" وعليه فإن نهاية عقد التأمين البحري على السفينة بالرحلة هو آخر عملية تفريغ بشرط ألا تتجاوز هذه العملية 15 يوما من تاريخ وصول السفينة (رسوها في الميناء).
الفرع الثاني : عقد التأمين على السفينة لمدة معينة
يبرم عقد التأمين على السفينة لأجل محدد في غالب الحالات لمدة سنة ، ففي وثائق التأمين لزمن معين يحدد زمان الأخطار بشكل واضح بواسطة إدراج شرط صريح يحدد يوم وساعة السريان ونهاية العقد، وفي حالة عدم النص على ذلك يرجع إلى الأحكام التشريعية في هذا الصدد .
وفي ذلك نصت المادة 124 من الأمر 95-07 السالف الذكر على ما يلي: " فيما يخص التأمين لأجل محدد يضمن المؤمن السفينة أثناء سفرها أو تركيبها أو رسوها في إحدى الموانئ أو في مكان مائي أو جاف في الآجال المحددة في العقد ويغطي التأمين اليوم الأول والأخير من الأجل المذكور ".
وعلى ذلك فالتأمين يسري من بداية التوقيت المتفق عليه في العقد، وينتهي ضمان المؤمن بانتهاء المدة المحددة في الوثيقة ، وقد اعتبر المشرع الجزائري اليوم الأول والأخير داخلين في زمان التأمين، وأن حساب هذه الأيام تبتدأ بالساعة الصفر، لتنتهي بالساعة الرابعة والعشرين، وهو الأمر الذي أغفله المشرع الجزائري في المادة 124 السالفة الذكر، كما أن المادة لم تحدد صراحة التوقيت المعمول به في الوثيقة.
وينتهي ضمان المؤمن في الأصل بانتهاء المدة المحددة في الوثيقة ولو كانت السفينة لا تزال خلال الرحلة البحرية ، ولا يسأل المؤمن عن المخاطر التي تتحقق بعد انقضاء العقد، إلا إن كانت هذه المخاطر يرجع سببها إلى حادث بحري وقع خلال المدة التي كان فيها العقد ساري المفعول، غير أن وثائق التأمين عادة ما تنص أنه إذا انتهت مدة التأمين المحددة في العقد خلال الرحلة التي تقوم بها السفينة فإن التأمين يمتد حتى وصول السفينة إلى المكان المقصود مقابل قسط إضافي ، وهو الأمر الذي أجازته المادة 125 من الأمر 95-07 السالف الذكر بنصها أنه " يمكن المؤمن والمؤمن له الاتفاق على تأمين وصول السفينة سالمة وفق شروط يحددانها في العقد ".
المطلب الثالث : الحقوق والالتزامات الخاصة بعقد التأمين البحري على السفينة
يخضع المؤمن والمؤمن له في إلتزاماتهما حول عقد التأمين البحري على السفينة إلى أحكام القسم الثالث من الفصل الثاني من الباب الثاني من الأمر 95/07 من المادة 108 إلى المادة 120 منه ، غير أن هناك بعض الحقوق والالتزامات التي تجدر الإشارة لها لخصوصيتها بعقد التأمين البحري على السفينة.
الفرع الأول : حقوق المؤمن
حقوق المؤمن الخاصة بعقد التأمين على السفينة -زيادة على باقي الحقوق المذكورة سابقا- تتمثل أساسا في اكتساب القسط ، وحدود التعويض.
أولا : الحق في اكتساب القسط والقسط التكميلي
من المعلوم أن أهم حق من حقوق المؤمن هو القسط المدفوع من قبل المؤمن له مقابل توفير التغطية التأمينية بنص المادة 108/2 مكن الأمر 95/07 من جهة ، ومن جهة أخرى امكانية التفاوض من أجل الحصول على أقساط أخرى في عقد التأمين البحري على السفينة.
1- اكتساب القسط في حال هلاك الشيء المؤمن عليه
القاعدة أن القسط يكون مكتسبا للمؤمن بمجرد سريان الأخطار جسب نص المادة 130 من الأمر 95/07، غير أنه يثور التساؤل حول أحقية المؤمن في هذا القسط عند هلاك الشيء المؤمن عليه قبل انتهاء العقد ، وفي هذه الحالة نميز بين حالتين للهلاك :
الحالة الأولى : الخسارة التامة أو التخلي على عاتق المؤمن :
في حالة هلاك الشيء المؤمن عليه وخسارته التامة أو الموجبة للتخلي بسبب خطر مشمول بالتأمين ، فإن القسط يكون مكتسبا للمؤمن عن كامل عقد التأمين ولو كان وقت وقوع الحادث والمؤدي للخسارة في بداية سريان العقد.
وعليه فإنه بالرغم من نهاية العقد بالهلاك الكلي للشيء المؤمن عليه قبل انتهاء مدة العقد ، فإن المؤمن يبقى مكتسبا لكامل القسط عن كامل مدة العقد ، وهو ما نصت عليه المادة 130من قانون التأمينات.
وبالتبعية لهذا الحكم فإن المؤمن له ملزم بدفع باقي الأقساط الخاصة بكامل مدة العقد للمؤمن في حال كان القسط مجزءا.
الحالة الثانية : الخسارة التامة أو التخلي خارج عاتق المؤمن
في حالة هلاك الشيء المؤمن عليه وخسارته التامة أو الموجبة للتخلي ، غير أن المؤمن غير معفى من التعويض إما بسبب عدم شمولية الخطر بالتأمين ، أو بأي سبب من الأسباب المؤدية إلى الإعفاء من الضمان كالخطأ العمدي أو الغش... فإن القسط في هذه الحالة يكون مكتسبا للمؤمن على أساس المدة السارية من العقد حتى وقوع الخسارة التامة ، أو تاريخ التبليغ بالتخلي ، في حال وجود مؤمن آخر يتحمل عملية التخلي، وهو ما نصت عليه المادة 130 من الأمر 95/07.
