قضاء الأحداث
Aperçu des sections
-
-
السنة الثانية ماستر تخصص قانون جنائي
السداسي الثالث
إسم الوحدة: وحدة تعليم أساسية
إسم المادة قضاء الأحداث
أهداف المقياس:
موضوع قضاء الأحداث يعد من المواضيع ذات الأهمية البالغة، التي يجب على طالب الطور الثاني ماستر تخصص قانون جنائي وعلوم جنائية أن يحيط بها لما لها من الأهمية البالغة، خاصة وأنها تتطرق لفئة مهمة وهشة في نفس الوقت في المجتمع، فعلى الطالب الوقوف على الخصوصية الهامة التي أولها المشرع الجزائري في محاكمة الأحداث سواء كانوا جانحين أو معرضين للانحراف من خلال إفادتهم بمجموعة من الضمانات الخاصة دون سواهم خلال مختلف مراحل الدعوى العمومية، وأيضا في إطار ما يفرزه تجريم الانتهاكات الواقعة على حقوق الحدث من حماية جنائية كفيلة بعلاجه وإعادة إدماجه في المجتمع.
نهدف من خلال دراسة هذه المادة إلى تنمية معلومات الطالب في مجال القانون الجنائي لفئة خاصة من الأشخاص هي فئة الأحداث من خلال معرفة خصوصية معاملة هذه الفئة أمام القضاء هذه الخصوصية تبدأ بالنظر لسن الطفل يوم ارتكاب الجريمة وتستمر معاملته الخاصة إلى ما بعد تنفيذ الجزاء الجنائي
سوف يتمكن الطالب في نهاية الفصل من إدراك هذه الخصوصية بمراحلها وإجراءاتها الخاصة
المقياس مكون من محاضرات + أعمال موجهة
طريقة التقييم في المحاضرات: إمتحان + تقييم مستمر
الرصيد: 06
المعامل: 03
-
-
الجمهور المستهدف:
_ طلبة السنة الثانية ماستر قانون جنائي.
- الطلبة حاملي شهادة ليسانس في الحقوق أو شهادة تعادلها.
الأهداف التعليمية العامة:
- التعرف على خصوصي ةقضاء ألاحداث في القانون الجنائي الجاائري.
- الإطلاع على الضمانات الدولية المقدمة في مجال حماية الأحداث.
- التعرف على الضمانات المقدمة للحدث خلال أطوارالمحاكمة وكذا تنفيذ الحكم.
المكتسبات القبلية:
_ يجب أن يكون الطالب مكتسبا لمعلومات عامة حول القانون الجنائي
_ إجراءات المتابعة الجزائية
_ المسؤولية الجزائية
_ إجراءات التحقيق والمحاكمة
-
Ouvert : samedi 23 novembre 2024, 02:34Terminé : mardi 3 décembre 2024, 06:34
من خلال مكتسباتك القبلية في سنة أولى ماستر قانون جنائي أجب عن الأسئلة التالية
-
-
الأهداف التعليمية
إن دراسة موضوع قضاء الأحداث يحقّق جملة من الأهداف أهمها
- من حيث المعرفة والفهم : تمكين طالب الماستر تخصص قانون جنائي وعلوم جنائية من معرفة خصوصية قضاء الأحداث، وأساس قيامه في ظل مختلف التشريعات سواء الغربية أو العربية، و وكذا التشريع الجزائري، واستيعاب الطالب لمختلف الأسس التي يقوم عليها هذا النوع من القضاء، والذي يعد التزام يقع على عاتق كل دولة تتخذ فيه سياسة جنائية وعقابية خاصة بهم دون سواهم من البالغين، لأن ما يمكن اعتباره من مبادئ المحاكمة العادلة عند البالغين قد لا يظل كافيا لوحده إذا تعلق الأمر بفئة الأحداث الجانحين.
-من حيث المهارات: إن تحليل الطالب للنصوص القانونية سواء في قانون حماية الطفل 15-12 أو مختلف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بموضوع قضاء الأحداث، تزيد في فهم مختلف الضمانات الممنوحة للحدث دون سواه حتى نحقق له محاكمة عادلة .
-من حيث التطبيق: إن دراسة هذا المقياس يجعل طالب الحقوق ملما بكل ما يجب معرفته في مجال حماية الحدث وترقية حقوقه وهذا ما يساعده في حياته خاصة منها المهنية، باعتباره يخوض في المجال القانوني المتنوع، وخاصة المحاماة والقضاء، لأن دراسته لمختلف النصوص القانونية والدروس النظرية التي تلقاها في مقياس قضاء الأحداث، ترتبط ارتباطا وثيقا بالواقع العملي المتعلق بمجال القضاء والعدالة، وهو ما ينمي له فكر قانوني يجعله يعرف قواعد الاختصاص وكذا مختلف الحقوق والضمانات المقررة للحدث أثناء المحاكمة التي يجب عليه صيانتها والدفاع عنها
-
لقد منح المشرع الجزائري ولاية النظر في قضايا الأحداث لجهة قضائية خاصة ضمن القضاء العادي، مستقلة عن قضاء البالغين، كما منح الحدث جملة من الضمانات التي تكفل له محاكمة عادلة هدفها مراعاة نفسية هذا الأخير، لقد حدد المشرع الجزائري قضاء الأحداث بموجب القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل وذلك إستجابة للتوصيات الدولية بخصوص حقوق الطفل وتماشيا مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989 والتي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 92-461 بتاريخ 19 ديسمبر 1992
سوف نحاول من خلال هذا المقياس معرفة قضاء الأحداث وإجراءات سير الدعوى العمومية أمامه، والضمانات المقررة للحدث من خلال المحاور التالية:
المحور الأول: مفهوم الطفل
المحور الثاني: مفهوم الحدث الجانح
المحور الثالث: إجراءات البحث والتحري في مواجهة الحدث الجانح
المحور الرابع: التنظيم الهيكلي لقضاء الأحداث
المحور الخامس: إجراءات سير الدعوى أمام قضاء الأحداث
المحور السادس: العقوبات المقررة في مواجهة الحدث الجانح
-
المحور الأول: مفهوم الطفل:
إن التأمل في واقعنا المعاصر سواء على مستوى الجزائر أو على مستوى باقي الشعوب الأخرى نجد ثمة العديد من الأطفال صاروا عرضة لجرائم عديدة، تشكل تهديدا صارخا لهم سواء في حياتهم وسلامة أجسامهم أو في نفسيتهم وأخلاقهم، هذا بالنسبة للطفل كضحية، ومن جهة أخرى فإن الأرقام الإحصائية لجرائم الطفولة الجانحة أو التي هي في حالة الخطر المعنوي في السنوات الأخيرة توحي وبشكل ملفت للنظر أننا أمام تنامي ظاهرة جنوح الأحداث وهذا راجع لعديد الأسباب أهمها التفكك الأسري والعنف ضد الأطفال، وبالرغم من كثرة القوانين والتشريعات الدولية والوطنية التي تنادي بحماية الطفل كجزء من المجتمع لذلك أصدر المشرع القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل، بعد المجازر التي كان ضحيتها عديد الأطفال القصر من جرائم شنيعة خطف وقتل وتنكيل.
وقد أحدث المشرع قفزة نوعية في مجال حماية الطفل بموجب القانون 15/12 المؤرخ في 15 يوليو 2015، حيث أقر حماية لهذا الأخير حماية اجتماعية وقضائية، يتولى السهر على ضمان تطبيق الحماية القضائية قاضي الأحداث وقد خوله القانون مجموعة من الصلاحيات الخاصة بهذه المناسبة، ومن هنا نطرح الإشكال التالي: ما مدى فعالية الحماية القضائية للطفل في حالة خطر؟ وما هي الصلاحيات المخولة لقاضي الأحداث لحماية الحدث؟
سوف نحاول من خلال هذا المحور التطرق إلى مفهوم الطفل من خلال:
_ تعريف الطفل
_تعريف الطفل في حالة خطر
_ حالات الطفل في خطر
_ شروط تدخل قاضي الأحداث
_ صلاحيات قاضي الأحداث لحماية الطفل في خطر
_ دور الهيئات الاجتماعية في حماية الطفل في حالة خطر
أولا: تعريف الطفل:
أصبح الطفل محور اهتمام المجتمع الدولي حيث حظي باهتمام العديد من الصكوك الدولية لعل أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لسنة [1]1989، التي عرفت الطفل بموجب المادة الأولى منها على أنه: " لأغراض هذه الاتفاقية يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه"، كما عرفها الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل و رفاهيته لسنة 1990 الذي عرف الطفل: بموجب هذا الميثاق يقصد بالطفل أي إنسان يقل عمره عن 18 عاما[2]، كما عرفه المشرع الطفل في المادة 02 من قانون حماية الطفل بأنه كل شخص لم يبلغ 18 سنة كاملة، يعرف أحد المختصين مرحلة الطفولة بأنها المرحلة المبكرة في دورة حياة الإنسان والتي تتميز بنمو جسمي سريع لطفل، ويشير مفهوم الطفولة إلى المرحلة التي يعتمد فيها الشخص أكثر على المحيطين به[3]، حيث يكون الطفل في هذه المرحلة المستجيب لعمليات التفاعل الاجتماعي من حوله، والتي يزود عن طريقها بالعادات والتقاليد والقيم والمعايير وأساليب التفكير وأنماط السلوك التي تؤثر في شخصيته واستيعابه للالتزامات والواجبات، وبالتالي تحدد مستوى تكامله مع المجتمع على المستوى الثقافي والاجتماعي والوظيفي وكذا المعياري والشخصي، ومرحلة الطفولة هي الفترة الزمنية الواقعة ما بين مرحلة المهد وحتى المراهقة وعادة ما تقسم إلى مراحل[4] تتمثل في:
1- مرحلة المهد: تمتد من الولادة حتى السنة الثانية 02 من العمر.
2- مرحلة الطفولة المبكرة: من السنة 02 إلى السنة 06 وأحيانا يطلق عليها اسم مرحلة ما قبل المدرسة.
3- مرحلة الطفولة المتأخرة: وهي المرحلة التي تمتد من السنة 06 إلى 12.
وتؤكد هذا المفهوم المادة 49من القانون الجزائري رقم 14-01 [5] المعدل لقانون العقوبات، حيث جاء في فقرتها الأولى أنه" "لا يكون محلا للمتابعة الجزائية القاصر الذي لم يكمل 10 سنوات، لا توقع على القاصر الذي يتراوح سنه من 10 إلى أقل من 13 سنة إلا تدابير الحماية والتهذيب..."، وكما أنه وحتى على صعيد التصرفات المدنية ربط المشرع الجزائري تصرفات الطفل بين صحتها وبطلانها بمدى قُدرته على التمييز والإدراك بين الفعل النافع والضار[6]، ففرق بذلك بين الصبي غير المميز باعتباره فاقدا للأهلية كل من لم يبلغ سن الثلاثة عشرة سنة(13)، وأبطل كل تصرفاته ولو كانت نافعة له، وأما من فاق سن الثلاث عشرة دون أن يبلغ سن التاسعة عشرة سنة(19)، فأعتبره صبيا مُميزا في حكم ناقص الأهلية وأعتبر تصرفاته النافعة له نفعا بائنا فقط صحيحة لمصلحته وفي حين أبطل كل تصرف ضار له.[7]
[1]-اتفاقية حقوق الطفل، اعتمدت من قبل الجمعية العامة بموجب قرار رقم 44-25، المؤرخ في 20/11/1989 التي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 93-461، المؤرخ في 19-12-1991 / ج.ر.ع.91 الصادر في 1992
[2]- المادة 02 من الميثاق الإفريقي لحقوق الكفل و رفاهيته معتمد بأديس أبابا في يونيو 1990، صادقت عليه الجزائر بموجب مرسوم رئاسي رقك 03-242، المؤرخ في 08 يونيو، ج.ر.ج.عدد 41 الصادرة في 9 يونيو 2003
[3]- طارق أبو السعود، وسائل العنف ضد الأطفال، أكاديمية سعد العبد لله للعلوم الأمنية، مركز الإعلام الأمني، ص03.
[4]- سعد الدين بوطبال، عبد الحفيظ معوشة، مداخلة حول العنف الأسري الموجه ضد الأطفال، جامعة قاصدي مرباح، كلية العلوم الاجتماعية، الملتقى الوطني الثاني حول الاتصال وجودة الحياة في الأسرة، يومي09/10 أفريل 2013، ص02.
[5]_ القانون رقم 14-01 المتضمن تعديل قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، المؤرخ في 16فبراير2014 الصادر في الجريدة الرسمية، العدد 07.
[6]_ أنظر المواد 42 و43 من القانون رقم 75-58، المؤرخ في 26 سبتمبر 1975، والمتضمن القانون المدني، المعدل والمتمم جريدة رسمية، عدد 78، بتاريخ 30 سبتمبر 1975.
[7]_ محمد الصغير بعلي، المدخل للعلوم القانونية (نظرية القانون- نظرية الحق)، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2006، صفحة من 149 إلى 152.
