أنواع القرائن
- القرينة اللفظية: وهي اللفظ الذي يدل على المعنى المقصود، ولولاه لما الصبح المعنى، وذلك نحو قوله تعالي: { { وإذا قيل لهمْ آمِنوا بما أنزلَ الله قالوا أنؤْمن بما أُنزِلَ عليناَ ويكفرون بما وراءهُ وهُوَ الحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فلمَ مقتُلونَ أنْبياء الله من قبلُ إن كنتُم مؤمنينَ } . فقوله: { من قبلُ } وضّح أنّ مقصوده بقوله: { تقتلونَ } هو الزمن الماضي وليس الحال أو الاستقبال .....
-القرينة المعنوية: وهذه التي يحكم بدلاتها على المعنى وصحته، نحو قوله تعالى: { { أمّا السفينة فكانتْ بمساكينَ يعملونَ في البحر فأردتُ أن أعيبَها وكانَ وراءهم ذلك يأخذ كلَّ سفينة غصبا } } والمعنى فيها السفينة الصالحة.
-القرينة العقلية: هي التي تتضح من المعنى العقلي نحو: أكل الكمثرى موسى؛ فإن العقل عيّن الأكل.
-القرينة الحالية: مثّل لها تمام حسّان من القرآن بقوله تعالى: { { وإذ اعْتزلتموهمِ وما يعبدون إلا اللهَ فأوُوا إلى الكهف ينشرْ لكم ربُّكم من رحمته ويُهيّئ لكم من أمركم مرفقا} }. فالتركيب لا يمنع من أن تكون (ما) نافية، غير أن الآية حددت الحال وهي في قوله تعالى: { { هؤلاء قومنا اتّخذوا من ذونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطانٍ بينٍ فمن أظلمُ ممّن افترى على الله كذباً } } بمعنى (الذي) أي في موصولة.
-قرينة السياق والمقام: يشير البشير السامرائي إلى أنّ السياق غير المقام ولكنهما قد يتداخلان، فالسياق هو مجرى الكلام وتسلسلُه واتصال بعضه ببعض، وأمّا المقام فهو الحالة التي يقال فيها الكلام، وذلك كان يكون المقام جرنا أو فريكا والسياق والمقام من القرائن المهنة في فهم الكلام والدلالة على معناه فمن ذلك قوله تعالى: { { دق إنّك أنت العزيز الكريمُ } }.
وجاء في "البرهان" للزّركشي أنّ دلالة السياق ترشد إلى تبيين المجمل والقطع بعدم احتمال غير المراد وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة، وهو من أعظم القرائن الدالة على مبتغى المتكلم، ومن ذلك قوله تعالى: { { دق إنّك أنت العزيز الكريمُ} }. كيف تعد سياقه يدل على أنه الدليل الحقير، فكان بذلك للسياق دور كبير في تحديد مجال المعنى أثناء تغير التعبيرات اللغوية، فهو يعلم المتلقي ضرورة اكتشاف أسرار الألفاظ وكيفيات انتقال معانيها من مباشرة إلى عكسية.
-القرينة الاجتماعيةّ: أو ما يعرف أيضا بالسياق الثقافي، ويشمل عددا كبيرا من العوامل من بينها المجموعات الاجتماعية التي ينتمي إليها المتحدث، والعلاقات الاجتماعية بين المتحدث والمتلقي والتعامل الاجتماعي، وعن وفي هذا التعامل والمعرفة المشتركة بين المشتركين في الكلام، فإذا اجتمعت هذه المجتمعات وكانت بينها علاقات معينة وتظهر خلال تعاملها مع بعضها وتنتج عن ذلك ثقافة ما تتميز بها من غيرها. ويظهر هذا النوع من السياقي في استخدام كلمة معينة على مستوى لغوي محدد واستخدامها مرتبط بالثقافة، أما دوره فهو تحديد المحيط الثقافي أو الاجتماعي الذي يمكن أن تستخدم فيه الكلمة أي إنّ كل طبقة ثقافية لها كلمات خاصة بها أو حقل دلالي خاص بها، وتكون هذه الكلمات مختلفة الدلالات من المجموعة إلى أخرى، فالثقافة والظروف الاجتماعية التي تحيط بالكلمة هي التي تمنحها معنى محدّداً بما لتلك الثقافة أو تلك البيئة الاجتماعية، وهذا ما ذهب إليه نصر حامد أبو زيد " ونقصد بالسياق الثقافي للنصوص اللّغوية كل ما يمثل مرجعية معرفية، لإمكانية التواصل اللغوي"[1] فالكلمة قد يكون لها معنى معيّن في المعاجم اللغوية، ولكن قد يختلف ذلك المعنى حسب البيئة الاجتماعية والثقافية المستعملة لتلك بالكلمة، ومن ذلك كلمة (جدر) التي تحمل معنى عند المزارع وتحمل معنى آخر عند اللغوي ومعنى ثالثا عند عالم الرياضيات، فالكلمة ترتبط بالسياق الثقافي والاجتماعي لها. ولم يغفل النفس القرآن الظروف الاجتماعية والثقافية المحيطة بالنص، إذ إنّه نزل في بيئة الثقافية تدرك أمور البلاغة، ومن معجزاته أنّه نزل بلغة العرب كما أنّهم راعي أمور الطلاق والزواج والميراث، ونهى عن بعض العادات الاجتماعية السيئة التي انتشرت في الجاهلية.