2- الحق في القسط التكميلي في حال تعدد الحوادث
تنص المادة 133 من قانون التأمينات على إلتزام المؤمن بضمان كل حادث في حدود القيمة المؤمن عليها مهما كان عدد الحوادث الواقعة خلال مدة العقد ، وعليه فإن المؤمن يلزم بتعويض المؤمن عليه عن كل الخسائر التي تلحق الشيء المؤمن عليه مهما تكررت مادامت مضمونه ، ووقعت أثناء سريان العقد.
غير أن المشرع راعى مصلحة المؤمن جراء الضرر الواقع عليه من تعدد الحوادث أثناء مدة العقد ، وقرر في الفقرة الثانية من المادة 133 من الأمر 95/07 حقا للمؤمن في التفاوض مع المؤمن له بخصوص دفع قسط تكميلي بعد الحادث.
ثانيا : حدود التعويض
ينص المشرع في المادة 131/01 من الأمر 95/07 على أنه في حال تعويض العطب اللاحق بالسفينة بناء على الخسارة الجزئية، فإن المؤمن لا يضمن إلا الأضرار المادية المتعلقة بالاستبدال أو الإصلاح المتفق على ضرورتهما لجعل السفينة صالحة للملاحة من جديد.
وعليه فلا يلزم المؤمن بتعويض الأجزاء التي لم يصبها ضرر ولو كانت على وشك العطب ، ما لم تؤثر على صلاحية السفينة للملاحة.
كما تستبعد تعويضات فقدان القيمة أو البطالة أو أي أسباب أخرى لم ينص عليها عقد التأمين البحري على السفينة صراحة ، غير أنه يمكن للأطراف ضمان هذه الخسائر بالتبعية للحادث المضمون ، وذلك بنص المادة 131/02 من الأمر 95/07.
الفرع الثاني : حقوق المؤمن له
حقوق المؤمن له الخاصة بعقد التأمين على السفينة -زيادة على باقي الحقوق المذكورة سابقا- تتمثل أساسا في ضمان المؤمن نتائج إصطدام سفينة المؤمن له بأشياء بالغير ، وحق الضمان المتكرر للحوادث ، وحق التخلي في حالة هلاك الشيء المؤمن عليه.
أولا : ضمان المؤمن التعويض عن الأضرارالتي يسببها المؤمن له لأشياء الغير
في هذا الصدد نصت المادة 132 من الأمر 95/07 ، على أنه يضمن المؤمن تعويض الأضرار بجميع أنواعها التي تترتب على المؤمن له ، في حالة طعن الغير عليه ، نتيجة إصطدام السفينة المؤمن عليها بسفينة أخرى أو مبنى أو أي جسم ثابت أو متحرك أو عائم ، باستثناء الأضرار اللاحقة بالأشخاص.
يلاحظ من نص المادة سابقة الذكر ما يلي :
- يحل المؤمن محل المؤمن له في وفائه بالتعويضات المستحقة للغير ضده .
- يضمن المؤمن التعويض عن جميع أنواع الأضرار.
- ذكر المشرع نوعا واحدا من الأخطار التي يضمنها المؤمن في حال امتداد أثرها إلى الغير وهو الاصطدام، بالرغم من أن الأضرار التي تلحق الغير قد تكون نتيجتها الحريق مثلا ، وفي هذا يثور التساؤل حول قصد المشرع الحقيقي ، هل هو الاصطدام فقط من أم كل الأخطار البحرية؟!
- يستثنى من حلول المؤمن محل المؤمن له في التعويض : الأضرار اللاحقة بالأشخاص.
ثانيا : حق التعويض عند تعدد الحوادث
هذا الحق نص عليه قانون التأمينات في المادة 133 منه، حيث يحق للمؤمن له الحصول على التعويض مقابل كل الأضرار التي تلحق الشيء المؤمن عليه في حدود القيمة المؤمن عليها، مهما كان عدد الحوادث الواقعة خلال مدة العقد.
ثالثا : حق التخلي
وهو المنصوص عليه في المادة 134 من الأمر 95/07 ، حيث يقرر هذا النص للمؤمن له في بعض الحالات حق التخلي عن السفينة مقابل الحصول على مبلغ التأمين ، سنتطرق إلها لاحقا.
المطلب الرابع : مصير عقد التأمين في حال انتقال ملكية السفينة أو تأجيرها
يطرح موضوع انتقال ملكية السفينة إشكالية مصير عقد التأمين والأقساط المترتبة عنه.
تجيب المادة 135 من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات على هذا الإشكال بالنص على أنه في جال انتقال ملكية السفينة أو استئجارها بدون تجهيز ، تبقى آثار التأمين سارية لفائدة المالك الجديد أو المستأجر، شريطة إعلام المؤمن خلال 10 أيام .
ويترتب على المؤمن له الجديد عندئذ القيام بالالتزامات المنصوص عليها في العقد.
الفرع الأول : شروط سريان عقد التأمين في حق المؤمن له الجديد
إشترط المشرع لسريان عقد التأمين في حق المؤمن له الجديد بعد انتقال ملكية السفينة أو تأجيرها دون تجهيز شرطين هما :
1- إعلام المؤمن بانتقال ملكية السفينة أو تأجيرها بدون تجهيز خلال مدة 10 أيام.
