مقارنة الأنظمة القانونية
مخطط الموضوع
-
-
-
-
الأستاذ: سعيود محمد الطاهر
أستاذ محاضر (ب)
قسم الحقوق - كلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة محمد الصديق بن يحي - جيجل
mohammedtahar.sayoud@univ-jijel.dz :البريد الالكتروني المهني
توقيت ومكان الاستقبال: كل يوم إثنين من الساعة 11.00 إلى 12.00 بقاعة الأساتذة
-
-
-
اسم المقياس: مقارنة الأنظمة القانونية
الوحدة: منهجية المعامل: 01 الرصيد: 04
الفئة المستهدفة: طلبة السنة الثالثة ليسانس قانون خاص
نوع الحصة: محاضرة الحجم الساعي الأسبوعي: ساعة ونصف
توقيت المحاضرة: الأحد من الساعة 11.00 إلى 12.30 بالمدرج: 07
نوع التقييم: امتحان في نهاية السداسي الخامس
لغة التدريس: اللغة العربية
أهداف المقياس
- تمكين الطالب من التعرف على المنهج المقارن والقانون المقارن، وكذا التعرف على أهمية المقارنة بالنسبة للعلوم القانونية.
- التعرف على أنواع الأنظمة القانونية الكبرى والمقارنة بينها من خلال استعراض المميزات القانونية والقضائية في كل نظام.
-
-
-
. يجب على الطالب أن يكون مكتسبا لمقياس النظرية العامة للقانون، تاريخ النظم القانونية، منهجية البحث العلمي، فلسفة القانون
-
-
-
يعد مصطلح «القانون المقارن» ترجمة للمصطلح الفرنسي Droit comparé والانجليز Comparative Law . وقد استقر الفقه في الوقت الحاضر على استخدام تعبير «القانون المقارن» بعد فترة من عدم اعتماد تسمية موحدة. ففي فرنسا كانت قد شاعت تسمية التشريع المقارن La législation comparée، وفي ألمانيا تم اختيار تسمية المنهج المقارن La méthode comparative، وغلبت في إنجلترا تسمية الفقه المقارن Comparative jurisprudence .
أولا: تعريف القانون المقارن
عرفه الفقيهان (لامبير) (وساليه) بأنه " القانون الذي يبحث عن القواعد المشتركة بين الشرائع و النظم المختلفة "، فهو تعريف على أساس المضمون.
وعرفه مؤتمر لاهاي للقانون المؤتمر المنعقد سنة 1937 بأنه: " القانون الذي يعمل على المقارنة بين قوانين دول مختلفة من أجل استخلاص أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين هذه القوانين"، فهو تعريف على أساس الهدف.
كما عرفه الفقيه (دافيد رونيه) بأنه: " الطريقة المقارنة التي تطبق على الدراسة القانونية"، فهو تعريف قائم على الطريقة أو الوسيلة ومجال التطبيق.
عرفه كذلك الفقيه (ابراهيم الخليلي) بأنه: " المقارنة بين الشرائع العالمية الرئيسية التي تضم كل منها مجموعة من القوانين الوضعية، من حيث خصائصها الأساسية من أجل استخلاص ما بين هذه الشرائع من أصول عامة مشتركة، وما بينها من اختلاف وتباين في المفاهيم والأفكار وأساليب الصياغة وتحديد المؤثرات". وهذا التعريف أيضا قائم على أساس المقارنة ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة بين النظم القانونية واستبعاد أوجه الاختلاف بينها.
من خلال التعاريف السابق ذكرها، يمكن القول أن الفقهاء اتفقوا حول الهدف من القانون المقارن وهو تحديد أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين النظم القانونية، ومن ثمة العمل على توحيد الأحكام المشتركة واستبعاد المختلف فيها حسب طبيعة وخصوصية كل نظام قانوني. كما أن القانون المقارن ليس مجموعة من القواعد التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع ولا مجالا معينا أو فرعا من فروع القانون العام أو القانون الخاص، فكل ما يدل عليه مصطلح القانون المقارن أنه دراسة قانونية تقوم على المقارنة أو الموازنة بين قانونين أو أكثر.
ثانيا: طبيعة القانون المقارن
اختلف الفقه في تحديد طبيعة القانون المقارن، ومرد ذلك هو الخلاف حول تعريف القانون المقارن ووظيفته، فمن هؤلاء من صنف القانون المقارن على أنه علم مستقل متميز، في حين ذهب فريق آخر إلى تصنيفه منهجاً من مناهج البحث القانوني.