[8]_ أنظر، كريمة كوشي، كوثر حلوان، الحماية القانونية للطفل في قانون حماية الطفل الجديد رقم 15/12، مذكرة ماستر، جامعة أمحمد بوقرة، بومرداس، كلية الحقوق، 2015_2016، ص 07. وأيضا، أنظر، كمال حميش، الحماية القانونية للطفل في التشريع الجزائري، مذكرة لنيل إجازة المعهد الوطني للقضاء، الدفعة 12، 2001_2004، ص53 .
[9]_أنظر، عبد الحفيظ أفروخ، السياسة الجنائية تجاه الأحداث، (مذكرة ماجستير)، جامعة منتوري، قسنطينة، 2011، ص03.
[10]_أكدت على ذلك أيضا إتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار 44/25 المؤرخ في 20 نوفمبر 1989، تاريخ بدء النفاذ في 02 سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49، التي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 92/ 461، المؤرخ في 24 جمادى الثانية عام 1413 الموافق ل 19 ديسمبر سنة1992 .
[11] _أنظر_ فريجة حسين، شرح قانون العقوبات الجزائري( جرائم الاعتداء على الأشخاص_ جرائم الاعتداء على الأموال)، طبعة 02، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2009، ص109.
[12]_المادة 06 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
[13]_أنظر_ خيرة بوطالب، الحماية الجنائية للطفل المجني عليه،(مذكرة ماجستير)، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2014، ص06.
[14]_ زيدومة درياس، حماية الأحداث في قانون الإجراءات الجزائية، (أطروحة دكتوراه)، جامعة الجزائر، 2006، ص127.
[15] _المادة 32 فقرة 02:".... بالنظر في العريضة التي ترفع إليه من الطفل أو ممثله الشرعي أو وكيل الجمهورية أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، لمكان إقامة الطفل أو مصالح الوسط المفتوح أو الجمعيات أو الهيئات العمومية، المهتمة بشؤون الطفولة".
[16]_أنظر _ حنان ميدون، القواعد الإجرائية المتبعة للتحقيق مع الأحداث في التشريع الجزائري،( مذكرة ماستر)، جامعة أكلي محند أولحاج، البويرة، 2014، ص22.
[17]_ أنظر _ المواد 35، 36،37،41،40 من قانون حماية الطفل.
[18] - نجيمي جمال، قانون حماية الطفل في الجزائر تحليل وتأصيل القانون 15/12 المؤرخ في 15 يوليو 2015، دار هومة، الجزائر، 2016.
[19] -أنظر المادة 11 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[20] - بسام عاطف المختار، إستغلال الأطفال (تحديات وحلول)، منشورات الحلبي الحقوقية، طبعة 01، بيروت، لبنان، سنة 2008، ص24
[21] - مصطفاوي عايدة، آليات حماية الطفل وفق القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل، مداخلة في الملتقى الوطني السابع حول الجرائم الماسة بالأطفال، البعد الوقائي والردعي في المنظومة القانونية، يومي 22 و 23 نوفمبر 2016، جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص 05.
[22] -أنظر المواد من 13 إلى 20 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[23] -أنظر المادة 15 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[24] - المرسوم الرئاسي رقم 92-461 المؤرخ في 19 ديسمبر سنة 1992
[25] -أنظر المادة 21 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[26] - المرسوم التنفيذي رق 08 / 287 المؤرخ في 17 / 9 / 2008 ، المتضمن شروط إوشاء مؤسسات ومراكز استقبال الطفولة الصغيرة وتنظيمها وسيرها ومراقبتها، ج. ر العدد53 .
[27] - أحمد عبد الحميد الدسوقي، الحماية الموضوعية والإجرائية لحقوق الإنسان في مرحلة ما قبل المحاكمة، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة،2007 ، ص96
[28] - مصطفاوي عايدة، مرجع سابق، ص 06. وأنظر _ علي أبو هاني، عبد العزيز العشاوي، القانون الدولي الإنساني، دار الخلدونية، الجزائر، 2010.
[29] - حموين براهيم فخار، الحماية الجنائية للطفل في التشريع الجزائري والقانون المقارن ، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه علوم في الحقوق تخصص قانون جنائي ، جامعة محمد خيضر بسكرة، 2014/2015.
[30] - نجيمي جمال، مرجع سابق
[31] - أنظر المواد 24.25.26.24.28.29 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
-
ثانيا: تعريف الطفل في خطر: بالرجوع إلى نص المادة 02 نجده نص على أن: " الطفل في حالة خطر، هو الطفل الذي تكون صحته أو أخلاقه أو تربيته أو أمنه في خطر أو عرضة له، أو تكون ظروفه المعيشية أو سلوكه من شأنهما أن يعرضاه للخطر المحتمل أو المضر بمستقبله، أو يكون في بيئة تعرض سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية للخطر"[1].
من خلال التعريف نجد أن المشرع عرف الطفل في خطر بالنظر إلى وجوده في حالة خطر، ولم يحدد طبيعة ذلك الخطر سواء كان الخطر مادي أو معنوي، مباشر أو غير مباشر، حالا وآني أو مفترض بعد مدة زمنية لتبدأ آثاره، بل ولم يقتصر على الخطر المعنوي، إنما ذكر تقريبا جميع أنواع التهديد التي قد تسبب له حالة خطر وتمس إما بجسده أو حالته النفسية أو مستقبله[2].
ثالثا: حالات الطفل في خطر: نص على هذه الحالات المشرع ضمن المادة 02 أيضا من القانون 15/12، وهي على سبيل المثال لا الحصر ومنه قد يكون الطفل ضمن حالات أخرى لم يذكرها المشرع ومع ذلك قد يتدخل القاضي لحمايته وفقا لشروط التي سوف نتطرق لها لاحقا، وهذه الحالات من بينها نذكر:
_ فقدان الطفل لوالديه وبقائه دون سند عائلي[3].
_ تعريض الطفل للإهمال أو التشرد.[4]
_ المساس بحقه في التعليم.
_ التسول بالطفل أو تعريضه لتسول.
_ عجز الأبوين أو من يقوم برعاية الطفل عن التحكم في تصرفاته التي من شأنها أن تؤثر على سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية.
_ التقصير البين والمتواصل في التربية والرعاية.
_ سوء معاملة الطفل لاسيما بتعريضه لتعذيب والاعتداء على سلامته البدنية أو احتجازه أو منع الطعام عنه أو إتيان أي عمل ينطوي على القسوة من شأنه التأثير على توازن ال/طفل العاطفي أو النفسي.
_ إذا كان الطفل ضحية جريمة من ممثله الشرعي.
_ إذا كان الطفل ضحية جريمة من أي شخص آخر، إذا اقتضت مصلحة الطفل حمايته.
_ الاستغلال الجنسي للطفل بمختلف أشكاله، من خلال استغلاله لاسيما في المواد الإباحية، وفي البغاء وإشراكه في عروض جنسية.
_ الاستغلال الاقتصادي للطفل لاسيما بتشغيله أو تكليفه بعمل يحرمه من متابعة دراسته أو يكون ضارا بصحته أو بسلامته البدنية أو / و المعنوية.
_ وقوع الطفل ضحية نزاعات مسلحة وغيرها من حالات الاضطراب وعدم الاستقرار.
_ الطفل اللاجئ.
وما يدعم التوجه المنطقي كون هذه الحالات لم تكن سوى أمثلة عن حالات الخطر التي يمكن أن يتعرض لها الطفل وتوجب التدخل من الجهات المعنية لإقرار الحماية اللازمة له هو نص المادة 06[5]، والذي جاء فيه أن الدولة تكفل حق الطفل في الحماية من كافة أشكال الضرر أو الإهمال أو العنف أو سوء المعاملة أو الاستغلال أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو المعاملة أو الاستغلال أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية، وتتخذ من أجل ذلك كل التدابير اللازمة لنموه ورعايته والحفاظ على حياته وتنشئته تنشئة سليمة وآمنة في بيئة صحيحة وصالحة وحماية حقوقه في حالات الطوارئ والكوارث والحروب والنزاعات المسلحة.
كما تسهر الدولة على ألا تضر المعلومة التي توجه للطفل بمختلف الوسائل بتوازنه البدني والفكري[6].
رابعا: شروط تدخل قاضي الأحداث:
هناك جملة من الشروط لابد من توافرها حتى يتسنى لقاضي الأحداث التدخل لحماية الطفل في خطر، وهذه الشروط منها ما يتعلق بالقاضي ومنها ما يتعلق بالحدث نفسه.
01_ شروط تتعلق بالقاضي: هما شرطان أساسيان:
_ أن يكون القاضي مختص[7]، وهو ما أكدته المادة 32 من القانون 15/ 12 حيث جاء فيها، أنه يختص قاضي الأحداث لمحل إقامة الطفل المعرض للخطر أو مسكنه أو محل إقامة أو مسكن ممثله الشرعي، وكذلك قاضي الأحداث للمسكن الذي وجد به الطفل في حال عدم وجود هؤلاء بالنظر في العريضة التي ترفع إليه من الطفل أو ممثله الشرعي أو وكيل الجمهورية أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، لمكان إقامة الطفل أو مصالح الوسط المفتوح أو الجمعيات أو الهيئات العمومية، المهتمة بشؤون الطفولة.
كما يجوز لقاضي الأحداث أن يتدخل تلقائيا، وله أيضا تلقي الإخطار المقدم من الطفل شفاهة.
_ أن يكون القاضي ملما بالوقائع، معنى ذلك أن يكون القاضي على دراية بالأحداث والوقائع التي تمس بالطفل وقد تعرضه للخطر، ليوازن فيما بعد بين ما يتلقاه من حالات في الإخطار وما نص عليه المشرع وفقا للقانون 15/[8]12، بغية اتخاذ التدبير والإجراء المناسب حسب وضعية الطفل، وبالتالي محاولة توفير استقرار نفسي وعقلي له[9].
02_ شروط تتعلق بالحدث: هناك أيضا شروط لا بد من توافرها في الحدث منها:
_ أن يكون سن الطفل أقل من 18 سنة.
_ أن يكون الطفل ضمن حالة من حالات الخطر والتي نصت عليها المادة 02 من القانون 15/12.
والجدير بالذكر هنا أن المشرع الجزائري بموجب القانون 15/12 أضفى الحماية على فئة جديدة من الأطفال وهي الطفل اللاجئ، ومنه يمكن لقاضي الأحداث أن يتدخل ولو من تلقاء نفسه لحماية هؤلاء الأطفال اللاجئين على إعتبار أنهم ضمن حالات الخطر، عرضة للتسول كأبسط صور الخطر.
خامسا: صلاحيات قاضي الأحداث لحماية الطفل في خطر:
يمكن القول بأن القانون 15/12 لم يغفل أن من هذه الصلاحيات وحددها من خلال الإجراءات والتدابير المختلفة المخولة لقاضي الأحداث لحماية الطفل في خطر.
01_ الإجراءات المتخذة لحماية الطفل في خطر:
بناء على نص المادة 32 من القانون رقم 15 - 12 المتعلق بحماية الطفل، فإن اختصاص قاضي الأحداث ينعقد تبعا لمحل إقامة الطفل المعرض للخطر أو تبعا لمسكنه أو محل إقامته أو مسكن ممثله الشرعي، وكذا تبعا للمكان الذي وجد به الطفل في حال عدم وجود ما تم ذكره سابقا، وبالتالي يتولى قاضي الأحداث النظر في قضية الطفل المعرض للخطر بناء على العريضة التي ترفع إليه من الطفل أو ممثله الشرعي أو وكيل الجمهورية أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي مكان إقامة الطفل أو مصالح الوسط المفتوح أو الجمعيات أو الهيئات العمومية المهتمة بشؤون الطفولة.
وفي حالات أخرى يجوز لقاضي الأحداث أن يتلقى الإخطار المقدم من الطفل شفاهة أو أن يتدخل بنفسه وبصورة تلقائية.
_ أجراء السماع: على قاضي الأحداث وفور وصول القضية إلى قاضي الأحداث بناء على العريضة المقدمة إليه يقوم بسماع الطفل و/ أو ممثله الشرعي، ويتلقى أقوالهما وآرائهما حول وضعية الطفل ومستقبله، وفي سبيل التحقيق الذي يقوم به قاضي الأحداث، فإنه يتولى دراسة شخصية الطفل لاسيما بواسطة البحث الاجتماعي والفحوص الطبية والعقلية والنفسانية ومراقبة السلوك، ويمكنه مع ذلك إذا توفرت لديه عناصر كافية للتقدير أن يصرف النظر عن جميع هذه التدابير أو أن يأمر ببعض منها.
_ دراسة شخصية الطفل: كما يمكن لقاضي الأحداث أن يتلقى كل المعلومات والتقارير المتعلقة بوضعية الطفل، وكذا تصريحات كل شخص يرى فائدة من سماعه، وله أن يستعين في ذلك مصالح الوسط المفتوح.
2_ التدابير التي يتخذها قاضي الأحداث لحماية الأطفال في خطر:
بخصوص ما يمكن أن يتخذه قاضي الأحداث أثناء التحقيق في شأن الطفل، فإنه وحسب المواد: 35 ، 36 ، 37 ،40،41 من القانون رقم 15 - [10]12 المتعلق بحماية الطفل له الحق في اتخاذ ما يلي:
_ يجوز لقاضي الأحداث بموجب أمر بالحراسة المؤقتة أن يتخذ بشأن الطفل أحد التدابير الآتية:
أ- إبقاء الطفل في أسرته.