2- في حالة الملكية المشتركة للسفينة ، فإنه يشترط لتطبيق الأحكام الخاصة بانتقال عقد التأمين لمصلحة المالك الجديد (شرط الإعلام) ، أن تنقل الملكية بنسبة تزيد عن 50 بالمائة من حصص السفينة، وهو ما نصت عليه المادة 135/3 من قانون التأمينات.
يلاحظ من أحكام المادة 135 المتعلقة بمصير عقد التأمين في حال إنتقال ملكية السفينة أو تأجيرها بدون تجهيز ، إستثناء السفينة المؤجرة بالتجهيز من تطبيق هذه المادة ونقصد هنا شرط إعلام المؤمن.
ربما يعود السبب في بقاء سريان عقد التأمين على السفينة ولو بدون إعلام المؤمن في حالة تأجير السفينة مجهزة إلى أنه في هذه الحالة فإن الأخيرة لا يتغير مركزها المادي من حيث التجهيزات والآلات واللواحق، وعليه فإن ظروف العقد لم تتغير وبالتالي فلا مبرر لشرط إعلام المؤمن له بالتأجير لسريان عقد التأمين على السفينة ، على خلاف حالة تغير مالك السفينة ، أو مجهزها ، حيث لا يضمن المؤمن إلتزام الملاك الجدد بعقد التأمين من جهة ، كما أنهم قد يغيرون من نشاط السفينة بما يغير من الظروف والبيانات التي بني عليها عقد التأمين، لذلك اشترط المشرع إعلام المؤمن بهذا الانتقال في الملكية أو الاستئجار خلال 10 أيام ، وللمؤمن قبول سريان العقد لفائدة المؤمن لهم الجدد أو طلب فسخ العقد.
الفرع الثاني : آثار عقد التأمين على السفينة بعد انتقال الملكية أو الاستئجار
بمجرد إعلام المؤمن بانتقال ملكية السفينة أو استئجارها في أجل 10 أيام ، يبقى عقد التأمين على السفينة ساري المفعول منتجا لآثاره:
أولا : سريان عقد التأمين لفائدة المالك الجديد أو المستأجر
أوردت المادة 135 من الأمر95/07 آثار عقد التأمين على السفينة بعد انتقال الملكية أو بالنص على أنه: "تبقى آثار التأمين سارية لفائدة المالك الجديد أو المستأجر" وعليه فإن عقد التأمين -كقاعدة- لا ينتهي بانتقال ملكية السفينة أو بإستئجارها بل يبقى ساري المفعول.
ثانيا : التزام المؤمن له الجديد بعقد التأمين على السفينة
وعليه تنطبق عليه الالتزامات الواردة في المادة 108 من قانون التأمينات، بما فيها دفع القسط ، بذل الجهد في اتقاء الأضرار أو الحد من تفاقمها ، وكذا كماية حقوق المؤمن بالرجوع على الغير المتسبب في الإضرار بالشيء المؤمن عليه وغيرها...
ثالثا : حالات القسط في جال انتقال الملكية أو استئجارها
تنص المادة 135/2 من قانون التأمينات على أنه تبقى الأقساط المستحقة قبل انتقال الملكية أو استئجارها على عاتق ناقل ملكيتها أو مؤجرها؛ في جين يلتزم المؤمن له الجديد بتسديد أقساط التأمين المستحقة بعد انتقال ملكية السفينة أو تأجيرها.
رابعا: حق المؤمن فسخ العقد
زيادة على حق المؤمن إعلامه في عشرة (10) أيام بانتقال ملكية السفينة أو تأجيرها من أجل سريان عقد التأمين على السفينة لصالح المالك الجديد ، فإن المشرع أعطى المؤمن إمكانية فسخ العقد خلال شهر واحد إبتداء من اليوم الذي تلقى فيه التبليغ بنقل الملكية أو استئجارها بنص المادة 135/03 من قانون التأمينات.
ويسري مفعول هذا الفسخ بعد خمسة عشر (15) يوما من تاريخ التبليغ (المادة 135/04) ، غير أن المشرع لم يحدد المقصود بالتبليغ ، وهنا نرى أن أجل الخمسة عشر يوما يبدأ حسابها من تاريخ تبليغ المؤمن له بفسخ عقد التأمين.
-
التأمين البحري على البضائع المشحونة
المبحث الثاني
التأمين البحري على البضائع الشحونة
يخضع عقد التأمين البحري على البضائع الشحونة إلى أحكام الباب الثاني من الأمر 95/07 المتعلق بالتأمينات البحرية بشكل عام ، وإلى أحكام القسم الثاني من الفصل الثالث من الباب الثاني خصوصا والمعنون بـ"التأمين على البضائع المشحونة" من المادة 136 إلى المادة 144 من الأمر السابق.
مبدأ وحدة العقد في التأمين البحري على البضائع
نصت المادة 136 من الأمر 95-07 السالف الذكر على ما يلي: " تطبق الأحكام المتعلقة بالتأمين البحري على كامل الرحلة إذا اقتضى نقل البضاعة المؤمن عليها عن طريق البر و/ أو النهر و/ أو الجو سواء كان ذلك قبل النقل البحري و/ أو تكملة له ".
من خلال تحليل هذه المادة يتجلى أن المشرع الجزائري أخذ بفكرة وحدة العقد، حيث تسري أحكام التأمين البحري مهما كان النقل مختلطا ما دام تابعا للنقل البحري، ويعرف هذا النظام باسم"شرط من المخزن إلى المخزن"، إذ يشتمل التأمين البحري إلى جانب الأخطار البحرية، أخطار نقل البضاعة بالطريق البري من مخازن الشاحن إلى ميناء الشحن، وأثناء وجود البضاعة على رصيف الميناء، ثم الأخطار التي تلي تفريغ البضاعة من السفينة، و نقلها من ميناء الوصول بطريق البر أو النهر أو الجو إلى مخازن المرسل إليه.