1- القانون المقارن علم مستقل: يرى أصحاب هذا الاتّجاه ( لامبير وساليه) الذي ساد قبل الحرب العالمية الثانية بأن القانون المقارن علم مستقل قائم بذاته يتميز بخصائصه كباقي العلوم الأخرى (علم الاجتماع، علم النفس،... )، وحجتهم في ذلك أن القانون المقارن يهدف لمعرفة القوانين الأجنبية.
فالغاية من القانون المقارن حسب رأي الفقيه (لامبير) هو وضع تشريع مشترك بين الدول، وقد قسمه إلى تاريخ مقارن يبحث عن أصل نشأة القواعد القانونية والنظم القانونية وتطورها، وإلى تشريع مقارن يبحث على الأسس المشتركة في الشرائع الوضعية بهدف تكملة القوانين الوطنية وتطويرها.
أما الفقيه (ساليه) فقد رأى أن الهدف من القانون المقارن هو استخلاص قواعد قانونية جديدة ومشتركة للإنسانية المتحضرة، من خلال دراسة الشرائع المختلفة التي تتغير وتتطور باستمرار متكيفة مع متغيرات الحياة الاجتماعية.
2- القانون المقارن طريقة: ساد هذا الاتجاه بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة للنقاش والخلافات التي أثارها مؤتمر باريس لسنة 1900 حول أهداف ووظائف القانون المقارن وحول المنهج الذي يتعين اتباعه في دراسته.
ويرى أنصار هذا المذهب أن القانون المقارن هو الطريقة المقارنة في تطبيقها على الدراسات القانونية، ذلك أن القانون ليس هدف في حد ذاته بل وسيلة ومنهج تتبع للبحث في مواضيع تتصل بفروع القانون الأخرى.
3- القانون المقارن علم وطريقة: يعتبر القانون المقارن ذو طبيعة مزدوجة، فهو علم كونه يعمل على تصنيف الشرائع إلى مجموعة طوائف أو عائلات ذات مناهج متقاربة، ويستعمل في ذلك المقارنة بين القواعد القانونية كوسيلة أو أداة للوصول إلى معارف علمية جديدة، من حيث مصدر وتاريخ كل قاعدة قانونية.
ثالثا: صور وفروع القانون المقارن
1- صور القانون المقارن: يتخذ القانون المقارن عدة صور أهمها:
- القانون المقارن الوصفي: وهو القانون الذي يعتمد على الوصف أساسا من خلال عرض قانونيين أو أكثر وإبراز ما يميزها عن بعضها البعض.
- القانون المقارن التطبيقي: وهو القانون الذي لا يقتصر هدفه في الحصول على المعلومات وفقط من خلال القوانين الأجنبية، بل هدفه علمي، عن طريق التحليل الدقيق للقوانين لاستخلاص النتائج والحقائق.
- القانون المقارن المجرد: وهو القانون الذي يهدف إلى الحصول على المعلومات بكثافة في مجال القانون بواسطة المقارنة البحثة.
2- فروع القانون المقارن: بالرغم من كون القانون المقارن لا ينظم سلوك الأفراد في المجتمع ولا يعد فرعا من فروع القانون، إلا أن له نفس تقسيمات القانون وفروع القانون، فبالنسبة للقانون المقارن العام نجد القانون الدستوري المقارن، القانون الإداري المقارن ، ...الخ وبالنسبة للقانون المقارن الخاص نجد القانون المدني المقارن، القانون التجاري المقارن، ... الخ.
رابعا: وظيفة القانون المقارن وأهميته
للقانون المقارن بصفة عامة وللدراسات القانونية المقارنة بصفة خاصة، أهمية كبرى في المجال القانوني سواء بالنسبة للأشخاص المختصة في القانون أو بالنسبة لفروع القانون.
1- أهمية القانون المقارن بالنسبة للأشخاص المختصة في القانون: ويقصد بالأشخاص المختصة في القانون كل من المشرع، القاضي والفقيه.
- أهمية القانون المقارن بالنسبة للمشرع: يسمح القانون المقارن من خلال دراسة القوانين الأجنبية ومقارنتها بالقانون الوطني للمشرع من معرفة عيوب القانون ونقائصه، وبذلك يمكنه من تعديل وتتميم القوانين أو سنها أو إلغائها.