ب- تسليم الطفل لوالده أو لوالدته الذي لا يمارس حق الحضانة عليه، ما لم تكن قد سقطت عنه بحكم.
ت- تسليم الطفل إلى أحد أقاربه.
ث- تسليم الطفل إلى شخص أو عائلة جديرين بالثقة.
ج- يكلف مصالح الوسط المفتوح بملاحظة الطفل في وسطه الأسري أو المدرسي أو المهني.
* تدابير الحماية المؤقتة: يمكن لقاضي الأحداث أن يأمر بوضع الطفل بصفة مؤقتة في:
أ- مركز متخصص في حماية الأطفال من الخطر.
ب- مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة.
ت- مركز أو مؤسسة إستشفائية، وهذا إذا كان الطفل في حاجة إلى تكفل صحي أو نفسي.
مدة هذه التدابير المؤقتة لا يمكن أن تتجاوز 06 أشهر عملا بنص المادة 37 من قانون الطفل.
* التدابير النهائية: يمكن لقاضي الأحداث أن يتخذ بموجب أمر أحد التدابير الآتية:
أ- إبقاء الطفل في أسرته.
ب- تسليم الطفل لوالده أو لوالدته الذي لا يمارس حق الحضانة، ما لم تكن قد سقطت عنه بحكم.
ت- تسليم الطفل إلى أحد أقاربه.
ث- تسليم الطفل إلى شخص أو عائلة جديرين بالثقة.
ج- يكلف مصالح الوسط المفتوح متابعة وملاحظة الطفل وتقديم الحماية له من خلال توفير المساعدة
الضرورية لتربيته وتكوينه ورعايته، مع وجوب تقديمها تقريرا دوريا له حول تطور وضعية الطفل.
_ يجوز لقاضي الأحداث أن يأمر بوضع الطفل في:
أ- مركز متخصص في حماية الأطفال من الخطر.
ب- مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة.
مدة هذه التدابير سنتين قابلة للتجديد ولا يمكن أن تتجاوز تاريخ بلوغ الطفل سن الرشد، ويمكن أن تمدد إلى 21 سنة بطلب من المعني(الطفل) أو ممثله الشرعي أو من قاضي الأحداث من تلقاء نفسه، كما يمكن أن تنتهي هذه التدابير قبل المدة المقررة لها بموجب أمر صادر من قاضي الأحداث المختص بناء على طلب المعني (الطفل) بمجرد أن يصبح قادرا على التكفل بنفسه.
_ حماية الأطفال ضحايا بعض الجرائم:
في إطار القيام بحماية الأطفال ضحايا بعض الجرائم، وخصوصا ضحايا الاعتداءات الجنسية، نجد أن القانون رقم 15 – 12 المتعلق بحماية الطفل قد نص في المادة 46 منه على القيام بالتسجيل السمعي البصري من أجل سماع الطفل الذي يكون ضحية الاعتداءات الجنسية في إطار إمكانية حضور أخصائي نفسي خلال إجراءات سماع الطفل. ومنه يمكن لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المكلف بالتحقيق أو المعين في إطار إنابة قضائية تكليف أي شخص مؤهل لإجراء هذا التسجيل الذي يودع في أحراز مختومة، وتتم كتابة مضمون التسجيل ويرفق ملف الإجراءات، كما ويتم إعداد نسخة من هذا التسجيل بغرض تسهيل الاطلاع عليه خلال سير الإجراءات وتودع في الملف.
هذا ونجد أنه يمكن وبقرار من قاضي التحقيق أو قاضي الحكم مشاهدة أو سماع التسجيل خلال سير الإجراءات، كما يمكن مشاهدة أو سماع نسخة من التسجيل من قبل الأطراف والمحامين أو الخبراء بحضور قاضي التحقيق أو أمين ضبط في ظروف سرية للغاية، وإذا اقتضت مصلحة الطفل أن يتم التسجيل سمعيا بصفة حصرية، فإن ذلك جائز شريطة الحصول على قرار من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق.
أما المادة 47 من نفس القانون، فنجدها أشارت وبصفة صريحة إلى إمكانية قيام وكيل الجمهورية المختص بناء على طلب أو موافقة الممثل الشرعي لطفل تم اختطافه، أن يطلب من أي عنوان أو لسان أو سند إعلامي نشر إشعارات أو أوصاف أو صور تخص الطفل، وهذا قصد تلقي معلومات أو شهادات من شأنها المساعدة في التحريات والأبحاث الجارية، مع ضرورة مراعاة عدم المساس بكرامة الطفل وحياته الخاصة.
كما يمكن لوكيل الجمهورية استثناء أن يأمر بهذا الإجراء دون القبول المسبق للمثل الشرعي للطفل، وهذا في حالة ما إذا استدعت الضرورة القصوى القيام بمثل هذا الأمر من أجل الحفاظ على مصلحة الطفل الموجود في حالة خطر داهم وأكيد.
ملاحظة: في جميع الأحوال أجاز المشرع لقاضي الأحداث أن يقوم بمراجعة التدابير في أي وقت من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الطفل أو وليه أو ممثله الشرعي أو محامي على أن تتجاوز مدة التدابير السابقة بلوغ الطفل سن الرشد 18 سنة، ويمكن تمديد الوضع وفق التدابير إلى غاية قدرة الطفل على إعتماده على نفسه أو إلى غاية بلوغه سن 21 سنة.
سادسا: دور الهيئات الاجتماعية في حماية الطفل في حالة خطر[11]
حسب المادة 11 من القانون رقم[12] 15-12 المتعلق بحماية الطفل تم استحداث هيئة وطنية لحماية وترقية الطفولة يرأسها المفوض الوطني لحماية الطفولة الذي يعين بموجب مرسوم رئاسي من بين الشخصيات الوطنية ذات الخبرة والمعروفة بالاهتمام بالطفولة، وحتى تقوم هذه الهيئة الوطنية بدورها في مجال حماية الطفولة، فهي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتضع الدولة تحت تصرفها كافة الوسائل البشرية والمادية اللازمة للقيام بمهامها.
أولا: الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة
تتجلى مسؤولية الدولة اتجاه الطفل المحروم من العائلة ضمان حقه في الرعاية البديلة، كما تكفل حق الطفل في الحماية من كافة أشكال الضرر أو الإهمال أو العنف أو سوء المعاملة والاستغلال أو الإساءة البدوية أو المعنوية، أو الجنسية، وتتخذ من أجل ذلك كل التدابير المناسبة لوقايته وتوفير الشروط اللازمة لنموه ورعايته والحفاظ على حياته وتنشئته تنشئة سليمة وآمنة في بيئة صحية وصالحة وحماية حقوقه في حالات الطوارئ والكوارث والحروب والنزاعات المسلحة، لذا نص القانون رقم 15/ 12 على إنشاء الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.
1- تعريف الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة:
تحدث لدى الوزير الأول هيئة وطنية لحماية وترقية الطفولة يرأسها المفوض الوطني لحماية، تكلف بالسهر على حماية وترقية حقوق الطفل، تتمتع بالشخصية والاستقلال المالي.
تضع الدولة تحت تصرف الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، كل الوسائل البشرية والمادية اللازمة للقيام بمهامها، و يعين المفوض الوطني لحماية الطفولة بموجب مرسوم رئاسي من بين الشخصيات الوطنية ذات الخبرة
والمعروفة بالاهتمام بالطفولة[13].
2- مهام الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة[14] :
من خلال قراءتنا للمواد من 13 إلى 20 من القانون رقم 15 - 12 المتعلق بحماية الطفل[15] نجد أن المفوض الوطني لحماية الطفولة عليه أن يتولى مهمة ترقية حقوق الطفل، لاسيما من خلال:
- وضع برامج وطنية ومحلية لحماية وترقية حقوق الطفل بالتنسيق مع مختلف الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والأشخاص المكلفين برعاية الطفولة وتقييمها الدوري.
- متابعة الأعمال المباشرة ميدانيا في مجال حماية الطفل والتنسيق بين مختلف المتدخلين.
- القيام بكل عمل للتوعية والإعلام والاتصال.
- تشجيع البحث والتعليم في مجال حقوق الطفل، بهدف فهم الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لإهمال الأطفال وإساءة معاملته واستغلاله، وتطوير سياسيات مناسبة لحمايته.
- إبداء الرأي في التشريع الوطني الساري المفعول المتعلق بحقوق الطفل قصد تحسينه.
- ترقية مشاركة هيئات المجتمع المدني في متابعة وترقية حقوق الطفل.
- وضع نظام معلوماتي وطني حول وضعية الطفل في الجزائر، بالتنسيق مع الإدارات والهيئات المعنية.
- يقوم المفوض الوطني لحماية الطفولة بزيارة المصالح المكلفة بحماية الطفولة وتقديم أي اقتراح كفيل بتحسين سيرها أو تنظيمها.
3- إجراءات التدخل:
- يخطر المفوض الوطني لحماية الطفولة من كل طفل أو ممثله الشرعي أو كل شخص طبيعي أو معنوي حول المساس بحقوق الطفل، ثم يحول المفوض بعد ذلك الإخطارات إلى مصلحة الوسط المفتوح المختصة إقليميا للتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات المناسبة، ويحول الإخطارات التي يحتمل أن تتضمن وصفا جزائيا إلى وزير العدل، الذي يخطر النائب العام المختص قصد تحريك الدعوى العمومية عند الاقتضاء.
- يجب على الإدارات والمؤسسات العمومية وكل الأشخاص المكلفين برعاية الطفولة تقديم كل التسهيلات
للمفوض الوطني وأن تضع تحت تصرفه المعلومات التي يطلبها مع وجوب تقييده بعدم إفشائها للغير.
يساهم المفوض الوطني لحماية الطفولة في إعداد التقارير المتعلقة بحقوق الطفل التي تقدمها الدولة إلى الهيئات الدولية و الجهوية المختصة.
- يتولى المفوض الوطني لحماية الطفولة تحويل الإخطارات المنصوص عليها في المادة [16]15 من القانون رقم15-12 ، والتي يكون فيها مساس بحقوق الطفل إلى مصلحة الوسط المفتوح المختصة إقليميا من أجل التحقيق فيها،
واتخاذ الإجراءات المناسبة طبقا للكيفيات المنصوص عليها في القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل.
- يحول المفوض الوطني لحماية الطفولة الإخطارات التي يمكن أن تتضمن وصفا جزائيا إلى وزير العدل حافظ الأختام، والذي بدوره يقوم بإخطار النائب العام المختص قصد تحريك الدعوى العمومية عند الضرورة.
- يعمل المفوض الوطني لحماية الطفولة على إعداد تقرير سنوي عن حالة حقوق الطفل ومدى تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ20 نوفمبر1989 ، والمصادق عليها مع تصريحات تفسيرية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 92-461 المؤرخ في 19 ديسمبر سنة1992[17]، ثم يقوم برفعه إلى رئيس الجمهورية الذي يقوم بنشره وتعميمه خلال الثلاثة أشهر الموالية لهذا التبليغ.
ثانيا: الحماية الاجتماعية على المستوى المحلي
بالرجوع إلى نص المادة 21 من القانون رقم[18] 15-12 المتعلق بحماية الطفل، نجد أن مفهوم الحماية الاجتماعية على المستوى المحلي ينحصر في إنشاء مصالح الوسط المفتوح التي تتشكل من موظفين مختصين، لاسيما مربين ومساعدين اجتماعيين وأخصائيين نفسانيين وأخصائيين اجتماعيين وحقوقيين.
1- مصالح الوسط المفتوح[19]:
تتولى الحماية الاجتماعية [20]على المستوى المحلي مصالح الوسط المفتوح بالتنسيق مع مختلف الهيئات والمؤسسات العمومية والأشخاص المكلفين برعاية الطفولة، حيث تنشأ هذه المصالح بواقع مصلحة واحدة بكل ولاية، غير أوه يمكن في الولايات ذات الكثافة السكانية الكبيرة إنشاء عدة مصالح، و يجب أن تتشكل مصالح الوسط المفتوح من موظفين مختصين، لا سيما مربين ومساعدين اجتماعيين وأخصائيين نفسانيين، اجتماعيين وحقوقيين.
2-مهام مصالح الوسط المفتوح[21]:
تتأكد مصالح الوسط المفتوح من الوجود الفعلي لحالة الخطر من خلال القيام بالأبحاث الاجتماعية والانتقال إلى مكان تواجد الطفل والاستماع إليه وإلى ممثله الشرعي حول الوقائع محل الإخطار، من أجل تحديد وضعيته واتخاذ التدابير المناسبة له[22]، و يجب على مصالح الوسط المفتوح إبقاء الطفل في أسرته مع اقتراح أحد التدابير الاتفاقية الآتية:
- تقوم مصالح الوسط المفتوح بمتابعة وضعية الأطفال في خطر ومساعدة أسره .
-إلزام الأسرة باتخاذ التدابير الضرورية المتفق عليها لإبعاد الخطر عن الطفل في الآجال التي تحددها مصالح الوسط المفتوح.