ويجد هذا الامتداد أساسه القانوني في فكرة التبعية التي يعبر عنها بأن الفرع يتبع الأصل، فالأصل هو النقل البحري، أما الفرع فهو إما نقل بري أو جوي أو نهري، ولهذا فمن الجائز أن يخضع الفرع للقواعد التي تحكم الأصل.
نصت المادة 139 من الأمر 95-07 السالف الذكر أنه " يمكن تأمين البضائع بوثيقتين:
1 ـ وثيقة تأمين صالحة لرحلة واحد ة
2 ـ وثيقة تأمين مفتوحة ".
المطلب الأول
التأمين على البضائع بالرحلة الواحدة
نصت المادة 139/1 من الأمر 95-07 السالف الذكر أنه يمكن تأمين البضائع بوثيقة تأمين صالحة لرحلة واحدة.
لا يسأل المؤمن عن الخطر إلا إذا تحقق في الزمان والمكان اللذين يغطيهما عقد التأمين، فإذا وقع الحادث خارج هذا النطاق كان المؤمن غير مسؤول عنه، ومن ثمة يلزم تحديد الزمان والمكان اللذين يسري فيهما عقد التأمين.
لا شك أن تحديد الزمان بالنسبة للخطر المؤمن منه يكتسي أهمية بالغة، ذلك أن الخطر إذا تحقق خلال زمن عقد التأمين يكون موضوعا للتعويض، وعلى العكس من ذلك إذا وقع الخطر خارج هذا النطاق الزمني، فإن المؤمن لا يكون ملزما بضمان نتائج وقوعه.
أولا : الحدود الزمنية لعقد التأمين على البضاعة بالرحلة
ينعقد التأمين على البضائع برحلة محددة تمتد من نقطة الخروج من المخزن في أقصى نقطة من الإرسال إلى لحظـة دخولـها في مـخزن المرسـل إليه في مـكان الوصـول المعين في أمـر تأمـين الرحـلة، ويـدعى هذا الشـرط "من المخزن إلى المخزن "، وهو ما أكدته المادة 136 من الأمر 95-07 السالفة الذكر.
والملاحظ أن المادة التاسعة 09 من الوثيقة الجزائرية للتأمين على البضائع الصادرة من الشركة الجزائرية لتأمينات ﺍﻟﻤﺅﺭﺨﺔ ﻓﻲ 16/03/1998 ﺘﺤﺕ ﺭﻗﻡ 15 ﻤﻥ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ، جاءت بتفصيلات لم يذكرها المشرع الجزائري، إذ نصت أنه " إذ وصلت البضائع المؤمن عليها إلى مكان الوصول للرحلة المضمونة ولكنها لم تدخل بعد مخازن المرسل إليه لأنها وضعت في المستودعات أو المخازن العامة والخاصة أو في مخازن انتظار في الجمركة أو على الرصيف فإن ضمان المؤمن يتوقف تلقائيا بانقضاء الآجال الآتية:
1 ـ بانقضاء شهر واحد ابتداء من تفريغ البضاعة من السفينة الناقلة أو عتاد آخر للنقل وذلك عندما يكون مكان الوصول النهائي هو الميناء.
2 ـ بمرور خمسة عشر (15) يوما عندما يكون مكان الوصول النهائي هو نقطة في الداخل وباتفاق مشترك للمتعاقدين يمكن لهما تمديد هذه الآجال ".
ثانيا : مكان الأخطار في عقد التأمين على البضائع بالرحلة م137
من المعلوم أن الأخطار التي تتعرض لها السفينة في رحلتها تختلف باختلاف المناطق البحرية التي تتم فيها الملاحة، ولا شك أن مكان الأخطار عنصر هام في تقرير الخطر المضمون، إذ لا بد من تحديده في عقد التأمين، وأن يحدث الخطر في إطاره حتى يكون مضمونا.
ويتخذ مكان الأخطار صورا مختلفة هي الرحلة المؤمن عليها، و الطريق المتفق عليه أو المعتاد، و السفينة التي تشحن فيها البضائع، والمكان الذي تشحن فيه البضائع في السفينة ، لكن قد يحدث أن يحصل تغيير لمكان الأخطار، فهل تبقى مشمولــة بالتأميـــن ؟
أولا: تحديد مكان الأخطار
لا يضمن المؤمن إلا الأخطار التي تقع في المكان المحدود في العقد. ففي التأمين بالرحلة فإن مكان الأخطار مثله في ذلك مثل زمان الأخطار يتحدد بالرحلة المبينة في العقد، فيجب على السفينة أن تسلك الطريق المعتاد والمعين في الوثيقة خلال هذه الرحلة ضمانا لسريان التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه.
أما إذا كان التأمين لمدة محددة، وكذلك في وثيقة التأمين المفتوحة والمتعلقة بالتأمين على البضائـع، فـإن العقد يحدد المناطق التي يجوز فيها للسفينة أن تقوم بالملاحة ، فإن خرجت السفينة عن الحدود المبنية في العقد تصبح الأخطار غير مضمونة، إذ ورغم وجود أخطار مشتركة في جميع الملاحات غير أنه هناك ممرات أكثر خطورة مثل البحار الجامدة وبعض المضايق والخلجان.