- أهمية القانون المقارن بالنسبة للقاضي: يساعد القانون المقارن القاضي في إيجاد الحلول للمسائل التي تعرض عليه، ويظهر ذلك من خلال إحالة المشرع وتوجيه القاضي إلى المصادر الاحتياطية لا سيما مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة. كما يلجأ القاضي من خلال الدراسات المقارنة لمناهج عديدة في التفسير ليتمكن من إبعاد الغموض عن القواعد القانونية التي تتصف بقدر كبير من العمومية والتجريد.
- أهمية القانون المقارن بالنسبة للفقيه: فالفقيه عند دراسته للقوانين الأجنبية ومقارنتها بالقانون الوطني يكون قائدا ورائدا للمشرع يمهد له الطريق ويسهل له صنع القاعدة القانونية الاكثر تحقيقا للعدل. كما يوجه القاضي في إيجاد الحلول للمسائل التي تطرح عليه حين يكون النص الذي يعتمد عليه يكتنفه الغموض.
2- أهمية القانون المقارن بالنسبة لفروع القانون: لا سيما في مجال فلسفة القانون، النظرية العامة للقانون وتاريخ القانون.
- أهمية القانون المقارن في مجال فلسفة القانون: إذا كان القانون المقارن يعنى بدراسة وتمحيص القوانين الوضعية المختلفة، فإن فلسفة القانون تختص بدراسة نظريات ومذاهب المفكرين في مختلف الأنظمة من أجل تقديم الحلول، مما يفسر العلاقة الوطيدة بين فلسفة القانون والقانون المقارن، ذلك أن ما يتوصل إليه الباحث المقارن من استخلاص أوجه التشابه والاختلاف بين القوانين الوضعية يمكن أن يكون بداية لفلسفة القانون.
- أهمية القانون المقارن في مجال فلسفة النظرية العامة للقانون: في دراسة النظرية العامة للقانون يتم الاعتماد على الدراسات المقارنة لتوضيح الأصل التاريخي لتقسيمات القانون والتفرقة بين القانون العام والقانون الخاص. بالإضافة إلى خصائص القاعدة القانونية وتقسيمها إلى قاعدة آمرة وقاعدة مكملة.
- أهمية القانون المقارن في مجال تاريخ القانون: عند المقارنة بين الشرائع المختلفة مند تكوينها إلى اليوم، يتضح ذلك التطور الحاصل في القانون من خلال تعاقب الأجيال والحضارات، فتكسب المعارف من خلال النظم القانونية لمعرفتها وتطورها، وتحديد تاريخ الشرائع المختلفة واندثار أخرى وظهور نظم قانونية جديدة. وبذلك تساهم الدراسات المقارنة في معرفة الماضي والحاضر والمستقبل، وكل ذلك يؤثر على تطور القانون.
3- أهمية القانون المقارن على المستوى الدولي: يساهم القانون المقارن في التقريب بين الشعوب والأمم، حيث أصبح بالإمكان الاطلاع على قانون الشعوب المختلفة وفهم ومعرفة هذه المجتمعات والاستفادة من تجاربها. كما يعتبر القانون المقارن وسيلة اتصال بين القوانين الوطنية وبه يمكن تكوين ضمير قانوني وفقا لما ذهب إلية الفقيه (لامبير).
يساهم كذلك القانون المقارن في توحيد القوانين والقضاء على تنازعها من خلال إيجاد أنظمة قانونية دولية تحل في بعض الأحيان محل القوانين الوطنية. والتوحيد القانوني نوعين: توحيد داخلي يكون ضمن الدولة الواحدة خاصة بالنسبة للدول المركبة، وتوحيد خارجي سواء اتخذ صورة توحيد ثنائي (بين دولتين) أو توحيد متعدد الأطراف (اقليمي أو دولي).
خامسا: طرق المقارنة
يقصد بطرق المقارنة كل أنواع وصور المقارنة، فهي تتعدد بتعدد الأشخاص القائمين بها، وتتمثل في المقابلة، المقاربة، المضاهاة أو المعارضة وأخيرا الموازنة المنهجية.
1-المقابلة: وفيها يقوم الباحث بوضع النصوص أو الأحكام القانونية المختلفة المتعلقة بمسألة معينة جنبا إلى جنب لذلك سماها البعض بالمجانبة، حيث تستخرج أوجه التشابه والاختلاف أيضا مثل أحكام الزواج، الطلاق، ...
2-المقاربة: وفيها يقوم الباحث باستخراج أوجه التقارب (التشابه) بين القوانين المشتركة في الخصائص بحكم انتمائها لعائلة أو شريعة واحدة، وهي تتبع في توحيد القوانين الداخلية في الدول المركبة، ومثال ذلك المذاهب الفقهية الأربعة في النظام الاسلامي.