-تقديم المساعدة الضرورية للأسرة وذلك بالتنسيق مع الهيئات المكلفة بالحماية الاجتماعية.
-اتخاذ الاحتياطات الضرورية لمنع اتصال الطفل مع أي شخص يمكن أن يهدد صحته أو سلامته البدوية أو المعنوية.
-كما يجب على مصالح الوسط المفتوح إعلام قاضي الأحداث المختص في حالات الخطر الحال أو في الحالات التي يستحيل معها إبقاء الطفل في أسرته لا سيما إذا كان ضحية جريمة ارتكبها ممثله الشرعي.
-وفي حالة ما إذا تبين وجود خطر على حياة الطفل فإنه وحسب المادة 22 من القانون رقم12-15يجب إخطار مصالح الوسط المفتوح من قبل الطفل المعرض للخطر أو ممثله الشرعي أو الشرطة القضائية، أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي أو كل جمعية أو هيئة عمومية أو خاصة تنشط في مجال حماية الطفل، أو المساعدين الاجتماعيين أو المربين أو المعلمين أو الأطباء أو كل شخص طبيعي أو معنوي آخر، وهذا بكل ما من شأنه أن يشكل خطرا على الطفل أو على صحته أو سلامته البدنية أو المعنوية[23].
-كما يمكنها أن تتدخل تلقائيا وأن لا ترفض التكفل بطفل يقيم خارج اختصاصها الإقليمي وأن تطلب مساعدة مصلحة مكان إقامة أو سكن الطفل، أو تحويله إليها وفي سبيل قيام مصالح الوسط المفتوح بدورها من أجل مجابهة الخطر الفعلي الذي يتعرض له الطفل بناء على الأبحاث الاجتماعية التي تقوم بها، فإن عليها وفورا الانتقال إلى مكان تواجد الطفل والاستماع إليه وإلى ممثله الشرعي حول الوقائع محل الإخطار من أجل تحديد وضعيته واتخاذ التدابير المناسبة له، كما يمكنها في حالة الضرورة القصوى أن تطلب تدخل النيابة العامة أو قاضي الأحداث وبالتالي، ومن خلال استقرائنا للمواد24 ،25، 26 ،27 ،28 ،29[24] من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل، فإنه يتوجب على مصالح الوسط المفتوح في حالة ما إذا أكدت من وجود حالة خطر القيام ما يلي:
-أن تتصل فورا بالممثل الشرعي للطفل من أجل الوصول إلى اتفاق بخصوص التدابير الأكثر ملائمة لاحتياجات الطفل ووضعيته الذي من شأنه إبعاد الخطر عنه، كما يجب إشراك الطفل الذي لم يبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة على الأقل في التدبير الذي سيتخذ بشأنه.
-يجب على مصالح الوسط المفتوح إعلام الطفل الذي يبلغ من العمر ثلاث عشرة ) 13) سنة على الأقل وممثله الشرعي بحقهما في رفض الاتفاق في حالة ما إذا تم التوصل إلى اتفاق بخصوص التدابير الأكثر ملائمة لاحتياجات الطفل، فإنه يجب على مصالح الوسط المفتوح إبقاء الطفل مع أسرته.
[1]_ أنظر، كريمة كوشي، كوثر حلوان، الحماية القانونية للطفل في قانون حماية الطفل الجديد رقم 15/12، مذكرة ماستر، جامعة أمحمد بوقرة، بومرداس، كلية الحقوق، 2015_2016، ص 07. وأيضا، أنظر، كمال حميش، الحماية القانونية للطفل في التشريع الجزائري، مذكرة لنيل إجازة المعهد الوطني للقضاء، الدفعة 12، 2001_2004، ص53 .
[2]_أنظر، عبد الحفيظ أفروخ، السياسة الجنائية تجاه الأحداث، (مذكرة ماجستير)، جامعة منتوري، قسنطينة، 2011، ص03.
[3]_أكدت على ذلك أيضا إتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار 44/25 المؤرخ في 20 نوفمبر 1989، تاريخ بدء النفاذ في 02 سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49، التي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 92/ 461، المؤرخ في 24 جمادى الثانية عام 1413 الموافق ل 19 ديسمبر سنة1992 .
[4] _أنظر_ فريجة حسين، شرح قانون العقوبات الجزائري( جرائم الاعتداء على الأشخاص_ جرائم الاعتداء على الأموال)، طبعة 02، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2009، ص109.
[5]_المادة 06 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
[6]_أنظر_ خيرة بوطالب، الحماية الجنائية للطفل المجني عليه،(مذكرة ماجستير)، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2014، ص06.
[7]_ زيدومة درياس، حماية الأحداث في قانون الإجراءات الجزائية، (أطروحة دكتوراه)، جامعة الجزائر، 2006، ص127.
[8] _المادة 32 فقرة 02:".... بالنظر في العريضة التي ترفع إليه من الطفل أو ممثله الشرعي أو وكيل الجمهورية أو الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي، لمكان إقامة الطفل أو مصالح الوسط المفتوح أو الجمعيات أو الهيئات العمومية، المهتمة بشؤون الطفولة".
[9]_أنظر _ حنان ميدون، القواعد الإجرائية المتبعة للتحقيق مع الأحداث في التشريع الجزائري،( مذكرة ماستر)، جامعة أكلي محند أولحاج، البويرة، 2014، ص22.
[10]_ أنظر _ المواد 35، 36،37،41،40 من قانون حماية الطفل.
[11] - نجيمي جمال، قانون حماية الطفل في الجزائر تحليل وتأصيل القانون 15/12 المؤرخ في 15 يوليو 2015، دار هومة، الجزائر، 2016.
[12] -أنظر المادة 11 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[13] - بسام عاطف المختار، إستغلال الأطفال (تحديات وحلول)، منشورات الحلبي الحقوقية، طبعة 01، بيروت، لبنان، سنة 2008، ص24
[14] - مصطفاوي عايدة، آليات حماية الطفل وفق القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل، مداخلة في الملتقى الوطني السابع حول الجرائم الماسة بالأطفال، البعد الوقائي والردعي في المنظومة القانونية، يومي 22 و 23 نوفمبر 2016، جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف، كلية الحقوق والعلوم السياسية، ص 05.
[15] -أنظر المواد من 13 إلى 20 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[16] -أنظر المادة 15 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[17] - المرسوم الرئاسي رقم 92-461 المؤرخ في 19 ديسمبر سنة 1992
[18] -أنظر المادة 21 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
[19] - المرسوم التنفيذي رق 08 / 287 المؤرخ في 17 / 9 / 2008 ، المتضمن شروط إوشاء مؤسسات ومراكز استقبال الطفولة الصغيرة وتنظيمها وسيرها ومراقبتها، ج. ر العدد53 .
[20] - أحمد عبد الحميد الدسوقي، الحماية الموضوعية والإجرائية لحقوق الإنسان في مرحلة ما قبل المحاكمة، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة،2007 ، ص96
[21] - مصطفاوي عايدة، مرجع سابق، ص 06. وأنظر _ علي أبو هاني، عبد العزيز العشاوي، القانون الدولي الإنساني، دار الخلدونية، الجزائر، 2010.
[22] - حموين براهيم فخار، الحماية الجنائية للطفل في التشريع الجزائري والقانون المقارن ، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه علوم في الحقوق تخصص قانون جنائي ، جامعة محمد خيضر بسكرة، 2014/2015.
[23] - نجيمي جمال، مرجع سابق
[24] - أنظر المواد 24.25.26.24.28.29 من القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل
-
المحور الثاني: مفهوم الحدث الجانح
يشهد المجتمع الجزائري اليوم ظاهرة جنوح الأطفال والتي تعرف انتشارا واسعا مما يدعو إلى دق ناقوس الخطر لمواجهة هذه الآفة التي تنخر مجتمعنا والأسرة الجزائرية، ولعل هذه الظاهرة تدعو إلى البحث في جميع جوانبها بدءا بالآليات الوقائية إلى الآليات الردعية.
وكون ظاهرة جنوح الأطفال هي نتيجة متغيرات وعوامل الأسرة والمجتمع تجتمع كلها لتؤدي إلى الانحراف فإن معاملة الطفل الجانح تتطلب بعض الخصوصية والقواعد المتميزة سواء من الناحية الموضوعية التي تشمل قواعد التجريم والعقاب أو الناحية الإجرائية المتضمنة إجراءات المكافحة بكامل مراحلها، سوف نحاول من خلال هذا المحور معرفة معنى الحدث الجانح وكيف قسم المشرع المسؤولية الجزائية للحدث.
_ تعريف الحدث الجانح
_ مراحل المسؤولية الجزائية للطفل
أولا: تعريف الحدث الجانح:
عرفه المشرع الجزائري في المادة 02 من قانون حماية الطفل بقوله: هو الطفل الذي يرتكب فعلا مجرما والذي لا يقل عمره عن 10 سنوات وتكون العبرة في تحديد سنه بيوم إرتكاب الجريمة[1].
ثانيا: مراحل المسؤولية الجزائية للطفل:
قسم المشرع الجزائري حسب المادة 49 ق ع مرحلة الطفولة إلى ثلاث مراحل عمرية تتدرج معها المسؤولية الجزائية من العدم إلى الكمال مرورا بالتخفيف حسب التدرج التالي:
01_ مرحلة انعدام المسؤولية الجزائية: أقر المشرع الجزائري هذا صراحة في نص المادة[2] 49 ق ع في فقرتها الأولى، لأن الطفل في هذه السن لا يملك قدرة على الإدراك والتمييز وفهم معنى الجريمة، وأكدت ذلك المادة 56 قانون حماية الطفل بنصها:" لا يكون محل للمتابعة الجزائية الطفل الذي لم يكمل 10 سنوات، ويتحمل الممثل الشرعي للطفل المسؤولية المدنية عن الضرر الذي لحق بالغير، وتكون العبرة في تحديد سن الطفل الجانح بيوم ارتكاب الجريمة[3].
ويتم إثبات سن الطفل بالوثيقة الرسمية المعدة لذلك أي شهادة الميلاد الصادرة عن مصالح البلدية بالنسبة للمواطنين المولودين في الجزائر ومن القنصليات بالنسبة للمواطنين المولودين في الخارج، وإذا لم توجد شهادة الميلاد أو تبين عدم صحة ما ورد في السجلات يجوز الإثبات بأي طريقة حسب الإجراءات المنصوص عليها في قانون الحالة المدنية طبقا للمادة 26 من القانون المدني، وإذا تعذر الحصول على أي دليل جاز لقاضي الأحداث الاستعانة بأهل الخبرة لتحديد سن الطفل لحظة إرتكابه الجريمة.
02_ مرحلة المسؤولية الإجتماعية المخففة:
تبدأ هذه المرحلة من سن 13 سنة إلى أقل من 18 سنة، ويكون الطفل خلال هذه المرحلة قد توافر لديه إدراك ناقص وغير مكتمل، حيث يأخذ في التدرج بتقدم السن مع سلامة الملكات العقلية إلى أن يكتمل إدراكه ويصبح أهلا لتحمل المسؤولية الجنائية كاملة ببلوغه سن 18 سنة، وخلال هذه المرحلة لا يكون الطفل محلا إلا لتدابير الحماية والتهذيب أو للعقوبات المخففة حسب نص المادة 49 فقرة 04 ق ع، كما يمنع وضعه في مؤسسة عقابية ولو مؤقتا (أثناء فترة التحقيق)، إلا إذا كان هذا الإجراء ضروريا واستحال اتخاذ أي إجراء آخر، في هذه الحالة يوضع الحدث الجانح في مركز لإعادة التربية وإدماج الأحداث أو بجناح خاص بالأحداث بالمؤسسات العقابية عند الاقتضاء[4].
وتكون العقوبات المخففة حسب المادة 50 ق ع:
_ إذا كانت العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد تصبح عقوبة الحدث الجانح الحبس من 10 إلى 20 سنة.
_ إذا كانت العقوبة السجن أو الحبس المؤقت تصبح عقوبة الحدث نص المدة المحكوم بها على البالغ.
-
المحور الثالث: إجراءات البحث والتحري في مواجهة الحدث الجانح
هي ما تعرف بمرحلة التحقيق التمهيدي وباعتبار هذه المرحلة هي أول مرحلة من المتابعة وبها يتصل وكيل الجمهورية بالدعوى كونه هو الذي يشرف على ضباط الشرطة القضائية، فهل أحاط المشرع الطفل الجانح بالحماية القانونية الكافية في هذه المرحلة؟
سوف نحاول معرفة إجراءات وضمانات مرحلة البحث والتحري في قضايا الأحداث أمام الضبطية القضائية ومن ثم أمام النيابة العامة.
_ مرحلة البحث والتحري أمام الضبطية القضائية
_ مرحلة البحث والتحري أمام النيابة العامة
أولا: أمام ضباط الشرطة القضائية:
مرحله البحث والتحري أو ما تعرف بمرحله التحقيق التمهيدي هي مرحله تهدف إلى جمع المعلومات عن الجريمة والبحث عن مرتكبها بالأساليب القانونية المتاحة ويتولى الضبط القضائي مهمة القيام بإجراءات البحث والتحري في هذه المرحلة.
