مفهوم السياق الغوي
1.مفهوم السياق اللغوي
تعددت وتنوعت وكثرت أيضا الدراسات التي تطرّقت لموضوع السياق، ولنوفّيَه حقه في أوراقنا البحثية هذه وجب أن تتعرف عليه أولا كمصطلح ثم الغوص في تفاصيله الأخرى من أنواع وأهمية وأيضا دوره وعلاقته بالمعنى.
المفهوم اللغوي:
يعود السياق في أصله اللغوي إلى مادة "سَوق"، و في ذلك يقول ابن فارس:« السين والواو والقاف أصلٌ واحد وهو حذو الشيء... يقال سُقتُ إلى امرأتي صداقها وأَسقتُه، والسُّوق مشتقّة من هذا، لما يسأل إليها من كل شيء، والجمع أسواق»[1] .
ويذكر ابن منظور أنها من "السوق" قال: ... ساق الإبل وغيرها، يسوقها سوقًا وسياقًا، وهو سائق وسوّاق شديد للمبالغة... وقوله تعالى: { { وجاءتْ كلُّ نفسٍ معها سائِق وشهِيد } } قيل في التفسير: سائق يسوقها إلى محشرها، وشهيد يشهد عليها بعملها، وقيل: الشهيد هو عملها نفسُه... وقيل في الحديث ((لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه)) هو كناية عن استقامة النّاس وانقيادهم إليه واتفاقهم عليه، ولم يرد نفس العصا وإنما ضربها لاستيلائه عليهم وطاعتهم له إلاّ أن في ذكرها دلالة على عسْفه بهم وخشونته عليهم... وقد انساقت وتساوقت الإبل تساوقا إذا تتابعت... وساق إليها الصّداق والمهر سياقًا وأساقه وإن كان دراهم أو دنانير، لأن أصل الصّداق عند العرب الإبل، وهي التي تُساق، فاستعمَل ذلك في الدرهم والدينار وغيرهما»[2]. وجاء في المعجم الوسيط": «السياق المهْر، وسياق الكلام تتابعُه وأسلوبُه الذي يجري عليه.... .«[3].
من الأقوال السابقة تستنتج أن معاني "السياق تقوم على التتابع والاستقامة والانقياد والاتفاق، وهي كلها مفاهيم تحضر بقوة في الإنتاج اللّغوي باعتباره كتابها وانقيادا للأصوات والكلمات والعبارات وفق ضوابط وشروط الاستقامة اللغوية.
[1] این فارس: مقاييس اللغة، (3/117).
[2] این منظور : لسان العربية مادة (سوق)، (10/166).
[3] مجمع اللغة العربية بالقاهرة: المعجم الوسيط مادة (سوق)، ص 465.