السياق في الدرس التداولي
السياق في الدرس التداولي :
بأحد مفهوم السياق في التحليل التداولي بُعدًا عميقا، فهو أحد أهم مرتكزات التداولية في دراستها للغة أثناء استعمالها، إنّه أداة إجرائية يتميز بها التنظير التداولي على مستوى اللغة، وعلى مستوى السياق الاجتماعي والثقافي والنفسي، حيث يقسّم الدارسون التداولية إلى ثلاث درجات، تحدّد كل درجة على أساس تشغيلها للسياق، فتداولية الدرجة الثالثة تتعلق بتطبيقات أفعال الكلام في سياقها اللغوي وتشتغل على توظيف السياف يعمق في تحليلاته حيث يؤدي السيال وظيفة رئيسة في كشف مقاصد المتكلم الظاهرة والخفية، وهو ما جعل السياق منتشرا في مجالات معرفية متعددة، فهو يتوزع عبر فضاءات معرفية كثيرة منها ما هو مرتبط بالمتكلم والمتلقي وشروط الإنتاج اللغوي والزمان والمكان وغيرها...
يمكن القول أن التداولية بعدّها علم الاستعمال اللغوي ضمن السياق أو طرائق استعمال العلامات ضمن سياق ما، يمكن أن تسمى أيضا بالسياقية كما عند "ماكس بلاك"، وأن مفهوم السياق في التنظير التداولي تجاوز الاصطلاح إلى الإجراء العملي، حيث إنّ السياق كما يرى "علي آيت أوشان"؛ في تحليله للمفهوم عند الباحثة "فرانسواز أرمينكو " مفهوم مركزي يمتلك الطابع التداولي، لا تعلم حدود بدايته ونهايته، اتساعه يجعلنا نعْبُر من درجة التداولية إلي أخرى فهو إمّا:
-سياق ظرفي فعلي وجودي مرجعي: وهو المحدِّد لانتماء المخاطَين وهواياتهم وبيئتهم المكانية والزمنية وهو ما يحدد مفهوم التداولية عند بارهيل ومونتاك بأنها السياق وما يحمله من أفراد موجودين في العالم الواقعي.
- سياق مقامي تداولي: وهو ما تفهمه الجهة المنتمية إلى نفس الثقافة على أنها ممارسة خطابية.
- سياق تفاعلي: ويقصد به تسلل أفعال اللغة في مقطع متداخل الخطابات.
- سياق اقتضائي : وهي اقتضاءات يحس بها المتلقون من اعتقادات ومقاصد تكون مشتركة بين المخاطبين.
ويمكن أن نجعل هذه الأقسام نصفين وهما: السياق اللغوي" و "السياق غير اللغوي". أو كما قسمهما فيرث سياق لغوي" و "سياق الحال"؛ فأمّا الأول فيتمثل في العلاقات الصوتية والمورفولوجية والفونولوجية والنحوية والدلالية. والآخر فيمثله العالم الخارجي بما له علاقة بالظروف الاجتماعية والنفسية والثقافية للمشاركين في الكلام.
وهكذا يكون السياق اللغوي هو مجموعة من العناصر اللغوية التي تحيط بالملفوظ وجزء منه، والسياق غير اللغوي هو مجموع من المقتضيات غير اللغوية التي تحدد بمقتضاها الملفوظ على أنه رسالة في زمان ومكان محددين وهذه العوامل تتصل بالمخاطَب والمخاطِب.