01_ هيئات البحث والتحري مع الطفل: بدأ التفكير على الصعيد الدولي في استحداث جهاز شرطة الأحداث عندما بادرت منظمة الشرطة الدولية الجنائية (الأنتربول) في عام 1947 بالدعوة إلى إنشاء شرطة خاصة بالأحداث،مع المطالبة بقيام هذا الجهاز بدوره في وقاية الأحداث المعرضين لخطر الجنوح إلى جانب قيامه بدوره الأساسي في علاج الأحداث الجانحين[1] وهو ما سار عليه المشرع الجزائري وذلك بتخصيصه فرق متخصصة في التحريات الأولية مع الأحداث تتمثل في:
_ فرق حماية الأحداث على مستوى مديرية الأمن الوطني: أنشأت بمقتضى المنشور المؤرخ 15/03/1982.
_ خلايا الأحداث التابعة للدرك الوطني: أنشأت بمقتضى لائحة عمل الصادرة من مديرية المشاريع لقيادة الدرك الوطني بتاريخ 24 جانفي 2005.[2]
وإن كان تخصيص فرق متخصصة في البحث والتحري عن الأطفال الجانحين لا يكفي وحده ما لم يتم تمكينه من إجراءات استثنائية في مواجهة الحدث الجانح تتماشى ونفسيته، إذ أن المشرع الجزائري لم يشر إلى مؤهلات وتكوين العاملين في الفرق أو الخلايا في مجال الأحداث على عكس ما دهت أليه قواعد بكين بضرورة تلقي ضباط الشرطة القضائية تدريبا خاصا بمعاملة الأطفال الجانحين وذلك بمقتضى القاعدة 12 منها.
وبما أن فئة الأحداث لها نوع من الخصوصية فان الآمر يستوجب وتبعا لذلك إتباع إجراءات خاصة مع هذه الفئة تختلف عن تلك المتبعة في مواجهه البالغين، وعلى هذا الأساس فلقد بادرت منظمة الشرطة الجنائية الدولية منذ سنه 1947 الدعوة إلى ضرورة إنشاء شرطه خاصة بالأحداث سواء منهم الجانحين أو المعرضين لخطر.
أما في الجزائر فلم يتم استحداث شرطه قضائية خاصة بالأحداث سواء في قانون الإجراءات الجزائية أو في قانون حماية الطفل ولكن تم إنشاء فرق متخصصة لحماية الأحداث في إدارة الشرطة العادية بمقتضى المنشور الصادر عن مديريه الأمن الوطني بتاريخ 15 مارس 1982 كما أنشئت خلايا الأحداث التابعة للدرك الوطني بمقتضى لائحة العمل الصادرة عن المشاريع لقياده الدرك الوطني بتاريخ 24 جانفي 2005، وبما أن المشرع الجزائري لم ينشئ شرطه خاصة بالأحداث وإنما مجرد فرق وخلايا تعنى بشؤون الأطفال فان هذا يستدعي منا الرجوع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية بالرجوع إلى أحكام المادة 12 منه فإنه يناط بالضبط القضائي مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها مادام لم تبدأ فيها تحقيق قضائي.
_ الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية: يتحدد في الحدود التي يباشرون فيها مهامهم إلا أنه وفي حاله الاستعجال يجوز لهم أن يباشروا مهمتهم في كافه دائرة اختصاص المجلس القضائي الملحقين به وكذلك في حاله الاستعجال أيضا لهم أن يباشروا مهمتهم في كافه الإقليم الوطني إذا طلب منهم ذلك القاضي المختص قانونا.
أما إذا تعلق الأمر ببعض الجرائم الخطيرة كجرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بتشريع الصرف يمتد اختصاص ضباط الشرطة القضائية إلى كامل الإقليم الوطني في حين ضباط الشرطة القضائية التابعين لمصالح الأمن العسكري لهم اختصاص على كافه الإقليم الوطني.
02_ إجراءات متابعة الأحداث على مستوى مرحلة التحقيق التمهيدي: تتميز هذه الإجراءات بنوع من الخصوصية نوضحها في النقاط التالية:
- فيما يتعلق بالتوقيف للنظر باعتباره إجراء أجازه المشرع الجزائري لضباط الشرطة القضائية وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية من إمكانية أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر ممن وجدت ضدهم دلائل تحمل على الاشتباه في ارتكابهم لجناية أو جنحه يقرر لها عقوبة سالبة للحرية بحيث لا يجوز أن تتجاوز مده التوقيف للنظر مده 48 ساعة قابله للتجديد بإذن مكتوب من وكيل الجمهورية المختص.
أما إذا تعلق الأمر بالتوقيف للنظر لحدث فان المشرع الجزائري فإنه ووفقا لأحكام المادة 48 من قانون حماية الطفل لا يجوز أن يكون محلا للتوقيف للنظر الطفل الذي يقل سنه عن 13 سنه المشتبه في ارتكابه أو محاولة ارتكابه الجريمة أما إذا كان الحدث يبلغ 13 سنه على الأقل فانه وفقا لأحكام المادة 49 من قانون حماية الطفل إذا تطلبت مقتضيات التحقيق التمهيدي الشرطة القضائية وقف هذا الحدث الذي ارتكب أو حاول ارتكاب جريمة عليه أن يقدم له تقريرا عن دواعي التوقيف وعلى أن لا تتجاوز مده التوقيف للنظر مده 24 ساعة وان لا يتم هذا التوقيف إلا في الجنح التي تشكل إخلالا واضحا بالنظام العام وتلك التي يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة فيها يفوق خمس سنوات حبسا وكذلك في الجنايات وعلى ان لا يتجاوز كل تمديد لتوقيف للنظر 24 ساعة في كل مره وإلا تعرض ضابط الشرطة القضائية في حاله انتهاك أجال التوقيف للنظر إلى العقوبات المقررة للحبس التعسفي.
_ يجب أن يتم التوقيف للنظر في أماكن لائقة تراعي احترام كرامه الإنسان وخصوصياته وان يتم التوقيف في أماكن بعيده عن تلك المخصصة للبالغين وذلك تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية وفقا لما تقضي به الفقرة الرابعة من المادة 52 من قانون حماية الطفل.
كذلك ضرورة إشعار الممثل الشرعي للحدث وفقا لما تقضي به المادة 50 من قانون حماية الطفل وذلك بمجرد توقيفه وهذا بوضع كافه الوسائل تحت تصرف الحدث تمكنه من الاتصال فورا أسرته ومحاميه وزيارتهم له.
_ ضرورة إعلام الطفل الموقوف للنظر عن حقه في طلب الفحص الطبي حيث يجب إجراء فحص طبي للطفل الموقوف عند بداريه ونهاية مده التوقيف للنظر من قبل طبيب يمارس نشاطه في دائرة اختصاص المجلس القضائي الذي يعينه الممثل الشرعي للطفل وإذا تعذر ذلك يعينه ضابط الشرطة القضائية كما يجوز لوكيل الجمهورية أو ممثله الشرعي أن يندب طبيبا لفحص الطفل في أي مرحله من مراحل التوقيت للنظر وترفق شهادات الفحص الطبي بملف الإجراءات تحت طائلة البطلان وذلك وفقا لأحكام المادة 50 من قانون الطفل.
لا يجوز سماع الحدث إلا في حضور محاميه وفي ذلك فان أحكام المادة 54 من قانون حماية الطفل تقضي بان المحامي أثناء التوقيف للنظر بمساعده الطفل المشتبه فيه وجوبي في حين جاءت الفقرة الأخيرة من نفس المادة باستثناء يتعلق بالحدث ما بين 16 و18 سنه والتي كانت الأفعال المنسوبة إليه ذات صله بجرائم الإرهاب والتخريب والمخدرات أو بجرائم مرتكبه في إطار جماعه إجرامية منظمه وكان من الضروري سماعه فورا لجمع الأدلة أو الحفاظ عليها او للوقاية من وقوع اعتداء والشيك على الأشخاص يمكن سماع الحدث دون حضور محامي وبعد الحصول على إذن من وكيل الجمهورية.
كما شدد المشرع الجزائري على ضرورة سماع ضابط الشرطة القضائية للطفل في حضور ممثله الشرعي إذا كان معروفا ،وعند انتهاء ضابط الشرطة القضائية من سماع الحدث يحرر هذا الأخير محضر سماع يدون فيه مدة السماع وفترات الراحة التي تخللت سماع الطفل والأسباب التي أدت إلى توقيفه واليوم والساعة الذين أطلق سراحه فيها أو قدم فيها أمام القاضي المختص ويوقع على المحضر بعد تلاوته عليهما كل من الطفل وممثله الشرعي ويشار فيه إلى امتناعهما عن ذلك.
03_ ضمانات الطفل الجانح أثناء التوقيف للنظر:
لم يخصص قانون الإجراءات الجزائية قبل صدور القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل أحكاما خاصة بالتوقيف للنظر للأطفال وبالتالي كانت تطبق عليهم الأحكام ذاتها المطبقة على البالغين.[3]
وبصدور القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل أفرد أحكاما خاصة تنطوي على حماية للطفل الجانح، حيث وضع معايير وضوابط للتوقيف للنظر بالنسبة للطفل الجانح تتعلق بسنه وبالجريمة المرتكبة على النحو التالي:
_ الطفل الذي سنه بين 10 سنوات و13 سنة: لا يخضع للتوقيف للنظر وهو ما نصت عليه المادة 48 من القانون رقم 15/12.
_الطفل الذي سنه بين 13 و18 سنة :يخضع للتوقيف للنظر بشروط:
_ السن 13 سنة على الأقل.
_ اشتباه ارتكابه أو محاولة ارتكابه الجريمة.
_ وجوب إطلاع ضابط الشرطة القضائية لوكيل الجمهورية بدواعي التوقيف للنظر ضمن تقرير.[4]
_ مدة التوقيف للنظر: لا تتجاوز 24 ساعة.
_ ضابط الجريمة: لا يكون في المخالفات.
_ يكون في الجنح التي تشكل إخلالا ظاهرا بالنظام العام.
_ الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجنحة هي الحبس 5 سنوات.
_ أن تكون الجريمة جناية. وهو ما قضت به المادة 49 من القانون 15/12 المشار إليه أعلاه.
_ تمديد التوقيف للنظر:
يخضع للقواعد العامة المقررة في قانون الإجراءات الجزائية ،ولا تتجاوز مدة التمديد 24 ساعة في كل مرة، كما أحاط المشرع الجزائري الطفل في هذا المجال بإقراره لمسؤولية ضابط الشرطة القضائية عن الإخلال بقواعد التوقيف للنظر تحت طائلة الحبس التعسفي.[5]
إذا توافرت شروط التوقيف للنظر وتم ذلك ،يقرر المشرع بعض الحقوق للطفل الموقوف للنظر تتمثل في:
_ إخطار الولي أو الممثل الشرعي للطفل بمجرد التوقيف للنظر وبكل الوسائل.
_ تمكين الطفل من الاتصال بأسرته، محاميه بأي وسيلة كانت.
_ حق الطفل في زيارة أسرته له وكذا زيارة محاميه وفق قانون الإجراءات الجزائية.
_ إعلام الطفل بحقه في طلب فحص طبي أثناء التوقيف للنظر كما هو الأمر بالنسبة للبالغين.[6]إلا أن الخصوصية تتمثل في أن الفحص الطبي للطفل الموقوف للنظر وجوبي عند بداية ونهاية مدة التوقيف للنظر دون أن يتوقف ذلك على طلب المعني أو غيره.[7]
_ مكان التوقيف للنظر:
خصص المشرع الجزائري أماكن تتناسب وخصوصية الطفل على مستوى مراكز الضبطية القضائية ،بل ألزم أن تكون تلك الأماكن تحترم وتراعي كرامة الإنسان وخصوصيات الطفل واحتياجاته.[8]
_احترام حقوق الدفاع أثناء التوقيف للنظر:
خلافا للقواعد المقررة للبالغين كفل المشرع الجزائري حقوق الدفاع للطفل الجانح في مرحلة البحث والتحري ،وذلك باعتبار حضور محامي الطفل أثناء التوقيف للنظر أمرا وجوبيا وهو ما قضت به المادة 54 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل بل أبعد من ذلك يستفيد الطفل من المساعدة القضائية في حالة عدم تعيينه لمحام له وذلك بعد أن يعلم ضابط الشرطة القضائية وكيل الجمهورية المختص بذلك.وتدعيما أكثر لحماية الطفل الجانح فإن سماع الطفل من طرف ضابط الشرطة القضائية لا يكون إلا بحضور ممثله الشرعي إذا كان معروف.[9]
[1]- براء منذر عبد اللطيف، السياسة الجنائية في قانون رعاية الاحداث، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، 2003، ص 87.
[2]- علي قصير ، الحماية الجنائية للطفل في التشريع الجزائري،( أطروحة دكتوراه)، جامعة باتنة، 2008، ص 122.
[3]- نجيمي جمال ، قانون حماية الطفل في الجزائر تحليل وتأصيل مادة بمادة، دط، دار هومة ،الجزائر، 2016، ص 88.
[4]- المادة 49 من القانون 15/12 المؤرخ في 15 جويلية 2015 ، المتعلق بحماية الطفل جريدة رسمية العدد 39 الصادرة في 19 جويلية 2015.