ثانيا: تعديل مكان الأخطار
نصت المادة 137 من الأمر 95-07 السالف الذكر على ما يلي: " يسري التأمين على البضائع بدون انقطاع حيثما كانت في حدود الرحلة المذكورة في وثيقة التأمين.
وتبقى الأخطار مغطاة أيضا إذا حدث أي تغيير في الطريق أو الرحلة أو السفينة، ويكون هذا التغيير خارجا عن رقابة المؤمن له أو إرادته ".
1 ـ تغيير الرحلــة
يقصد بتغيير الرحلة تغيير ميناء الإقلاع لظرف يمنع السفينة من السفر فيه، أو تغيير ميناء الوصول لظرف قهري يمنع تفريغ البضائع فيه.
فيجب على المؤمن له القيام بالرحلة المحددة في العقد، فإن حصل تغيير للرحلة المقررة قصدا فإن المؤمن له يكون قد غير في الأخطار التي أخذها المؤمن على عاتقه، وعلى ذلك فلا يضمنها المؤمن، أما إن كان تغيير الرحلة خارجا عن رقابة المؤمن له أو إرادته فإن المؤمن يبقى ضامنا للأخطار، كأن يقرر الربان الرسو في ميناء آخر غير الميناء المعين في وثيقة التأمين، وتفريغ البضاعة فيه لكون الميناء الأول قد تم غلقه بعد إبرام عقد التأمين لظروف معينة.
2 ـ تغيير الطريق
يقصـد بتغيير الطريـق الانـحراف عن الطريق المتفـق عليه أو المعتاد اتباعهـا، ثم الرجـوع إليـها، ويعفى المؤمن من ضمان الحوادث التي تقع خارج الطريق المتفـق عليه، أو الطريق المعتـاد، إذا لم يحدد الطريـق اتفاقا، غير أنه إذا كان تغيير الطريق خارج عن رقابة المؤمن له أو إرادته فإن المخاطر تبقى مضمونة من طرف المؤمن، كأن تنحرف السفينة عن الطريق المعين في العقد لتفادي عاصفة شديدة.
3 ـ تغيير السفينــة
في التأمين على السفينة يعتبر تغيير السفينة تغييرا لمحل العقد ينبني عليه بطلان العقد، أما في التأمين على البضائع فإن الأخطار التي تلحق بالبضائع لا يضمنها المؤمن في حالة تغيير السفينة إلا إن كان هذا التغيير خارجا عن رقابة المؤمن له أو إرادته، كأن تنقل البضائع إلى سفينة ثانية بأمر من الربان بعد أن وقع عطب بالسفينة الأولى.
كما أن المؤمن لا يضمن الأخطار التي تصيب البضائع المشحونة على سطح السفينة إذا لم تجز وثيقة التأمين ذلك، لأنه يعتبر تغييرا لمكان المخاطر، إذا تكون البضائع في هذه الحالة أكثر عرضة للأخطار كخطر السقوط في البحر، أو السرقة، أو البلل بمياه البحر أو مياه الأمطار .
ملاحظة
- إن ما يعاب على المادة 137 من الأمر 95-07 السالفة الذكر أنها جاءت في باب التأمين على البضائع، مما يجعلها غير مطبقة على عقود التأمين على السفن.
- تسري هذه القواعد أيضا على التأمين على البضائع بوثيقة التأمين المفتوحة .
المطلب الثاني
التأمين على البضائع بوثيقة تأمين مفتوحة
الفرع الأول : مفهوم وثيقة التأمين المفتوحة
نستعرض في هذا العنصر المقصود بوثيقة التأمين المفتوحة ، وأهميتها.
أولا : المقصود بوثيقة التأمين المفتوحة
وثيقة التأمين المفتوحة هي ما يعرف في ميدان التأمين البحري باسم الوثيقة العائمة أو وثيقة الاشتراك، حيث يتفق طرفا عقد التأمين بمقتضى هذه الوثيقة على أن يغطي المؤمن كل ما يشحنه المؤمن له أو ما يصل إليه من بضائع خلال مدة معينة، أوبدون تحديد لتلك المدَّة، وبمقتضاها يحق للمؤمَّن له الحصول على تغطية تلقائية في إطار الشروط المحدَّدة في الوثيقة، لكل الإرساليات المتتالية التي يحصل شحنها عبر السفن، إمَّا لأجل استيراد البضائع أوتصديرها، خلال فترة سريان أجل الوثيقة المفتوحة، دون حاجة لإبرام عقد تأمين أو تحرير وثيقة تأمين عن كل إرسالية بضائع مشحونة.
وفي أغلب الحالات لايتم تحديد إجمالي مبلغ التأمين البحري عن كل الإرساليات المشحونة ، غير أنَّ المؤمِّن يشترط عادة عدم تجاوز قيمة البضائع المشحونة على سفينة واحدة مبلغاً معيَّناً، يتم تحديده في وثيقة التأمين المفتوحة ولما كانت الأشياء المؤمن عليها غير معينة في وثيقة التأمين عرفت الوثيقة باسم الوثيقة العائمة، كما أن المؤمن له يلتزم بدفع قسط دوري يخضع تحديده لمقدار البضائع التي تشحن، ولذلك يعتبر في مركز المشترك لدى المؤمن.
وتسمى أيضا وثيقة الاشتراك، الوثيقة العائمة، وثيقة الغطاء المفتوح، وهناكم ثيقة التأمين المغلقة أو المتناقصة...