3-المضاهاة (المعارضة): وهي الطريقة التي تعمل على بيان أوجه الاختلاف بين نظامين قانونيين مختلفين ومتميزين عن بعضهما، كالنظام اللاتينوجرماني والنظام الاشتراكي أو نظام الكومن لو والنظام الاسلامي.
4-الموازنة (المقارنة) المنهجية: وهي طريقة تخضع لأحد مناهج البحث العلمي (المنهج التحليلي، الاستقرائي، الوصفي، ...) وتساعد على استخلاص جملة من النتائج التي بها يمكن التوصل إلى تحديد القانون الأفضل والأنسب للبحث والتطبيق بعد المقارنة والوقوف على أوجه التشابه والاختلاف.
وتمر المقارنة المنهجية بمرحلتين أساسيتين هما: مرحلة تحليلية (تسمى المقارنة الجزئية) ومرحلة استنتاجية (تسمى المقارنة الكلية).
أ-المرحلة التحليلية: تبدأ بتجزئة النص القانوني الأجنبي أي تحليل القاعدة القانونية الأجنبية إلى جزيئات، فلو أراد الباحث أن يقارن بين القانون الجزائري والقانون الفرنسي أو الالماني في مسالة توزيع الميراث مثلا، فإنه يقوم بدراسة القاعدة القانونية وما يتفرع عنها من حالات الميراث من خلال التعرف على مختلف المراكز القانونية كالعلاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج وبعده وعلاقة الوالدين بالأبناء.
وتقوم هذه المرحلة من المقارنة على مجموعة من الاعتبارات التي يتعين على الباحث المقارن مراعاتها والمتمثلة في:
- معرفة القوانين محل المقارنة، وذلك من الناحيتين النظرية والتطبيقية.
- معرفة الباحث للغة القانون الأجنبي، وذلك من خلال الالمام بمفاهيم ومصطلحات القانون الأجنبي وعدم الاكتفاء بالترجمة اللغوية.
- البحث في العوامل المؤثرة في تكوين القانون الأجنبي من الناحية التاريخية (العوامل التي ساهمت في تكوين القانون الأجنبي محل المقارنة)، الاجتماعية (دراسة البيئة الاجتماعية التي يطبق فيها القانون محل المقارنة) والسياسية (ذلك أن الاختلاف السياسي ينعكس على تحديد المفاهيم القانونية بين الدول بالنظر إلى طريقة تكوين المؤسسات الدستورية وأساليب عملها ...).
ب- المرحلة الاستنتاجية: تهدف هذه المرحلة إلى استخلاص العلاقة بين النصوص محل المقارنة وبالتالي إبراز أوجه التشابه والاختلاف من جهة وأسبابها من جهة أخرى. ويجب على الباحث المقارن أن ينهي الدراسة المقارنة بتقرير نهائي لما توصل إليه ثم يقدم رأيه في الموضوع.
-
-
-
يقصد بالنظام القانوني مجموعة القواعد القانونية المنظمة لمسألة ما في مجتمع ما، فإذا أضيفت لها مصطلح المقارن، فإنها تعبر عن مجموعة القواعد القانونية المميزة لدولة ما مقارنة بدولة أخرى.
أولا: النظام الانجلوسكسوني
يعرف أيضا بـ " كومن لو" "commun law" ، ويقصد بهذا المصطلح القانون المشترك لكل انجلترا. ويعرف بأنه النظام الذي تستمد فيه القواعد القانونية مصدرها من القضاء.
يتميز القانون الانجليزي بعدة خصائص :
- القانون الانجليزي له نشأة قضائية، فلا نجد فيه فكرة القاعدة القانونية و إنما نظام السابقة القضائية .
- لا يعرف التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص.
- أن مفهوم القاعدة القانونية يدل على غير ما يدل عليه مفهومها في النظام الروماني، فهي تصدر عن القضاء و هي أقل عمومية و تجريد، لأنها تصدر في نزاع معين الأطراف. فلكل واقعة قانونية قاعدة قانونية خاصة بها .كما أنها خالية من التمييز بين المرة منها و المكملة على خلاف النظام اللاتيني .