[5]- المادة 49 من القانون 15/12 الفقرة الاخيرة.
[6]- المادة 50 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
[7]- نجيمي جمال،المرجع السابق، ص 97.
[8]- المادة 52 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
[9]- المادة 55 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
-
ثانيا: أمام جهاز النيابة العامة
من حيث قضاه النيابة العامة ليس هناك في التشريع الجزائري نيابة عامه متخصصين في قضايا الأحداث مثل ما هو معمول به في بعض التشريعات القانونية المقارنة كتشريع المغربي والمصري مثلا، بل إن النيابة العامة نفسها تختص في قضايا الأحداث أيضا، وهنا يملك وكيل الجمهورية سلطة تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها في الجرائم التي يرتكبها الأحداث بصفته ممثل للحق العام وفق القواعد العامة، حسب الإجراءات المتعلقة بقضاء الأحداث، كذلك كون المشرع استحدث إجراء الوساطة في قضايا الأحداث وطالما أن هذا الإجراء يتم تنفيذه قبل تحريك الدعوى العمومية فقد أوكل المشرع مهمة تنفيذه كأصل عام لممثل النيابة العامة مجسد في وكيل الجمهورية وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون الطفل[1].
01_ تنفيذ إجراءات الوساطة الجزائية:
وعلى مستوى قضاء النيابة العامة كذلك فان المشرع وتماشيا مع الإجراءات الجديدة التي جاء بها قانون الإجراءات بالأمر 15/ 02 لسنه 2015 الذي استحدث الوساطة الجزائية باعتبارها من بدائل الدعوى العمومية قام المشرع الجزائري بإدراج هذه الآلية ضمن قانون حماية الطفل بموجب المواد 110 إلى [2]115 وتهدف الوساطة الجزائية وفقا لهذه المواد إلى إبرام اتفاق بين الطفل الجانح وممثله الشرعي، وبين الضحية وبحضور وكيل الجمهورية بهدف جبر الضرر الذي تعرضت له الضحية ووضع حد للنزاع وإعادة إدماج الطفل الجانح من جديد داخل المجتمع ويستوجب اللجوء إلى الوساطة الجزائية من تاريخ وقوع الجريمة وقبل تحريك الدعوى العمومية من قبل وكيل الجمهورية.
_ يعد إجراء الوساطة الجزائية إجراء جوازي يتم بمبادرة من الطفل الجانح أو ممثله الشرعي أو محامي أو بمبادرة من السيد وكيل الجمهورية ومهما كانت الجهة التي بادرت بطلب الوساطة الجزائية فانه لا يجوز إجرائها إلا برضا كل من الضحية والطفل الجانح.
_ يجوز إجراء الوساطة الجزائية وفقا لأحكام المادة 110 من قانون حماية الطفل في الجنح والمخالفات التي يرتكبها الطفل الجانح ومن ثم فانه لا يجوز إجراؤها في الجنايات مطلقا.
_ يتم تحرير اتفاق الوساطة الجزائية ويوقع عليه وفقا لأحكام المادة 112 حماية الطفل كل من وكيل الجمهورية والأطراف وتسلم نسخه منه إلى كل طرف وإذا تمت الوساطة من طرف ضباط الشرطة القضائية فانه يرفع اتفاق الوساطة لوكيل الجمهورية للتأشير عليه.
02_ تحريك الدعوى العمومية:
يتولى وكيل الجمهورية مهمة تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها ضد الحدث الذي ارتكب جرائم توصف بأنها جنح أو جنايات وذلك بتحريك الدعوى العمومية بموجب عريضة يوجهها إلى قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث في الجنايات وإلى قاضي الأحداث في الجنح والمخالفات.
وإذا كان مع الأطفال الجانحين شركاء بالغون نصت المادة 62 من قانون حماية الطفل[3] على انه إذا كان مع الطفل فاعلون أصليون أو شركاء بالغون يقوم وكيل الجمهورية بفصل الملف ورفع ملف الطفل إلى قاضي الأحداث في الجنح وقاضي التحقيق المكلف بالأحداث في الجنايات، في حين يوجه ملف البالغين إلى قاضي التحقيق إذا شكلت الوقائع جناية باعتبار أن التحقيق في الجنايات وجوبي وله في الجنح التي يرتكبها البالغون السلطة التقديرية في تحريكها أمام قضاء التحقيق أو مباشرة أمام قضاء الحكم باعتبار التحقيق فيها جوازي.
[1]_ أنظر المواد 110 وما يليها من قانون حماية الطفل.
[2] _ أنظر المواد 110 إلى 115 من قانون حماية الطفل.
[3] _ أنظر_ المادة 62 من قانون حماية الطفل.
-
المحور الرابع: التنظيم الهيكلي لقضاء الأحداث:
يتكون الجهاز القضائي الخاص بالأحداث من جهاز خاص بالحكم وجهاز خاص بالتحقيق، ومن بين الخصوصيات التي منحها المشرع لقضاء الأحداث دون قضاء البالغين هو إمكانية الجمع بين وظيفة التحقيق والقضاء.
سوف نحاول من خلال هذا المحور التطرق لجهات الحكم وتشكيلة قضاء الأحداث، إضافة إلى جهات التحقيق وكيفية سير التحقيق في قضايا الأحداث كمرحلة ثانية من مراحل الدعوى العمومية.
_ جهات الحكم.
_ جهات التحقيق.
_ سير إجراءات التحقيق.
أولا: التنظيم الهيكلي لجهة الحكم:
يتمتع قضاء الأحداث بخصوصية هدفه الذي لا يقتصر على البحث في ارتكاب الجريمة وإثباتها وإنما يتعدى ذلك إلى التعرف على الأسباب والظروف المحيطة بالحدث والتي دفعته إلى ارتكاب الجريمة ومن ثم اتخاذ التدابير المناسبة لمعالجه تلك الظروف والأسباب تفاديا لوقوع الحدث تحت تأثير هذه الظروف ولقد استحدث المشرع الجزائري هيئات قضائية مكلفه بالفصل في قضايا الأحداث سواء على مستوى المحكمة أو المجلس القضائي.
01_ قسم الأحداث على مستوى المحكمة:
يختص بالفصل في الجرائم التي يرتكبها الأحداث الذين يقل سنهم عن 18 سنه يوم ارتكاب الجريمة وتختلف محاكم الأحداث عن المحاكم العادية من حيث تشكيلها بحيث يتشكل القسم الأحداث من قاضي الأحداث رئيسا ومن مساعدين محلفين يعينهم رئيس المجلس القضائي المختص لمدة ثلاث سنوات من بين الأشخاص الذين يتجاوز سنهم 30 سنه والمتمتعين بالجنسية الجزائرية والمعروفين باهتمامهم وتخصصهم في شؤون الأحداث أما عن قضاة الأحداث فإنهم يختارون من ذوي الكفاءة للعناية التي يلونها للأحداث على مستوى المحكمة التي تقع بمقر المجلس القضائي بقرار من وزير العدل لمده ثلاث سنوات أما في المحاكم الأخرى فان قضاة الأحداث يعينون بموجب أمر من رئيس المجلس القضائي لمده ثلاث سنوات على ان يكونوا ممن لهم رتبه نائب رئيس محكمه على الأقل كما يتشكل كذلك القسم الأحداث من ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط.
02_ غرفه الأحداث على مستوى المجلس القضائي:
تتشكل غرفة الأحداث على مستوى المجلس القضائي من رئيس ومستشارين يعينون بموجب آمر من رئيس المجلس القضائي من بين قضاه المجلس المعروفين باهتمامهم بالطفولة يختصون بالنظر في جميع الاستئنافات التي ترفع إليها من قسم الأحداث على مستوى المحاكم أو قسم الأحداث على مستوى محكمة مقر المجلس إذا تعلق الأمر بالجنايات وتفصل غرفه الأحداث وفقا للأشكال المحددة بالنسبة لقسم الأحداث على مستوى المحكمة.
ثانيا: التنظيم الهيكلي لجهة التحقيق:
إن مرحله التحقيق القضائي من أهم المراحل القضائية لاسيما في مجال جنوح الأحداث التي خصها المشرع الجزائري بإجراءات مختلفة عن إجراءات البالغين حيث يشرف على قضاء الأحداث قضاة متخصصون في شؤون الأحداث لكونهم يمارسون العديد من المهام المتعلقة بالأحداث الجانحين والذين يتم اختيارهم لكفاءتهم وللعناية التي يلونها لفئة الأحداث وهذا وفقا للمبادئ التي ذكرها مؤتمر هافانا لسنه 1990 الخاصة بالقواعد النموذجية الدنيا لأداره شؤون قضاء الأحداث ويعتبر قاضي الأحداث العمود الفقري في قضايا الأحداث، ويكون التحقيق وفقا لأحكام المادة 64 من قانون حماية الطفل وجوبيا في الجنح و الجنايات المرتكبة من قبل الطفل و جوازيا في المخالفات.
01_ قاضي الأحداث:
لا يمكن للقاضي أن يتولى مهمة التحقيق في قضايا الأحداث إلا بعد تعيينه في هذا المنصب ويمارس قاضي الأحداث أثناء التحقيق جميع صلاحيات قاضي التحقيق المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية وفقا لما تقضي به أحكام المادة 69 من قانون حماية الطفل.
_ اختصاص قاضي الأحداث:
الاختصاص هو السلطة أو الصلاحية التي يخولها القانون للقاضي حتى يصبح مختصا في النظر في القضايا المتعلقة بالأحداث وهناك اختصاص محلي واختصاص نوعي واختصاص شخصي.
أ.الاختصاص المحلي لقاضي الأحداث
لقد حددت المادة 60 من قانون حماية الطفل الاختصاص المحلي لقاضي الأحداث بنصها على أن الاختصاص المحلي لقسم الأحداث يتحدد بالمحكمة التي ارتكبت الجريمة بدائرة اختصاصها او بها محل إقامة أو سكن الطفل أو ممثله الشرعي أو محكمة المكان الذي عثر فيه على الطفل او المكان الذي وضع فيه.
ب.الاختصاص الشخصي لقاضي الأحداث
قيد المشرع الجزائري قاضي الأحداث من حيث الأشخاص فمنحه صلاحية التحقيق في قضايا الأحداث الذين ارتكبوا مخالفة أو جنحة.
02_ قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث
تقضي أحكام المادة 61 الفقرة الرابعة من قانون حماية الطفل على أن يعين في كل محكمة قاضي تحقيق أو أكثر بموجب أمر من رئيس المجلس القضائي بالتحقيق فين جنايات المرتكبة من قبل الأطفال وذلك بموجب قرار صادر من وزير العدل حافظ الأختام.
أ.الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث
نرجع في تحديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث إلى أحكام المادة 40 من قانون الإجراءات الجزائية و وفقا لهذه المادة يتحدد بمكان وقوع الجريمة او محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في ارتكابهم للجريمة او محل القبض على احد هؤلاء ولو كان القبض لسبب أخر هذا بالنسبة لاختصاص قاضي التحقيق بالنسبة للبالغين أما بالنسبة للأحداث فان قاضي التحقيق المختص في شؤون الأحداث يكون مختصا بالتحقيق مع الأحداث متى وقعت الجريمة من حدث بدائرة المحكمة التي يباشر فيها عمله كقاضي تحقيق او التي بها محل إقامة او سكن الحدث أو ممثله الشرعي او محكمة المكان الذي عثر فيه على الحدث والملاحظ هنا انه لا يوجد اختلاف بين القواعد العامة والخاصة فيما يتعلق بالاختصاص المحلي إلا انه هناك اختلاف واحد يتمثل في أن اختصاص قاضي التحقيق في قضايا الأحداث يكون بمكان محل او إقامة الحدث أو ممثله الشرعي الذي يقع بدائرة اختصاص المحكمة المعين فيها قاضي التحقيق.
ب.الاختصاص الشخصي لقاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث
يختص قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث بالتحقيق في الجرائم التي يرتكبها الأحداث وتوصف بأنها جناية وفقا لما تقضي به أحكام المادة 64 من قانون حماية الطفل.
-
ثالثا: مرحلة التحقيق في قضايا الأحداث:
بعد أن يصل الملف الخاص بالحدث إلى قاضي الأحداث فانه يقوم باتخاذ كل ما يتخذه قاضي التحقيق من أوامر وإجراءات سواء عند بداية التحقيق أو خلال سير التحقيق أو عند انتهائه وذلك بهدف التوصل إلى الحقيقة بشان الجريمة وكد التعرف إلى شخصيه الحدث والظروف المحيطة به حتى يتمكن من اتخاذ كل ما يناسبه سواء من إجراءات أو تدابير أو أوامر تماشى مع مصلحة الحدث.
