المنهج الوصفي
المنهج الوصفي:
حينما نتحدث عن المنهج الوصف فإننا نشير إلى حصرا إلى توظيف البنيوية –التي تكتفي بالوصف- على النصوص اللغوية (القرآنية والحديثية في العربية مثلا) والأدبية (رواية، شعر، وهذا الأشهر..) ويبدو أننا حينما نذكر هذا الأمر، سنحيل بالضرورة إلى تعامل هذا المنهج مع أحد أكثر المستويات اللغوية حضورا فيها، وهو البلاغة، الحق إن البلاغة استلزام وشرطٌ في هذه النصوص، بل إننا سنعرف أنه حتى في النصوص التي لم تُفهم (دلاليا) منذ القديم وحتى يومنا هذا [1] حاولت المناهج أن تعثر على دلالى مستوحاة لها تفترضها من خلال دلالة الألفاظ التي هي في النص (لتفهم هذا انظر النص في الهامش)
في البلاغة مثلا، سنعثر على المجاز والكناية والاستعارة والتورية، وغير ذلك كثير جدا، وسنجد حين الحديث عن المنهج الوصفي الذي تبنته البنيوية منذ أن رفع دي سوسير لافتة اللغة في ذاتها ولأجل ذاتها، سنجد تحرجا كبيرا من الرجوع إلى الماضي، أي من الخوض في المجاز والاستعارة اللذين يشترطان اللعب على وتر المعجم التاريخي، ذلك أن نظام اللغة الذي طالما تحدثنا عنه بمفهوم دي سوسير ليس لا يمثل الصورة الشاملة للغة، إننا نتحدث ههنا عن نظام المتبقي الذي ذكره جان جاك لوسركل في كتاب عنف اللغة، والذي يضم المجاز والاستعارة والكناية، والتورية، والتشبيه والعبارات السياقية والاصطلاحية (حتى يلج الجمل في سمّ الخيّاط) وغير ذلك كثير.
لا يمكننا أن نذكر هلهلة المنهج الوصفي البنيوي في التعامل مع الصور البلاغية فقط، لقد تطرق كل الذين أيدوا دي سوسير عن فكرة الاختلاف داخل اللغة، وذكروا أن اختلاف الأصوات داخل الكلمة الواحدة هو الذي يحقق الدلالة، يمكننا أن نمثّل ههنا بكتب وكتم، ثم التخصيص الدلالي الذي يحققه كل حرف (صوت لدى الوظيفيين) الحق أن خذه الفكرة مبثوثة في التراث اللغوي العربي لدى ابن فارس مثلا، وقد بنى عليها معجمه، بحيث يأتي بالجذر اللغوي أصلا كان أو فرعا، ويذكر أن اجتماع هذه الحروف إنما يحقق ذلك المعنى، حينما نذكر هذا سيأتي إلى أذهاننا بالضرورة فكرة الاعتباط التي قال بها دي سوسير، والتي تجتمع مع فكرة أخرى مفادها أن ترتيب الحروف داخل الكلمة الواحدة لا علاقة له له بترتيب الأشياء في العالم الخاجي، ولقد ذكر الجرجاني عبد القاهر شيئا من هذافي مثال ربض، وضرب.
يمثل المنهج الوصفي منهجا نظريا، عكس التقابلي مثلا الذي يندرج في اللسانيات التعليمية، وما تخوض فيه اللسانيات الوصفية يسمى لسانيات نظرية، ولذا من الخطأ جدا أن تلوى عنق كثير من المفاهيم الخاصة بهذه النظريات لتطبّق على العربية مثلا، أو لتصفها، لا لشيء إلا لخصوصية ما قامت عليه الدرسات التوصيفية من نظامي المحمول والموضوع، والفكرة الأصيلة تذكر: أن المنهج ينبغي أن يكون مستمدا من البيئة ذاتها لا مسلّطا عليها من خارجها، هذا ما قاله طه عبد الرحمن في كتابه تجديد المنهج في تقويم التراث، الحق إن المنهج الوصفي حاول قدر الإمكان أن يصير علميا، من خلال قبسه من العلوم التجريبية ومناهجها، فاستمد منها الجهاز الاصطلاحي الممثل في البنية، والنظام، والرمز، ولالمحور، والدّالة، والاستبدال، والتحويل، والوظيفة وغيرها من مفاهيم اللسانيات الوصفية، ابتداء من دي سوسير وانتهاء بتشومسكي في بداياته.