وتتعدد مصادر القانون (القاعدة القانونية) في النظام الانجلوسكسوني لتشمل:
1- القضاء (السابقة القضائية): تاريخيا القضاء هو من أنشأ الكومن لو في انجلترا ، حيث لا يقتصر دور القضاء على تطبيق القانون، بل هو من يقوم بوضع القاعدة القانونية، ويلتزم باتباع القواعد التي سبق للقضاء وأن قررها في قضايا معروضة عليه سابقا أو ما يعرف بالسابقة القضائية.
وفي هذا الإطار نشير إلى أن النظام القضائي في انجلترا يتكون من هيئات قضائية دنيا (محاكم مختصة في المسائل المدنية ومحاكم مختصة في المسائل التجارية والمحاكم الجزائية)، وهيئات قضائية عليا (المحكمة العليا للعدالة، محكمة الاستئناف، محكمة التاج، غرفة اللوردات).
2-التشريع: يحتل التشريع المرتبة الثانية، ويعرف بالتشريع البرلماني تمييزا له عن التشريع القضائي (السابقة القضائية)، وينظر إليه (التشريع) على أنه جسم غريب عن الكومن لو سواء صدر عن السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية. فحسب النظرية الكلاسيكية يعتبر التشريع مصدر ثانوي للقانون، وأن رجال القانون إذا أرادوا التعرف على القاعدة القانونية فعليهم الرجوع إلى الأحكام القضائية التي طبقتها.
إلا أنه وبالنظر إلى الدور البارز الذي أصبح يؤديه التشريع لتنظيم قطاعات واسعة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، ظهرت نظرية حديثة تنادي بضرورة الاعتراف بالطابع التشريعي للقانون الانجليزي.
3- العرف: يحتل العرف المرتبة الثالثة في تدرج مصادر القاعدة القانونية في انجلترا، فعلى الرغم من الدور المهم الذي لعبه في بداية نشأة القانون الانجليزي إلا أن مكانته تراجعت وأصبح له دور ثانوي بعد تحول القواعد العرفية إلى قواعد مكتوبة بفضل حركة التقنين.
ثانيا: النظام اللاتيني الجرماني (الروماني الجرماني)
يسمى كذلك بشريعة القانون المدني باعتبارها الشريعة العامة، وقد ظهرت في أوروبا (يرجع أصلها إلى القانون الروماني) وتضم مجموعتين: المجموعة اللاتينية المستمدة من القانون المدني الفرنسي وغيرها من القوانين المتأثرة به (اسبانيا، ايطاليا، البرتغال، ...) والمجموعة الجرمانية التي تضم القانون المدني الألماني والأنظمة المستمدة منه (النمسا، المجر، ...).
يتميز النظام اللاتيني الجرماني بمجموعة من الخصائص من أهمها:
- تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص، والذي يقابله وجود نوعين من الهيئات القضائية (قضاء عادي وقضاء إداري).
- تتميز القاعدة القانونية بالعمومية والتجريد وأنها قاعدة سلوك اجتماعي، بالإضافة إلى أنها ملزمة وتقترن بجزاء.
تقسم القاعدة القانونية إلى قاعدة مكتوبة وغير مكتوبة، شكلية وموضوعية، قاعدة آمرة وقاعدة مكملة.
- تتميز القاعدة القانونية بالمرونة، فهي قابلة للتعديل أو الالغاء كلما اقتضت الضرورة ذلك يحكمها في ذلك مبدأ تدرج القوانين.
كما تتعدد مصادر القاعدة القانونية في النظام اللاتيني الجرماني لتشمل:
1- التشريع: يعتبر التشريع المصدر الأساسي للقاعدة القانونية، ويضم الدستور (التشريع الأساسي) الذي يوجد في أعلى مراتب التشريع، ويتحقق مبدأ سمو الدستور من خلال الرقابة على دستورية القوانين. بالإضافة إلى التشريع العادي المتمثل في القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة التشريعية، والتشريع الفرعي الذي يضم القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة التنفيذية في مجال اختصاصها.
2- العرف: تختلف أهمية العرف كقانون غير مكتوب باختلاف نوع العرف، حيث يرى الفقهاء أن هناك نوعين من العرف، عرف يساعد في فهم النص التشريعي (عرف مساعد للتشريع) وعرف مكمل للتشريع وظيفته سد النقص في التشريع.
ويختلف مركز العرف باختلاف القوانين، بحيث نجد دور مهم في القانون التجاري والقانون الدولي العام ، وينقص دوره في القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية وينعدم في القانون الجنائي.