01_ مبادئ التحقيق مع الطفل الجانح:
خلافا للبالغين، في بعض مراحل التحقيق أحاط المشرع الجزائري الطفل الجانح بحماية اجرائية من خلال ما يلي:
_ وجوبية التحقيق وجوازه:
القاعدة العامة بالنسبة للتحقيق أنه وجوبي في الجنايات وجوازي في الجنح هذا بالنسبة للبالغين ،إلا أن المشرع الجزائري خرج عن هذه القاعدة بالنسبة للطفل الجانح بحيث اعتبر التحقيق وجوبي في الجنايات والجنح المرتكبة من قبل الطفل وجوازي في المخالفات وفي هذا إحاطة أكثر بقرينة البراءة بالنسبة للطفل حتى يتأكد قاضي التحقيق من الأدلة ضد الطفل.[1]
_ البحث الاجتماعي:
قاضي التحقيق ملزم قبل اتخاذ أي تدبير ضد الحدث ملزم بإجراء بحث اجتماعي وهو إجراء إجباري في الجنايات والجنح ويكون جوازيا في المخالفات،[2] وهو بحث تجمع فيه كل المعلومات عن الحالة المادية والمعنوية للأسرة وعن طباع الطفل وسوابقه وعن مواظبته في الدراسة وسلوكه فيها وعن الظروف التي عاش وتربى فيها، وهو ما نصت عليه صراحة المادة 68 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
تم النص على هذا النوع من البحث في المادة 68 من قانون حماية الطفل حيث جاء في الفقرة الثالثة منها انه يجري قاضي الأحداث بحث اجتماعي تجمع فيه كل المعلومات عن الحالة المادية والمعنوية للأسرة وعن طباع الطفل ومواظبته وسلوكه فيها وسوابقه وعن الظروف التي عاش وتربى فيها، وأضافت المادة 66 من قانون حماية الطفل على أن البحث الاجتماعي إجباري في الجنايات والجنح المرتكبة من قبل الطفل ويكون جوازيا في المخالفات وهذا الإجراء مهم وضروري من اجل التعرف على شخصيه الطفل وتقريرا وسائل الكفيلة بتهذيبه وذلك بناء على المعلومات التي تم تحصيلها من البحث الاجتماعي.
_ الفحص الطبي والنفسي للحدث
قد يأمر قاضي الأحداث بإجراء فحص طبي أو نفسي للحدث في حالة ما إذا كان الحدث مريض أو كان يعاني من اضطرابات نفسيه أدت به إلى ارتكاب الجريمة وإذا ثبت ذلك فانه مراعاة لمصلحه الحدث على قاضي الأحداث أن يصدر أمر بالنقل إلى احد المستشفيات او المراكز الصحية ليتم معالجه الحدث وقد أشارت إلى ذلك المادة 68 الفقرة الرابعة من قانون حماية الطفل بقولها " ... ويأمر قاضي الأحداث بإجراء فحص طبي ونفساني وعقلي إن لزم الأمر ذلك.
02_ الإجراءات الأخرى المتخذة أثناء التحقيق مع الحدث:
يستخلص من المادة 69 من قانون حماية الطفل أن قاضي الأحداث منحت له جميع صلاحيات قاضي التحقيق المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت هذه المادة على أن يمارس قاضي الأحداث أثناء التحقيق جميع صلاحيات قاضي التحقيق المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية وبالعودة إلى القواعد العامة للتحقيق يقوم قاضي التحقيق ب:
*استجواب الحدث
الاستجواب من الإجراءات الأساسية في التحقيق القضائي فيقوم قاضي التحقيق بجمله من الإجراءات بهدف الوصول إلى الحقيقة والكشف عن مرتكبي الجرائم وهناك سماع عند المثول الأول للحدث الجانح واستجواب في الموضوع بعدها.
-سماع الحدث عند المثول الأول
عند الحضور أو المثول الأول يتأكد القاضي المكلف بشؤون الأحداث من هوية الحدث الماثل أمامه ويخطره عن كل واقعه من الوقائع المنسوبة إليه كما يعلمه بحقه في اختيار محامي فان لم يختار محامي يعين له القاضي محاميا من تلقاء نفسه كما على القاضي أن ينبه الحدث بحقه في التزام الصمت وعدم الإدلاء بأي تصريح وينوه على ذلك في المحضر.
-استجواب الحدث في الموضوع
يقوم قاضي الأحداث في هذه المرحلة بمناقشه الحدث في الموضوع بعدما يتأكد من هوية الحدث وإتمام جميع الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في نص المادة 100 من قانون الإجراءات الجزائية وذلك في كل تهمه منسوبه إليه مناقشه تفصيلية ودقيقه كما يواجهه بالأدلة القائمة ضده ويطالبه بالرد عليها مع مراعاة الحالة النفسية للحدث مع تخصيص فترات للراحة له إذا طالت مده الاستجواب ويتم الاستجواب في حضور كل من ممثله الشرعي والمحامي
*.أوامر التحقيق
يأمر القاضي الأحداث او قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث بتدابير وقائية قبل اصدر أوامر بعد التحقيق وهي إجراءات خاصة بالأحداث تهدف إلى تقويم ومعالجه الحدث كما يصدر أوامر أخرى هي نفسها التي يصدرها في مواجهه المتهمين البالغين مثل أمر بالحبس المؤقت والرقابة القضائية والأمر بالإحضار والأمر بالقبض.
_التدابير التي يصدرها قاضي التحقيق تجاه الطفل الجانح:
يعتمد قاضي الأحداث قبل تقرير التدبير الذي يتخذه ضد الطفل المتهم على أربعة معايير هي:
1- معيار السوابق العدلية للطفل.
2 _ معيار مدى خطورة الجريمة.
3- معيار الحالة الاجتماعية للطفل.
4- معيار سن الحدث.[3]
ومن خلال هذه المعايير يقرر التدبير الذي يتخذه ضد الطفل الجانح وهي رغم تنوعها واختلاف صورها تهدف في مضمونها إلى إصلاح الطفل الجانح وحمايته وليس إيلامه [4]:
1- التدابير ذات الطابع التربوي: هي تدابير مؤقتة وقابلة للتغيير والمراجعة كما أن قاضي التحقيق له أن يأمر باتخاذ تدبير واحد أو أكثر منها وهي:
- تسليم الطفل إلى ممثله الشرعي أو الى شخص أو عائلة جديرين بالثقة.
· - وضع الطفل في مؤسسة معتمدة مكلفة بمساعدة الطفولة.
· - وضع الطفل في مركز متخصص في حماية الطفولة الجانحة.
· - الأمر بوضع الطفل تحت نظام الحرية المراقبة وتكليف مصالح الوسط المفتوح بتنفيذ ذلك.[5]
2-التدابير ذات الطابع الجزائي:
أجاز القانون 15/12 لقاضي التحقيق أن يتخذ أي أمر تجاه الطفل الجانح من شأنه إظهار الحقيقة وهو ما قضت به المادة 69/فقرة1 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.وهي:
الأمر بالرقابة القضائية: الأمر بالرقابة القضائية هو ذلك الإجراء القانوني الذي بموجبه يتم ترك المتهم طليقا أثناء مرحله إجراءات التحقيق الابتدائي مقابل التزام المتهم بالشروط والالتزامات التي سيتخذها قاضي التحقيق عند الأمر بالوضع تحت ألرقابه القضائية وفي هذا الصدد فقد المادة 125 مكرر1 أن الرقابة القضائية تلزم المتهم بان يخضع بقرار من قاضي التحقيق إلى التزام أو عده التزامات يقررها قاضي التحقيق، وبحسب المادة 71 من قانون حماية الطفل فانه يمكن لقاضي الأحداث أن يأمر بالرقابة القضائية إذا كانت الأفعال المنسوبة للطفل قد تعرضه إلى عقوبة الحبس.هي أمر جوازي بالنسبة لقاضي التحقيق و قد قيدها المشرع الجزائري بضابطين هما:
- أنها جوازية تخضع لتقدير قاضي التحقيق.
- عقوبة الجرم المرتكب من طرف الطفل هي الحبس.[6]
- الإجراءات التهذيبية التربوية العلاجية
هي إجراءات تقويميه للحدث خصها المشرع الجزائري لقاضي الأحداث فقد دون غيره فهي إجراءات خاصة فقط بقضاء الأحداث ولا يمكن إيجادها لدى قضاء البالغين فهي تهدف إلى تأهيل وإصلاح الحدث ولقد نص المشرع الجزائري عليها بموجب المادة 70 من قانون حماية الطفل والتي تجيز لقاضي الأحداث وقاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث اتخاذ تدبير من التدابير الوقائية التالية:
- تسليم الطفل إلى ممثله الشرعي او إلى شخص او عائلة جديرين بالثقة
- وضعه في مؤسسه معتمده مكلفه بمساعده الطفولة
- وضعه في مركز متخصص في حماية الطفولة الجانحة
- وضعه تحت نظام الحرية المراقبة.
[1]- المادة 64 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
[2]- المادة 66 من القانون 15/12 المتعلق بحماية الطفل.
.47 محمد حزيط، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية، الطبعة 10، دار هومه، الجزائر، 2015، ص[3]
بلقاسم سويقات، الحماية الجزائية للطفل في القانون الجزائري، (مذكرة ماجستير)، كلية الحقوق، جامعة ورقلة،2011 [4]
-
الحبس المؤقت
حسب المادة 72 من قانون حماية الطفل فانه يمكن على سبيل الاستثناء وضع الحدث الحبس المؤقت إذا توافرت الشروط التالية:
- عندما تكون التدابير المنصوص عليها بالمادة 70 من قانون حماية الطفل غير كافيه
- أن يكون سنه الحدث 13 سنة
- أن يتم الحبس المؤقت مع مراعاة أحكام المادتين 123 و 123 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية
وبحسب المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية فان الأصل أن يبقى المتهم حرا أثناء إجراءات التحقيق الابتدائي مع إمكانية إخضاعه لالتزامات الرقابة القضائية وإذا كانت هذه التدابير غير كافيه يمكن بصفه استثنائية الأمر بالحبس المؤقت.
ومن ثم فانه يمكن القول بان الحدث الذي يكون قد أتم 13 سنه لا يجوز أن يكون محلا للحبس المؤقت إلا في الجنح التي تشكل إخلالا خطيرا وواضحا بالنظام العام او عندما يكون هذا الحبس ضروريا لحماية الطفل ولمده شهرين غير قابله للتجديد، أما الطفل الذي يبلغ سن 16 سنه واقل من 18 سنه لا يكون رهن الحبس المؤقت إلا لمده شهرين قابله للتجديد مره واحده
*-الأوامر التي يصدرها قاضي الأحداث عند الانتهاء من التحقيق
بحسب المادة 77 من قانون حماية الطفل فانه إذا تبين لقاضي الأحداث أن الإجراءات قد تم استكمالها فانه يرسل الملف بعد ترقيمه من طرف كاتب التحقيق إلى وكيل الجمهورية الذي يتعين عليه تقديم طلباته خلال اجل لا يتجاوز خمسه أيام من تاريخ إرسال الطلب فإذا رأى قاضي الأحداث او قاضي التحقيق المكلف بالأحداث وعملا بنص المادة 78 من قانون حماية الطفل أن الوقائع لا تكون أي جريمة او أنها لا توجد دلائل كافيه للمتابعة ضد الطفل فانه يصدر أمرا بان لا وجه للمتابعة ضمن الشروط المنصوص عليها بالمادة 163 من قانون الإجراءات الجزائية
في حين إذا تبين لقاضي التحقيق أن الوقائع تكون مخالفة او جنحة وتبثث إدانة الحدث اصدر أمرا أمام قسم الأحداث كما يحال الحدث أمام الأحداث بمحكمه مقر المجلس القضائي المختص إذا كانت الوقائع تشكل جناية ذلك وفقا لما تقضي به المادة 79 من قانون حماية الطفل
*-استئناف أوامر التحقيق
لقد نص المادة 76 من قانون حماية الطفل التي تقضي بأنه يطبق على الأوامر التي يصدرها قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المكلف بشؤون الأحداث أحكام المواد من 170 إلى 173 من قانون الإجراءات الجزائية ويرفع الاستئناف أمام المجلس القضائي، يتعلق الأمر بإختصاص غرفة الاتهام في البت في طعون المتعلقة بأوامر التحقيق في الإجراءات العادية.
وبالرجوع إلى نص المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية فان وكيل الجمهورية يستأنف جميع أوامر قاضي التحقيق أمام غرفه الاتهام في اجل ثلاثة أيام من صدور الأمر أما النائب العام سيقدم استئنافه في مدة 20 يوما وفقا لأحكام المادة 171 من نفس القانون.
أما بالرجوع إلى المادة 172 فهي تتحدث عن استئناف المتهم وفي هذه الحالة يكون الحدث الجانح ووكيله للأوامر التي تتعلق بحقوقه خلال ثلاثة (03) أيام من تاريخ التبليغ أمام غرفة الأحداث بالمجلس القضائي.
وإذا تعلق الأمر بالتدابير المؤقتة المنصوص عليها بالمادة 70 من قانون حماية الطفل فان مدة الاستئناف هي عشرة (10) أيام ويرفع الاستئناف أمام غرفه الأحداث بالمجلس القضائي.
