المحور الأول مفهوم الموانئ وتصنيفها
أولا: مفهوم المونئ
نهدف من خلال هذا المحور إلى بيان تعريف الموانئ وتصنيفاتها حسب القانون البحري الجزائري
_ تعريف الميناء: يمكن تعريف الميناء كمكان تحتمي فيه السفن، وتمر من خلاله البضائع، نشاطه الرئيسي هو تجارة السلع والبضائع إضافة إلى تفريغ وشحن تلك السفن.
الميناء هو مكان يوفر حماية للسفن، ويكون في العادة مجهز بأحدث المنشآت ومعدات تداول البضائع (شحن وتفريغ) وتخزينها، ومزود بوسائط النقل والاتصالات، وقد تتوفر فيه إمكانيات بناء وإصلاح السفن، وتوفير متطلبات السفن للسطح ولوازم الماكينات وتموين السفن من الأغذية والوقود ومطبق لأحدث أنظمة المعلومات بغرض تسهيل عملياته بكفاءة وفعالية في أقصر وقت ممكن[1].
عرفه المشرع الجزائري في المادة 888 من القانون البحري بقوله بأنه نقطة من ساحل البحر مهيأة ومجهزة لاستقبال السفن البحرية ولإيوائها وتأمين جميع عمليات التجارة البحرية والصيد الحري والنزهة[2].
ويمكن القول بأن الموانئ تعبر عن مكان يجمع بين وسيلتي نقل (النقل البحري والنقل الداخلي) من قنوات بحرية ، ملاحية، طرق برية، سكك حديد أو هو المرفأ وتتكون الموانئ من ثلاثة عناصر.
الميناء عبارة عن منشئة ساحلية تتكون من مرفأ أو أكثر، تقام على سواحل أو شواطئ البحار أو المحيطات، أو البحيرات، يتم فيها عمليات تفريغ وتحميل السفن بالبضائع أو الركاب وتحتوي الموانئ على الرافعات والأرصفة والمخازن للسفن[3].
ويتكون الميناء البحري من ثلاث عناصر أساسية:
_ مساحة مائية تتصل مباشرة بخطوط ملاحية بحرية ويتعين أن تكون هذه المساحة محمية من الأمواج والظواهر الطبيعية المعاكسة.
_ مساحة أرضية تتصل مباشرة بأماكن الدولة عن طريق وسائل النقل الداخلي المختلفة.
_ واجهة بحرية تتضمن الأرصفة والمراسي وجميع المعدات والرافعات وهي نقطة التقاء وسائل النقل البحري والبري.
ويقصد بالمرفأ المسطح البحري العميق بالدرجة التي تؤهله لاستقبال السفن، والمحمي حماية إما طبيعية (في حضن خط الساحل) أو اصطناعية عن طريق مد لسان صناعي من الأرض صوب البحر، وتتسم مياه المرفأ بالهدوء التي تضمن دخول وخروج السفن في أمان[4].
ومنه نستخلص أن مصطلح الميناء مفهوم أعم وأشمل من المرفأ الطبيعي حيث يضم الميناء النطاق الذي يحتضن المرفأ بالإضافة إلى مستلزمات خدمات السفن، وكل متطلبات عمليات الشحن والتفريغ والتخزين والنقل، مثل الأرصفة والمستودعات والمخازن والطرق الداخلية والمباني، وهذا يعني أن كل ميناء في العالم لا بد أن يوجد به مرفأ، كما توجد عدة مرافئ بدون موانئ، إذ ليس من الضروري أن يتحول كل مرفأ طبيعي إلى ميناء إذا لم تتوافر فيه مقومات اقتصادية وجغرافية أخرى، أو لوجوده بعيدا عن خطوط الملاحة الدولية أو لانتشار الشعاب المرجانية فيه والتي تعرقل بدورها حركة الملاحة البحرية[5].
تصنيفات الموانئ
تصنيف الموانئ بالنظر للمناطق المخصصة لها:
حسب الفصل الأول والذي جاء بعنوان المناطق المينائية وتخصيصها من الباب الأول من المرسوم التنفيذي رقم 02/[6]01، نجد المشرع قسم المناطق المينائية إلى ثلاث أصناف:
1_ المناطق المينائية المسورة: يوجد بها مكتب رصيف يضم مستخديمي إدارة لتسير وأمن الميناء، حيث تحتوي على المباني والمستودعات والسطوح الترابية المخصصة لعبور البضائع وتخزينها، وأيضا المنشآت المتخصصة الضرورية لمناولة البضائع كالمخازن ومحطات الحاويات ومحطات البضائع الثقيلة وحظائر المواد سريعة الإلتهاب ومخازن التبريد[7]، تخصص هذه المناطق ل:
_ محطات قيادة السفن وإرشادها.
_ مراكز الإسعاف الأولي.
_ مراكز عبور البضائع والمسافرين.
_ ورشات بناء وتصليح السفن.
_ نشاطات الصيد البحري.
_ مراكز النزهة.
_ منشأت تخزين العتاد المستعمل في عمليات المناولة.
_ منشأت تخزين العتاد المستعمل في أشغال البناء والصيانة الخاصة بالموانئ والمنشآت المينائية[8].
