البحث اللغوي أهميته وأهدافه
البحث اللغوي أهميته وأهدافه
الحديث عن أهميتة البحث اللغوي وأهدافِه هو حديث نظري، لا شك يولج الطالب في كثير من التجريد الحائد عن علمية ينبغي تحقيقها في العملية التعليمية التّعلُّمية، سببُ ذلك كلّه، هو ذلكم التعميم المقرون بالأهمية والأهداف، والذي سنجده إن بحثنا في أهميات وأهداف أنواع أخرى، من مثل البحث الأدبي، والعلمي، وغيرهما، والحق إننا ههنا أمام حتمية ضرب الأمثال، وتقديم الوقائع التي كثيرا ما ارتبطت بتاريخ البحث اللغوي في الحضارات عامة ليتضح المقال.
الحق إننا ههنا أمام تفصيل كبير لمجمل أسال كثيرا من الحبر، من التراث وحتى الحداثة، ذلك أن تاريخ البحث اللغوي في العربية الذي ستكون منه معظم شواهدنا، إنما هو تاريخ متفرد على عكسه في اليونان، والرومان، ولدى حضارة الهند قبلهم، ومكمن تفرده هو خصيصة الاتصال بين حاضر اللغة وماضيها، لتتأكد من هذا انظر حياة العربية لأربع عشرة قرنا، ثم انظر في اللاتينية والإغريقية، وما دون ذلك من اللغات الميتة.
أحد أهم القضايا التي اهتم بها اللغويون قديما في العربية وفي غيرها هي القول على موضوع اللغة ومنشئها وأوليتها، ومن ثم الأسر والفصائل اللغوية إلى يومنا هذا، لقد ترجمت مثلا المنظمة العربية للترجمة كتابين مهمين في هذا المجال هما: أجمل قصة عن اللغة (تر ريتا خاطر) وبُنية الألسن لكلود حجاج، والذي مهّد له بسرد تقسيمات العلماء في المجال، منها التقسيمات الدينية الوراثية، والأخرى التي تقوم على المنهج العلمي المقارن، كما يسميه أنصاره.
الحديث عن تقسيمات دينية إنما هو حديث عن أصل الفيلولوجيا بُداءة، والقول بالتقسيم الديني ورفضه على هذا الأساس مردود لسبب واحد هو أن فقه اللغة علم ديني بالأساس، والخائضون فيه إنما هم أنفسهم رجال الدين، وفي العبرية بالخصوص خاض هذا الحديثَ نفرٌ منهم.
بالعودة إلى العربية؛ سنجد أن أول فقيه لغوي هو ابن فارس، بالأحرى هو أول من استعمل التسمية، ويحيلنا الأمر إلى فلسفة الاصطلاح عند ابن فارس، والتي نخوض فيها لاحقا، والذي يهمنا ههنا ويثبت قولتنا هو أن ابن فارس فقيه ديني بالأساس (مالكي في آخر حياته)، وله مصنفات في أصول الفقه، ويُسلِّم في جانب اللغة بالأصل الثنائي للعربية، وقبلها بأن اللغة وحي وإلهام، ومن ثم فالقول بنقض التفسير الديني بحجة أنه ديني من غير دلائل علمية مردود بالأساس، ثم إنَّ سردية المنهج المقارَن التي صارت حديث الصالونات في فرنسا زمن ازدهاره، إنما هي سردية غير مقنعة البتة لسبب أنها تقوم على محض تشابهات إنما هي مشتركة في اللغات كافة، خصوصا ونحن نعود بالزمن إلى الوراء أين يضيق المعجم، وتنحصر الدلالة، وتتجه الأور لأن تكون أكثر حسية، والسبب الثاني معلوم معروف يكمن في أن الذين ينقدون التفسير الديني قد أقاموا عن غير قصد منهجهم الجديد على خلفيات تحمل عنصرية دينية جهة فئة معينة، حتى إذا كان هذا ظهرت ثنائية آريون وساميون، مثلما جسدها كتاب لُغات الفردوس المترجم للمنظمة العربية للترجمة، ذلك أن ترقية المسيحية إنما يكون بالابتعاد شيئا فشيئا عن اليهودية وتاريخها ولغتها إلى أن تحتل فيها عبقرية العرق الهندوأوروبي مرتبة الصدارة.[1]