-
المحور الخامس: إجراءات سير الدعوى أمام قضاء الأحداث
01_ ضمانات سير المحاكمة في قضاء الأحداث:
ولقد اقر المشرع الجزائري عده إجراءات تتعلق بمحاكمه الأحداث حيث تعتبر هذه الإجراءات في مجملها تشكل ضمانات قانونيه للحدث تهدف بشكل أساسي ورئيسي إلى محاوله تهذيب شخص الحدث وتقويم سلوكه وإصلاحه واعداه إدماجه من جديد داخل المجتمع وسوف نتعرف إلى هذه الضمانات في نقاط التالية:
*.سرية جلسات المحاكمة
إن سرية الجلسات تعد خروج عن مبدأ علنية جلسات المحاكمة الذي تفرضه متطلبات ومقتضيات المحاكمة العادلة حيث تضمن علانية الجلسات الشفافية والنزاهة والحياد إلا انه ولمصلحه الحدث جعل المشرع الجزائري جلسه محاكمه الطفل الجانح في جلسة سريه وفقا لأحكام المادة 82 من قانون حماية الطفل حفاظا على نفسيه الحدث الجانح ومصلحته وذلك قصد المساهمة في علاجه وكذلك من اجل إعطاء حماية خاصة له حيث يحضر جلسه المحاكمة كل من هيئه القضاء والحدث وممثله الشرعي ومحامي والضحية ومحامي وممثل النيابة العامة وكاتب الجلسة كما يسمح للجمعيات والهيئات التي تعنى بشؤون الأطفال حضور هذه الجلسات مع التزام الجميع بسريه ما يدور فيها، ومن ثم فلقد قرر المشرع الجزائري عقوبات لكل من ينشر أو يبث ما يدور في جلسات محاكمه الأحداث بمختلف الوسائل بقصد التشهير به
وما يمكن الإشارة إليه في هذا المقام أن سريه جلسات الأحداث تقتصر فقط على المرافعات والمناقشات التي تدور فيها إلا أن النطق بالحكم يتم في جلسه علنية تطبيقا للقواعد العامة.
*. إلزامية حضور المحامي
يعتبر الحق في الدفاع من الحقوق المكفولة دستوريا والمشمولة بالحماية قانونيا إذ يتمتع كل شخص متهم بالحق في الدفاع ويعتبر هذا الحق إلزامي بالنسبة للأحداث بحيث يستوجب تعيين محامي أمام قضاء الأحداث سواء شكل الفعل المرتكب من الطفل جناية أو جنحه مخالفه ومن ثم جعله المشرع الجزائري وجوبي فإذا لم يقم الطفل او ممثله الشرعي بتعيين محامي عين له قاضي الأحداث محاميا من تلقاء نفسه
*.سماع الأطراف والمرافعات
يفصل قسم الأحداث بعد سماع الطفل وممثله الشرعي والضحايا والشهود وبعد مرافعة النيابة العامة والمحامي كما يجوز له سماع الفاعلين الأصليين في الجريمة أو الشركاء ويمكن لرئيس الجلسة أن يأمر في كل وقت بانسحاب الطفل من المرافعات سواء كلها أو جزء منها كما يمكنه كذلك إعفاء الطفل من حضور الجلسة إذا اقتضت مصلحته ذلك وفي هذه الحالة ينوي عنه ممثله الشرعي بحضور المحامي ويعتبر الحكم حضوريا.
وهذا ما يعتبر خروج عن القاعدة الإجرائية المكرسة في المحاكمات والتي تقضي حضور المتهم قصد استجوابه واستفادته من حق الدفاع إلا أن المشرع الجزائري وفي إطار الضمانات القانونية الممنوحة للحدث أجاز للمحكمة إعفاء الحدث من حضور جزء أو كل جلسه المحاكمة مراعاة لمصلحته كان تكون حالته النفسية متدهورة وحضور جلسه المحاكمة سيزيدها سوءا أو تكون الجريمة المنسوبة إليه مخلة بالآداب العامة وان عرض أحداثها في الجلسة تؤثر سلبا على نفسيه الحدث في هذه الحالة يحضر الجلسة الممثل الشرعي والمحامي.
02_ إجراءات سير المحاكمة (التحقيق النهائي) أمام قضاء الأحداث:
_ تنعقد الجلسة في التاريخ والساعة المحددين في التكليف لحضور الجلسة، حيث يحضر أطراف الدعوى الطفل الجانح ومحاميه والضحية ومحاميه إن وجد وإن كانت الضحية قاصر يجب حضور محاميها وممثلها الشرعي، وتشكيلة الجلسة من قاضي الأحداث ومندوبي أو المستشارين حسب الحالة( مندوبين مساعدين في مواد الجنح والمخالفات، أما المستشارين ففي مواد الجنايات والمحاكمة في درجة ثانية) وكاتب الجلسة(كاتب الضبط) وممثل النيابة العامة( وكيل ج في الجنح ومخالفات ونائب العام في الجنايات وفي غرف المجلس)، حيث ويسمح بحضور الجلسة كل من:
- الطفل.
- أقاربه إلى الدرجة 2.
- شهود القضية.
- الضحايا.
- القضاة.
- أعضاء النقابة الوطنية للمحامين.
- ممثلي الجمعيات والهيئات المهتمة بشؤون الطفل.
- مندوبي حماية الطفولة.[1]
_ تبدأ المحاكمة بالمناداة على أطراف الدعوى ثم التحقق من هويتهم: حيث ينادي قاضي الأحدث أولا على الحدث الجانح ثم وليه ثم الضحية ثانيا وان كانت قاصر وليها، ويكون التحقق من خلال رؤية بطاقة الهوية(بطاقة التعريف الوطنية) ورؤية ما إذا كان نفس الشخص المعني بموضوع الدعوى.
_ يوجه قاضي الأحداث التهمة للحدث الجانح ويذكر السند القانوني( نص المادة في قانون العقوبات والقوانين المكملة له ونوع وتسمية الجريمة)، تاريخ ارتكابها، وكيفية اتصال المحكمة بالدعوى.
_ يستمع قاضي الأحداث إلى الحدث الجانح حول الجريمة، ثم يستمع إلى وليه الشرعي، ويخطره بكونه المسؤول المدني للحدث، وهو من يتحمل المسؤولية المدنية، (في حالة رفض الولي تحمل المسؤولية المدنية ينوه على ذلك في محضر الجلسة).
_ يسمع أقوال الضحية ومحاميها.
_ يسمع رد الحدث الجانح على أقوال الضحية، ويجوز أن يرد محامي الحدث فقط.
_ يسمع الشهود: في الأصل يكون سماع الشهود بعد أداء اليمين حيث يكون الشهود متواجدين في غرفة قرب غرفة الجلسة، ينادي عليهم عون الأمن الموجود في الجلسة، يكون ترتيب المناداة حسب ترتيب أسمائهم في ملف الدعوى، يدخل الشاهد لمعرض الجلسة ثم يتقدم بهويته لقاضي الأحداث الذي يتأكد من هويته ثم يطلب منه أداء اليمين من أجل الشهادة(في حالة تم سماع الشاهد من قبل في مرحلة التحقيق يمكن إعفائه من إعادة أداء اليمين)، ثم يسأله قاضي الأحداث حول وقائع الجريمة ويسمع أقواله، يمكن سؤال الشاهد من دفاع الأطراف ومن قبل أعضاء الحكم (المندوبين أو المستشارين حسب الحالة)، يتم سماع جميع الشهود تباعا.
_ يستمع لرد محامي الحدث حول ملابسات القضية وردود الشهود.
_ كل الأسئلة توجه من خلال الرئيس أي قاضي الأحداث.
03_ بعد إتمام إجراءات المرافعة:
_ يعطي قاضي الأحداث الكلمة للضحية إن وجدت لتقديم طلباتها( تتعلق أساسا بالتعويض المدني وليس لها علاقة بالدعوى العمومية في شقها الجزائي) ويجب أن يقدم المدعي المدني طلباته قبل أن تقدم النيابة العامة طلباتها.
_ تقدم النيابة العامة طلباتها.
_ الكلمة الأخيرة للمتهم، هذا كمبدأ عام لحقوق الدفاع تحت طائلة تعريض الحكم للنقض لو ثبت مخالفة هذه القاعدة.
_ ثم تنسحب تشكيلة المحكمة من قاضي الأحداث والمندوبين أو المستشارين حسب الحالة للمداولات السرية قصد التشاور حول الحكم.
إذا قرر قاضي الأحداث أن يصدر الحكم في نفس اليوم يخطر أطراف الدعوى بذلك، حيث يكون إصدار الحكم في جلسة علنية أين يسمح للشعب من غير أطراف الدعوى الدخول للجلسة، عمليا تكون الغرفة مفتوحة للزوار.
وإذا قرر إصدار الحكم في تاريخ لاحق يخبر به أطراف الدعوى وهو بمثابة تبليغ لتاريخ جلسة النطق بالحكم والذي يكون في جميع الأحوال في جلسة علنية.
[1]- المادة 83 من القانون رقم 15/12.
-
المحور السادس: العقوبات المقررة في مواجهة الحدث الجانح
بعد الانتهاء من إجراءات المحاكمة بكل ضماناتها السابق ذكرها يقوم قسم الأحداث على مستوى محكمه أو غرفه الأحداث على مستوى المجلس القضائي بالمداولة قصد النطق بالحكم الذي يؤكد البراءة أو التدابير أو العقوبات السالبة للحرية في حاله الإدانة.
01_ العقوبات المقررة في مواجهة الحدث الجانح:
حيث يفصل القاضي في القضية المعروضة أمامه والمتعلقة بالحدث بالتدبير وهو الأصل والعقوبة وهو الاستثناء تماشيا مع أحكام المادة 49 من قانون العقوبات والتي تقضي بأنه لا يجوز مطلقا توقيع على القصر الذي لم يكمل 13 سنه إلا تدابير الحماية أو التربية ولا يكون في مواد المخالفات إلا محلا للتوبيخ أما الطفل الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 سنه ووفقا لأحكام المادة 86 من قانون حماية الطفل فانه يمكن التوقيع عليه تدابير الحماية أو التربية أو يخضع لعقوبات مخففه التي تحددها أحكام المادة 50 من قانون العقوبات.
وبالرجوع إلى أحكام المادة 50 من قانون العقوبات نجدها تحدد عقوبات الطفل الجانح ب:
الحبس من عشر سنوات إلى 20 سنة إذا كانت العقوبة هي الإعدام والسجن المؤبد ونصف المدة التي كان يتعين الحكم بها على البالغ إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت.
02_ التدابير المقررة للأحداث الجانحين
إذا كان الفعل المرتكب من قبل الحدث يشكل جناية أو جنحة كانت التدابير المقررة في حقه أكثر شدة وصرامة حيث نص المشرع الجزائري على هذه التدابير في المادة 85 من قانون حماية الطفل وهي عبارة عن تدابير الغرض منها حماية وتهذيب الطفل الجانح بحيث لا يتخذ في مواجهته إلا تدبير أو أكثر من هذه التدابير التالية وذلك دون الإخلال بأحكام المادة 86 المذكورة أعلاه وهي:
- تسليم الطفل لممثله الشرعي أو لشخص أو عائله جديرين بالثقة
- وضعه في مؤسسه مكلفه بمساعده الطفولة
- وضعه في مراكز متخصصة بالأطفال الجانحين
- وضعه في مدرسه داخليه صالحه لإيواء الطفل في سن الدراسة
- وضعه تحت نظام الحرية المراقبة
وبالتالي حسب المادة 50 من ق ع يمكن القول بأنه يحكم على الطفل البالغ من العمر 13 إلى أقل من 18 سنة مرتكب جريمة العقوبات والتدابير التالية حسب الحالة:
01_ في مواد المخالفات: يحكم على الحدث الجانح بالتوبيخ أو التوبيخ والغرامة.
02_ في مواد الجنح: يحكم على الحدث الجانح بتدابير التهذيب والتربية أو بالعقوبات حسب المادة 50 ق ع
التدابير حسب المادة 86 يحكم على الطفل بتدبير واحد من التدابير في جميع الأحوال تكون مدة التدبير للمدة التي لا يمكن أن تتجاوز مدة يبلغ فيها الحدث سن الرشد الجزائي.
أما العقوبات فهي نص المدة المقرر الحكم بها على البالغ، حيث يقوم قاضي الأحداث بتقدير عقوبة من خلال وقائع وظروف ارتكاب الحدث للجنحة ويفترض كونه شخص بالغ ثم يقسم المدة المقدرة على 2 الناتج هو مدة العقوبة المقررة للحدث الجانح.
03_ في مواد الجنايات: يحكم على الطفل ب عقوبة الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة في حالة كانت العقوبة المقررة للجناية في نص التجريم هي السجن المؤبد أو الإعدام.
ويحكم على الحدث الجانح بنصف العقوبة المقرر الحكم بها على البالغ، حيث يقوم قاضي الأحداث بتقدير عقوبة من خلال وقائع وظروف ارتكاب الحدث للجناية ويفترض كونه شخص بالغ ثم يقسم المدة المقدرة على 2 الناتج هو مدة العقوبة المقررة للحدث الجانح.
ملاحظة: الأحكام الصادرة عن قضاء الأحداث بعقوبات مخففة يمكن الطعن فيها بطرق الطعن العادية والغير العادية حسب ق إ ج وفق القواعد العامة.
أما إذا تعلق الأمر بالتدابير فيتم الطعن فيها أمام قاضي الأحداث لمحكمة مقر المجلس.
-