أشكال الحراك الاجتماعي

من الناحية التحليلية، يمكن للمرء تصور أنماط أو أشكال مختلفة لتغيير الوضع الاجتماعي الذي يعاني منه فرد أو مجموعة. استخلاص الأدلة من المجتمع الأمريكي يقول ب. سوروكين أن كلا من التيارات الصاعدة والهابطة للحراك الاقتصادي والسياسي والمهني موجودة في شكلين رئيسيين.

وهي موجودة على النحو التالي:

- تسلل أفراد الطبقة الدنيا إلى طبقة أعلى موجودة؛

- إنشاء مجموعة جديدة من قبل هؤلاء الأفراد، وإدراج هذه المجموعة في طبقة أعلى بدلاً من الفئات الموجودة في هذه الطبقة أو جنبًا إلى جنب معها. في المقابل، فإن الحركة التنازلية أو الهبوطية لها أيضًا شكلان رئيسيان على النحو التالي:

- إسقاط الأفراد من وضع اجتماعي أعلى إلى وضع أدنى قائم، دون تدهور أو تفكك المجموعة العليا التي ينتمون إليها.

- تدهور المجموعة الاجتماعية ككل، من خلال تحقير مكانتها بين الفئات الأخرى، أو من خلال تفككها كوحدة اجتماعية.

تم تطوير معالجة أحدث لأشكال أنماط التنقل بواسطة رالف إتش تورنر. وعلى النقيض من أنماط التنقل السائدة في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، اقترح تيرنر نمطين معياريين نموذجيين مثاليين للتنقل التصاعدي.

هذا وحدد أبرز علماء الإجتماع وهو " بيتريم سيروكين"، أربعة أنماط أساسية للحراك الإجتماعي على النحو الآتي:

-الحراك المهني: هذا الحراك يعني التحول من منصب أدنى في المهنة إلى منصب أعلى والعكس بالعكس؛ يتم تنظيم أنواع مختلفة من المهن في شكل هرمي، حيث يشغل الأفراد مناصب مختلفة، وتختلف قوتهم وسلطتهم واحترامهم ورواتبهم وسمعتهم وتعويضاتهم، وفي معظم الحالات، يعمل الأفراد بأقصى ما في وسعهم من أجل الحصول على تأييد أعلى.

أصبحت مهن الأبناء لمهن الآباء ظاهرة نادرة في المجتمع المعاصر، وأصبح طبيعيا أو سويا أن نرى أعضاء الأسرة يعملون في مهن متباينة، لا ترابط بينها ولا اتصال، فقد يعمل أحد أفراد الأسرة في التجارة وآخر في التدريس وثالث في مهنة الطب.

-الحراك المكاني: وهو أكثر أنماط الحراك الاجتماعي شيوعا وانتشارا في المجتمع الحضري الصناعي، فقد أصبح من الشائع انتقال الفرد من إقليم إلى إقليم، أومن حي إلى آخر، وكان الحراك المكاني محدودا في المجتمع التقليدي، وكان الفرد يدين بالولاء للوطن الذي يولد فيها ويمارس نشاطه الاجتماعي والاقتصادي فوق أرضه، ولكن أدى تقدم وسائل المواصلات والنقل، ونشأة مهن جديدة ذات أجور مرتفعة في أماكن متفرقة، إلى ازدياد الحراك المكاني للأفراد وهجرتهم من الأماكن التي يقيمون بها مع أسرهم إلى مواطن العمل الجديدة.

ولاحظ علماء الاجتماع أن الأفراد في المجتمع الحضري أصبحوا أقل ارتباطا بالأرض التي ينشؤون عليها، وزاد تحرك الأفراد من بلد لآخر، وزاد تغيير الأفراد للوحدات السكنية، وتبديلهم لجيرانهم، وزادت المسافات التي يقطنها الفرد في انتقالاته من مجتمع لآخر في المجتمع الحديث مما يؤثر في ولائه لأسرته وارتباطه بأقاربه.

-الحراك الإقتصادي: ويقصد به تغير مراكز الأبناء الاقتصادية عن مراكز الآباء والأجداد، فلقد أدى تغير نظام الملكية ونمو الملكيات الفردية ونشأة نظام الأجور وتقييم العمل على أساس إنتاج الفرد ومقدار ما يبذله من مجهود ونشاط إلى تغير المراكز الاقتصادية للأفراد، وأصبح من الطبيعي أن تتغاير المراتب الاقتصادية يعني أن التكوين الطبقي أصبح مرنا ومتغيرا، وأصبح من السهل أمام الأفراد الانتقال إلى مرتبة أعلى من مراتب أسرهم بمقدار ما يبذلونه من جهد وعمل، وما يقومون به من نشاط في مهنهم. وصار من الطبيعي أن تنخفض مكانة الأفراد الاقتصادية عن مكانة أسرهم إذا ما فشلوا في مهنهم.

-الحراك الفكري: يقصد به مقدار ودرجة وقوة ارتباط الفرد بالقيم والأفكار المستحدثة المختلفة، وقد ساعدت وسائل الاتصال – مثل الراديو و التلفاز والسينما والصحف والكتب والمجلات "ومؤخرا وسائل التواصل الاجتماعي" وازدياد الاختراعات الحديثة في العلوم والفنون إلى ازدياد فرص الحراك الفكري، وعرض نماذج فكرية واجتماعية في أساليب جديدة من السلوك وكذلك تغير التقاليد المتوارثة عن الآباء والأجداد ،كما أدى ازدياد الاكتشافات العلمية إلى ضعف ارتباط الأفراد بالقيم القديمة واتجاههم نحو تقبل الأفكار والمبادئ المستحدثة، كما أدى ازدياد وتنوع مراكز البحث العلمي وزيادة الإنفاق على تلك المراكز إلى زيادة في الدراسة والبحوث العلمية وزيادة النشاط الفكري المصاحب لها. [1]

أشكال الحراك الاجتماعي