3- القضاء (الاجتهاد القضائي): يقتصر دور القاض ي على تطبيق القاعدة القانونية ،لذلك يعد القضاء مصدرا ثانويا و مصدرا تفسيريا للنصوص القانونية. إذ تتميز الأحكام القضائية بتطبيق القانون، فالأنظمة الدستورية في الدول التابعة للمنهج الروماني الجرماني تقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات، إذ مهمة التشريع تقوم بها السلطة التشريعية بينما تتولى السلطة القضائية تطبيقه على النزاعات المرفوعة أمامها .
و يطرح التساؤل في هذا الصدد في حالة غموض القاعدة القانونية و عجزها عن تقديم الحل القانوني، إن كان بإمكان القاض ي أن يلجأ إلى التفسير الواسع للقاعدة القانونية في هذا الصدد نجد اتجاهين فقهيين :
-الاتجاه الاول : يرى أن وظيفة القاض ي لا تقتصر على تطبيق القانون، إنما يمكنه تفسير النصوص في حالة غموضها. هذا التفسير الواسع يؤدي إلى إنزالها منزلة القاعدة القانونية. غير أن هذا الرأي لم يلقى استحسانا كبيرا لأنه يمس بجوهر وظيفة القاضي، و هي تطبيق القانون و ليس انشاء القاعدة القانونية .
-الاتجاه الثاني : و هو الرأي الراجح يرى أن وظيفة القاض ي تقتصر على تطبيق القانون و حتى حين يفسر قواعده و يتوسع في تفسير قواعده الغامضة فهو لا ينش ئ قانون ،إنما يكشف عن ثنايا التشريع مستندا إلى مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة .
4- الفقه: للفقه دور كبير في تطوير القانون عن طريق شرح القاعدة القانونية و تقويم النتائج المترتبة عنها، ليمهد الطريق للمشرع لإنشاء قاعدة قانونية جديدة أو تعديل القانون، مستعينا بالدراسات القانونية المقارنة التي يجريها الفقه.
ثالثا: النظام الاسلامي
تعتبر الشريعة الاسلامية مصدرا من مصادر القانون في التشريعات العربية.و لأنها شريعة متكاملة حية ومرنة قابلة للتطبيق في كل زمان و مكان، فقد عكف الباحثون في مجال القانون المقارن على تسليط الضوء على هذا النظام، والأخذ من كثير من أحكامها .
تتعدد مصادر التشريع الاسلامي لتشمل هي مصادر اصلية الكتاب السنة و مصادر احتياطية الاجماع و القياس .
1- القرآن : و قد نظم القرآن جانبين العبادات كالصلاة و الصوم و المعاملات أي كل ما يتعلق بعلاقات الافراد فيما بينهم ،فقد تضمنت الشريعة الاسلامية تنظيما شاملا لعلاقات الأفراد فيما بينهم و علاقتهم بالسلطة.
2- السنة النبوية : هي المصدر الأصلي الثاني للشريعة الاسلامية، وهي ما تقرر وصدر عن الرسول صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير .
3- الاجماع :و قد اكتملت أحكام الشريعة بعد وفاة الرسول )صلى الله عليه وسلم) بالإجماع و هو ما أجمع عليه الفقه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم بخصوص مسألة من مسائل الدين المختلف بشأنها، و التي لا يوجد حل لها لا في القرآن ولا بالرجوع للسنة النبوية.
4- القياس : وهو قياس مسألة لم يرد بشأنها نص مع مسألة ورد بشأنها نص و حكم شرعي، لتشابه الواقعتين في علة هذا الحكم.
وقد تأثرت القوانين الوضعية بأحكام الشريعة الاسلامية، و إن كانت بعض الدول العربية تجعل من الشريعة مصدرا ثانيا للتشريع كالجزائر إذ تعد مصدرا ثانيا في القانون المدني بينما هي مصدر ثالث في القانون التجاري بعد التشريع و العرف . نجد أن دول أخرى اخذت بها كمصدر أول للتشريع كالمملكة العربية السعودية .غير أن أحكام الشريعة ادخلت بطريقة مباشرة او غير مباشرة عن قصد أو عن غير قصد ضمن أحكام قوانينها فتضمن القانون المدني و قانون الاسرة أحكاما مستمدة من الشريعة الاسلامية.
-
-
-
محمود ابراهيم الوالي، دروس في القانون المقارن، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1982
نجاح عصام، القانون المقارن والأنظمة القانونية الكبرى، دار العلوم، الجزائر، 2011
الجيلالي عجة، دروس في القانون المقارن، بيت الأفكار، الجزائر، 2022
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-
-