الفصل 3: الدوال القابلة للإشتقاق
سبق لك أن تعرفت على مفهوم الاشتقاق قبل المرحلة الجامعية، والهدف من هذا الدرس هو التذكير بذلك المفهوم، ثم توسيع مداه والتعرف على خواص جديدة مرتبطة به. ولا شك أن طالب السنة الأولى في فرع العلوم الدقيقة ملمّ بعدة خواص تتعلق بالمشتق، التفسير الهندسي للمشتق (بوصفه يمثل ميل مماس بيان الدالة في النقطة التي فاصلتها هي الفاصلة التي نشتق فيها الدالة)، ونحو ذلك من النتائج الكثيرة. ورغم ذلك سنعود إلى تلك المفاهيم والخواص في هذا الفصل.
والجدير بالملاحظة أن مفهوم المشتق قد أدخل لتلبية رغبة المختصين في صياغة مسائل فيزيائية وهندسية بأدوات التحليل الرياضي، وكذا بأدوات الهندسة التحليلية التي كانت ذات شأن منذ منتصف القرن السابع عشر. فمن المعلوم أن هذه الهندسة كان من ورائها الفرنسي ديكارت Descartes (1596-1650) والإنكليزي نيوتن Newton (1642-1727) والألماني لايبنيتز Leibniz (1646-1716). وقد كان ظهورها يضاهي ظهور نظرية المجموعات في العصر الحديث وبروز الهندسة الإقليدية في عصر الإغريق.
تعتبر نظرية التزايدات المنتهية (التي تسمى أيضا نظرية المتوسط) من أهم النظريات في التحليل الرياضي. فبالإضافة إلى كونها مهمة في حد ذاتها، كنتيجة رياضية، فإنها تسمح بالبرهان على العديد من النظريات الأساسية في التحليل. ومن تلك النظريات نذكر :
- نظرية شوارتز Schwarz : التي تضمن شروطها - عندما يتعلق الأمر بدالة متعددة المتغيرات قابلة للاشتقاق (أي المفاضلة) مرتين أو أكثر - بأن الدالة المحصل عليها بعد الاشتقاق مرتين أو أكثر هي نفس الدالة مهما كان ترتيب عمليات الاشتقاق التي نجريها بالنسبة للمتغيرات المعتبرة. وهي نتيجة من شأنها أن تسهل الكثير من الحسابات التي يقوم بها الرياضيون.
- نظرية الدوال الضمنية : التي تؤكد شروطها - إذا ما أعطيت لنا علاقة (مساواة) تربط متغيرين - بأن أحد المتغيرين يكتب كدالة للمتغير الآخر ... حتى وإن كانت هذه النظرية لا تعطي العبارة الصريحة لتلك الدالة (الضمنية).
- نظرية القلب (العكس) المحلي : التي تمكّن من استخدام أدوات تحليلية من أجل إثبات أن اقتصار دالة يمثل تقابلا، وهي نتيجة هامة تسمح بحل معادلات معقدة.
كما تفيد نظرية التزايدات المنتهية في إيجاد قيم تقريبية كالجذور ونحوها، وفي دراسة القيم القصوى، وقاعدة لوبيتال L’Hôpital ودستور تايلور Taylor . ومن المعلوم أن نظرية التزايدات المنتهية لها تعميمات تمس فضاءات مجردة غير عددية، لكننا لن نتعرض إلى هذا النوع من التوسيع لأنه يتجاوز إطار هذا الفصل.