ثانيا : أهمية وثيقة التأمين المفتوح
أشار الباحثين إلى عدَّة فوائد لوثيقة التأمين المفتوحة، نذكر منها مايلي :
1 - أداة لتجسيد التغطية التلقائية للبضائع المشحونة
تغطِّي وثيقة التأمين المفتوحة أوالعائمة بشكل تلقائي كل الشحنات البحرية التي يصدِّرها أويستوردها المؤمَّن له، سواءً لحسابه الشخصي أولحساب الغير بصفته مستفيداً من التغطية التأمينية، وهي تمكِّن المؤمَّن له من إبرام عقد تأمين لمستفيد غير معيَّن وقت إبرامه ، بل يتحدَّد ذلك المستفيد عند تحقُّق الخطر.
وبموجب ذلك تصبح وثيقة التأمين المفتوحة قابلة للإنتقال من المؤمَّن له إلى أيِّ شخص آخر يتفق معه، مالم تتضمَّن شرطا يمنع انتقالها، ويتم نقلها عادة بتظهيرها مع سند الشحن للمظهر إليه، ويؤدِّي ذلك إلى نقل كافة الحقوق والإلتزامات المترتِّبة عنها لحاملها، الذي يحق له أن يطالب المؤمِّن بتعويضه عن كل الخسارة اللاحقة بالبضائع المشحونة المؤمَّن عليها.
2- الوثيقة المفتوحة أداة لتحقيق العديد من عمليات الشحن:
تموفِّر وثيقة التأمين المفتوحة الوقت والإختصار في الإجراءات والجهد، والإقتصاد في النفقات والمصاريف اللازمة لاستصدار عدَّة وثائق منفردة عن كل شحنة بحرية، يتم تصديرها أواستيرادها. وهي بذلك تحقِّق غايات اقتصادية لكل أطراف عقد التأمين البحري، باعتبارها تساعد المؤمِّن على التدقيق في احتساب مبالغ أقساط التأمين، لما توفِّره من وقت للمؤمِّن نتيجة طول مدَّتها.
تمكِّن الوثيقة المفتوحة المؤمَّن له من القيام بعدَّة عمليات شحن متكرٍّرة ومنفصلة عن بعضها البعض، وقد تكون مختلفة من حيث نوع البضاعة وكميتها، وبعقد تأمين واحد، فهي تمغني المؤمَّن له من إبرام عدَّة عقود تأمين، وقد تختلف أيضاً الشحنات عن بعضها من حيث اختلاف موانئ الشحن والتفريغ والسفن القائمة بالنقل البحري للبضائع، الأمر الذي يمل بي رغبة الكثير من التجار المستوردين أوالمصدِّرين ممَّن يمفضِّلون التعامل بالإرساليات على دفعات متكرِّرة، أويضظرُّون لذلك نتيجة طبيعة الشحنة البحرية المنقولة.
الفرع الثاني : ﺍﻟﺘﻜﻴﻴﻑ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻠﻭﺜﻴﻘﺔ التأمين المفتوحة
ﻨﻅﺭﺍ ﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻥ ﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ﺍﻷﺨﺭﻯ، ﺜﺎﺭ ﺠﺩل ﻜﺒﻴﺭ ﺒﻴﻥ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﺠل ﺘﺤﺩﻴﺩﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘـﺔ. ﻤﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻅﻬﻭﺭ ﺜﻼﺜﺔ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ،ﻓﻤﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﻴﺭﻯﺒﺄﻥ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﻋﺎﺌﻤﺔ ﻋﺒـﺎﺭﺓ ﻋـﻥ ﻋﻘﺩ ﻤﻌﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻁ ﻭ ﺤﺠﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻜﻭﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﺌﻤﺔ ﺘﺼـﺩﺭ ﺒﻌﻤﻭﻤﻴﺎﺘﻬـﺎ ﺘﺎﺭﻜـﺔ ﺘﻔﺎﺼﻴﻠﻬﺎ ﻤﻌﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺭﺴﻠﺔﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﻟﻪ ﻋﻥ ﻜل ﺸﺤﻨﺔ ﺃﻭﺇﺭﺴﺎﻟﻴﺔ.
ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻴﺭﻯ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻭﻋﺩ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻗﺩ ﻭ ﺫﻟﻙ ﻻﻨﺘﻔﺎﺀ ﻭ ﻋﺩﻡ ﺘﻌﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸـﻜل ﺭﻜﻥ ﻫﺎﻡ ﻤﻥ ﺃﺭﻜﺎﻥ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥﺍﻟﺒﺤﺭي وﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﻓﻲ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤـﺭﻱ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﺌﻤﺔ.
ﺇﺫ ﺃﻥ ﻜل ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻜﺭﻜﻥ ﻤﺤل ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤـﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﻓﺭﺓ ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌل ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺩﺭﺕ ﻋﻨﻪ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﺌﻤﺔ ﻏﻴﺭ ﻨﻬﺎﺌﻲ ﻭ ﺇﻨﻤﺎ ﻤﺠﺭﺩ ﻋﻘﺩ ﻤﻤﻬﺩ ﻟﻌﻘﻭﺩ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﺒﺤﺭﻱ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺸـﺤﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨـﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻓﺎﺓ ﻟﻠﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﺭﻜﻥ ﺍﻟﻤﺤل ﻟﻌﻘﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺒﻀـﺎﺌﻊ ﺒﻤﻭﺠـﺏ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﻤﺤﺩﺩ ﻟﻠﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﺸﺤﻨﺔ.
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻴﺭﻯ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻋﻘﺩ ﻨﻬﺎﺌﻲ ﻤﻜﻤل ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺃﻥ ﻤﺤل ﻋﻘـﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﻴﺠﻭﺯ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺎﺒل ﻟﻠﻭﺠﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴـﺘﻘﺒل ﻭ ﻜـﺫﻟﻙ ﻗﺎﺒـل ﻟﻠﺘﻌﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﻟﻪ،ﺇﺫﺍﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻗﺩ ﺘﻼﻗﻰ ﻗﺒﻭل ﻭﺇﻴﺠـﺎﺏ ﺍﻟﻁـﺭﻓﻴﻥ ﺍﻨﻌﻘﺩ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺒﺼﻔﺔ ﻨﻬﺎﺌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺭﻀﺎﺌﻴﺔ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ.
الفرع الثالث : التزامات المؤمن له في وثيقة التأمين المفتوحة م 140 - 141
زيادة على الإلتزامات العادية المقرَّرة بموجب عقد التأمين، ومنها أساساً دفع أقساط التأمين في ميعادها المتَّفق عليه، وأن ميخطر المؤمِّن بالظروف الحقيقية للرحلة البحرية، وأن ميخطر المؤمِّن بتعرُّض البضائع المؤمَّن عليها للخطر البحري خلال مدَّة معيَّنة، حدَّدها قانون التأمينات الجزائري ب 07 أيام على الأكثر بعد اطِّلاعه على الحادث البحري، وأن يمساعد المؤمِّن في التحقيق حول الحادث، ويمقدِّم بياناً خاصاً به وتعيين مبلغ الأضرار والخسائر، ويمصرِّح للمؤمِّن خلال 10 أيَّام على الأكثر بعد اطلاعه على تفاقم الخطر المضمون الذي حصل أثناء العقد، ويبذل الجهود اللازمةلتجنُّب أضرار الخطر البحري المؤمَّن ضدَّه، أوالحدِّ من اتِّساعها. يلتزم المؤمَّن له، بأن يتَّخذ جميع التدابير الضرورية الرَّامية لحفظ حقوق المؤمِّن، للطَّعن ضدَّ الغير المسؤولين عن الأضرار الحاصلة، وأن يمراعي الإلتزامات المتَّفق عليها مع المؤمِّن، أوالمحدَّدة في التنظيمات المعمول بها في مجال عقود التأمين، وأن يمصرِّح بالعقد أوعقود التأمين الأخرى التي أبرمها على نفس البضائع المؤمَّن عليها وعلى ذات الخطر المؤمَّن ضدَّه، لدى مؤمِّن آخر، وبالمبالغ المؤمَّن عليها فور اطِّلاعه على ذلك.
يلتزم المؤمن له في وثيقة التأمين المفتوحة بمايلي :
أولا: الإلتزام بتخصيص كل الشحنات للوثيقة المفتوحة
ومعنى ذلك أنَّه لايجوز للمؤمَّن له أن يستبعِد بمحض إرادته شحنات معيَّنة من نطاق ضمان الوثيقة المفتوحة تحايملاً على حقوق المؤمِّن، بحيث يَستبعِد الشُّحنات الأقل تعرُّضاً للأخطار البحرية دون باقي الشُّحنات الأكثر تعرُّضاً لها، وبالتالي يدفع قسط تامين أقل ممَّا يجب عليه دفعه، ويترتَّب عن ذلك أنَّ المؤمَّن له لا يحقُّ له أن يمؤمِّن على أيِّ إرسالية من الإرساليات المؤمَّن عليها بموجب الوثيقة المفتوحة، بشكل مستقل لدى مؤمِّن آخر.
ثانيا : إلتزام المؤمَّن له بالتصريح عن كل إرسالية بحرية يتم شحنها
1- مضمون الإلتزام بالتصريح بالمرسلات
تعيَّن على كل مؤمَّن له بموجب وثيقة التأمين المفتوحة، أن ميخطِر المؤمِّن بحصول عملية شحن أيِّ بضاعة من البضائع المؤمَّن عليها، مع بيان كل التفاصيل المتعلِّقة بها، من حيث إسم ميناء الشحن وميناء التفريغ، ونوع البضاعة وقيمتها والتاريخ الذي يمفترض فيه وصول السفينة لميناء التفريغ، وإسم السفينة الناقلة للبضائع المؤمَّن عليها عن طريق وثيقة التأمين المفتوحة، وإسم مالك السفينة أومجهِّزها، إذ يمشكِّل تصريح المؤمَّن له بمثابة إقرار يعتمد عليه المؤمِّن كإطار لتقدير مدى المخاطر التي ستضمنها شركة التأمين، ويمساعدها ذلك في معرفة محل العقد بشكل دقيق، لأنَّه بعد استلام المؤمِّن ذلك التصريح، يقوم على إثرها بتحديد مبلغ قسط التأمين على أساس السِّعر الذي يتناسب مع نوع وطبيعة وقيمة البضاعة محل الإرسالية البحرية، ثمَّ يصدِر المؤمِّن شهادة التأمين النهائية، ليلحقها بالوثيقة العائمة.
2- بدأ سريان الضمان تجاه المرسلات المصرح بها
ميزت المادة 141 من الأمر 95/07 حول تاريخ اكتساب الضمان بالنسبة للمرسلات المصرح بها من طرف المؤمن له، بين نوعين من المرسلات :
أ- المرسلات لحساب المؤمن له أو تنفيذا لعقود تكلفه إلتزام التأمين : يبدأ سريان الضمان تجاهها من تاريخ تعرضها للخطر، شريطة أن يتم إعلام المؤمن بها خلال 8 أيام على الأكثر إبتداء من استيلام الإشعارات الضرورية ، ويخفض هذا الأجب إلى 3 أيام من أيام العمل بالنسبة لأسفار المساحلة الوطنية.
