المفهوم الاصطلاحي
وفي الاصطلاح: وكما جرت العادة فان البحث في المفهوم الاصطلاحي لأي مصطلح يكون بالعودة للتراث وانطلاقا من التراث العربي في تحديد مفهوم هذا المصطلح وجدنا تراثنا غني بالمسائل الدلالية وإن كانت غير محددة المجال، فقد وجدت الدلالة في رحاب الدرس الفقهي والفلسفي واللغوي، والتعريف الذي نراه جامعا هو ما جاء في كتاب "التعريفات " للجرجاني: «الدلالة هي كون الشيء بحاله يلزم من العلم به العلم بشيء آخر والشيء الأول هو الدال والثاني هو المدلول»[1] . إنَّ هذا التعريف بتجاوز تعريف المحدثين للدلالة، فهو بالإضافة إلى تحديد ركني الفعل الدليل، يشير أيضا إلى علم آخر أشمل من علم الدلالة وهو علم السيمياء (Semiologie) فتعبير الجرجاني عن الدال والمدلول بلفظ الشيء دون اللفظ يجعل التعريف جامعا لما هو لغوي وغير لغوي من أصناف العلامة، ومن ثم أصناف الدلالة
أمّا مفهوم الدلالة عند المحدثين، فإنها تعني عند " بريال " -واضع مصطلح علم الدلالة تلك القوانين تشرف ف على تغيير المعاني، ويعاني الجانب التطوري للألفاظ اللغوية ودلالتها.
لقد أصبح علم الدلالة يهتم بالصورة المفهومية للمدلول خاصة بعد الدراسة التي قدمها الإنجليزيان "أوجدن" و "ريتشارد" في كتابهما "معنى المعنى" الذي تمّ إصداره عام 1923 م، وفيه تساءل العالمان عن ماهية المعنى من حيث هو عمل ناتج عن اتحاد وجهي الدلالة؛ أي الدال والمدلول. يقول مازن الوعر في تقديمه لكتاب "علم الدلالة" ليبار جيرو: « وإذا كانت الصوتيات واللغويات تدرسان البُنى التعبيرية وإمكانية حدوثها في اللغة فإنّ الدلاليات تدرس المعاني التي يمكن أن يعبّر عنها من خلال البنى الصوتية والتركيبية» [2]. من خلال ما سبق يمكن القول: إنّ علم الدلالة فرع من فروع علم اللغة يهتم بدراسة جوهر الكلمة بهدف تحديد مقاصدية الخطاب فهي لا تنظر إلى صفات الوحدات اللغوية من حيث طبيعتُها التكوينيةُ والأدائية، وإنما محورُها الوظيفة الإبلاغية التي تؤديها هذه الوحدات في تناسبها مع المقام.