ب- المرسلات التي تتم للغير وتعهد المؤمن له بتأمينها: يبدأ سريان الضمان تجاهها من تاريخ إعلام المؤمن له المؤمن بها.
ثالثا : جزاء إخلال المؤمن له باتزاماته بالإخطار
نصَّت المادة 142 من قانون التأمينات الجزائري عى جزاء إخلال المؤمَّن له بالتزاماته المقرَّرة على عاتقه قانوناً، بموجب توقيعه على وثيقة التأمين المفتوحة أوالعائمة، وتتمثَّل في: رفض الحادث من طرف المؤمِّن، وعدم الإعتراف بالخطر المؤمَّن ضدَّه، وبأنَّ المؤمِّن لايعنيه ذلك الحادث على الإطلاق، وبالتالي فهو غير ملزم بالتعويض عن الأضرار اللاحقة بالبضائع المشحونة المؤمَّن عليها بوثيقة التأمين المفتوحة، نتيجة عدم قيام المؤمَّن له بالتزاماته القانونية.
كما يحق للمؤمِّن طلب فسخ وثيقة التأمين، دون المساس بحقِّ ه في طلب الأقساط المتعلِّقة بالشحنات غير المصرَّح بها عند تاريخ الفسخ، وهذا دون تمييز بين إغفال التصريح بحسن نية أم إغفاله بسوء نية، فالحكم واحد عند المشرِّع الجزائري، على خلاف بعض تشريعات التأمين الحديثة، منها قانون التأمين البحري الإنجليزي، الذي يميِّز بين حالتي حسن النية وسوء النية في الإمتناع عن التصريح بالشَّحن، بموجب نص المادة 29 منه، التي مفادها على أنَّه:" يجب أن يشمل التصريح جميع الإرساليات طبقاً لشروط الوثيقة، غير أنَّ الإغفال أوالتصريح غير الكامل أوغير الصحيح من الممكن أن يمصحَّح حتَّى بعد تحقُّق الخسارة أوالوصول، بشرط أن يكون الإغفال أوالتصريح قد تمَّ بحسن نية"، بينما في حالة الإغفال بسوء نية، فإنَّه يحق للمؤمِّن أن يتمسَّك ببطلان وثيقة التأمين ويمتنع عن دفع أيِّ تعويض لصالح المؤمَّن له.
المطلب الثالث
وقوع الخطر في عقد التأمين البحري على البضائع
نتعرض في هذا المطلب بداية إلى الأحكام المتعلقة بالأخطار المستبعدة من الضمان في عقود التأمين على البضائع المشحونة ، ثم ننتقل إلى حالة وقوع الخطر وكيفية تقدير الأضرار ، وصولا إلى استحقاق التعويض.
الفرع الأول : أخطار خاصة مستبعدة من الضمان في التأمين على البضائع
تنص المادة 138 من الأمر 95/07 على أنه يستبعد من الضمان فيما يتعلق بالتأمين البحري على البضائع المشحونة : 1- حزم أو تعبئة البضائع بشكل غير كافي.
2- ضياع جزء من البضاعة أثناء الطريق.
3- التأخير في تسليم البضاعة ، ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ فإن ﺃﻱ ﺘﺄﺨﻴﺭ ﻓﻲ ﻭﺼﻭل ﺍﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻴﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻲ، ﻴﻌﻔـﻲ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﻤﻥ ﺃﻱ ﺇﻟﺘﺯﺍﻡ ﻓـﻲ ﺍﻟﺘﻌـﻭﻴﺽ ﻋـﻥ ﺍﻷﻀﺭﺍﺭ ﻭ ﺍﻟﺨﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻼﺤﻘﺔ ﺒﺎﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺄﺨﻴﺭ.
2- تقدير الأضرار في عقد التامين البحري على البضائع وتعويضها م144
ﺘﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ﺍﻟﻌﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻀﺎﺌﻊ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺘﻌﻭﻴﻀﻴﺔ ، ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﻜﺩﺘﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 95 ﻤﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﺍﻟﻤﻌﺩل ﺒﺄﻤﺭ95/07 ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ:''ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻷﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺤﻘﻕ ﺍﻟﻀﺭﺭ''..
إنطلق المشرِّع الجزائري في طريقة تقدير التعويض عن أضرار أخطار التأمين البحري عامة، من قاعدة وجوب التعويض عن الأضرار والخسائر الناجمة في حدود التلف أوالهلاك الحاصل للبضائع المؤمَّن عليها، تطبيقا لنص المادة 114 من قانون التأمينات، مع عدم تجاوز مبلغ التأمين المحدَّد في وثيقة التأمين عن كل إرسالية بحرية، إلاَّ في الحالات التي يجوز فيها للمؤمَّن له اختيار التخلِّي عن البضائع المشحونة التالفة أو الهالكة، إعمالاً لنص المادة 143 من القانون الأخير.
إنَّ تقدير التعويض عن الأضرار الجزئية يراعى فيه دائماً الطريقة الخاصة في احتساب قيمة التعويض النهائية لصالح المؤمَّن له، القائمة على مقارنة قيمة البضائع في حالة الخسارة بقيمتها وهي سالمة في نفس الزمان والمكان، دون تفاصيل أخرى ليطبَّق معدَّل نقص القيمة المحسوب بهذه الطريقة على القيمة المؤمَّن عليها، بحيث لاينبغي أن تتجاوز مبلغ التأمين لكل إرسالية بحرية، وهو ما يفهم من نص المادة 144 من قانون التأمينات الجزائري.
-
-
-
-
-
الاستاذ : زعرور عبدالسلام
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-