2_ المناطق المينائية غير المسورة: تخصص هذه المناطق للنشاطات المرتبطة بالحركة البحرية والتي تشكل فائدة للميناء[9]، تحتوي على المباني والمنشآت الخاصة بالمناطق المسورة متى لم يكن لها مكان بتلك المناطق، ومجموعة من المكاتب الإدارية والتجارية والأشخاص والشركات التي لها نشاط في الميناء والعاملين في مجال أنشطة الاستيراد والتصدير عن طريق البحر[10].
3_ المناطق المخصصة للصيد البحري والنزهة: تكون على مستوى الموانئ التجارية والموانئ المعدة خصيصا للصيد البحري وأخرى للنزهة، تحتوي هذه المناطق على[11]:
_ منشآت تسويق المواد الصيدية وحفظها وتحويلها.
_ مرائب الصيادين.
_ منشآت تصليح وصيانة وتجفيف مراكب الصيد والنزهة وصيانتها ووضعها على اليابسة.
_ المراكز والنوادي الثقافية المخصصة للبحارة والنوادي البحرية.
بالإضافة إلى مناطق أخرى يتم تخصيصها وفقا للتنظيم من الجهات المختصة[12].
التصنيفات المختلفة للموانئ البحرية:
تمثل الموانئ البحرية البوابات جاهزة لتقديم كل التسهيلات البحرية للسفن من ناحية البحر والتسهيلات البرية من ناحية البر، ولا يوجد في العالم ميناءان متشابهان لا في البيئة الطبيعية ولا في البيئة الاقتصادية لذا هناك العديد من المعايير التي تستخدم لتصنيف الموانئ فهي تتباين من حيث الطبيعة الجغرافية والملكية والوظيفة.
1_ الموانئ الطبيعية: هي موانئ موجودة بشكل طبيعي محمية حماية طبيعية أي التي وجودها يضع للعوامل الطبيعية ولا تحتاج إلى منشآت صناعية.
2_الموانئ شبه طبيعية: هي الموانئ التي تتواجد ا نوعا من الحماية الطبيعية ويتم تحسينها من خلال الأعمال الصناعية كإضافة حاجز أمواج، وغيرها من مكونات الميناء بغرض جعلها قابلة لاستقبال السفن.
3_الموانئ الصناعية: هي الموانئ التي تم إنشاءها وتجهيزها (الأرصفة، المداخل، المخارج، الأحواض). وهناك أيضا الموانئ الجافة التي يمكن إقامتها بعيدا عن الشواطئ البحرية لأنها لا تعطي تسهيلات بحرية للسفن.
4_ الموانئ العامة: يتم إداريا بواسطة إدارة حكومية مركزية أي على أساس الإشراف المركزي ولصالح الدولة، ويتم توحيد رسوم وتعريفة الموانئ وهذا النمط من الإدارة يتميز بمركزية الإدارة، ضعف كفاءة التشغيل، الاعتماد على الدعم الحكومي، ضعف المنافسة.
5_ الموانئ التابعة للإدارة المحلية: هي تلك الموانئ التي يتم وضعها تحت إشراف حكم محلي وتتدخل الحكومة المركزية في أضيق نطاق عندما يتعلق الأمر بالمصالح القومية، ويتم تسعير خدمات الميناء بما يتماشى مع الظروف المحلية بدلا من تلك التي تفرض على المستوى القوم الموانئ ذات الإدارة المستقلة: يتم إدارتها بواسطة هيئة شبه حكومية ولكنها مستقلة عنها وبعيدة عن الضغوط السياسية وتخضع لقدر محدود من الإشراف الحكومي[13].
6_الموانئ التابعة للسكك الحديدية: يتم إدارتها من طرف شركات السكك الحديدية.
7_الموانئ التابعة للجمارك: يتم تشغيل هذه الموانئ من طرف سلطة الجمارك وتخص هذه الموانئ البضائع الصادرة أو الواردة أو العابرة الخاصة بالمناطق الحرة.
8_الموانئ الخاصة: يدير هذا النوع من الموانئ القطاع الخاص وتكون مخصصة لخدمة بضائع معينة مثل موانئ البترول التي تمتلكها شركات التعدين، وهذه الموانئ تدار على أساس تجاري أي بكفاءة عالية وبطريقة اقتصادية تحقق أرباحا كبيرة.
9_ موانئ اللجوء: تلجأ إليها السفن للحماية من العواصف أو لتزود بالوقود والغذاء.
10_موانئ عسكرية: ويتم تجهيزها (بالإضافة إلى تجهيزات الموانئ التجارية) بمنشآت ومعدات خاصة بمناولة الأسلحة والذخائر للقوات البحرية.
11_ موانئ النزهة: تتضمن سفن النزهة، وسفن الشراع.
12_موانئ الصيد: تختلف هذه الموانئ من دولة لأخرى، فالدولة التي يمثل قطاع الصيد فيها نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي تقوم بإنشاء موانئ خاصة بالصيد فقط أما الدولة التي يمثل قطاع الصيد فيها نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي أو لا تمتلك موانئ كثيرة فتخصص جزء من الميناء لخدمة الصيد.
13_موانئ العبور: تلعب هذه الموانئ دور الوسيط بين عمليتي الاستيراد والتصدير وهي متخصصة في خدمة التجارة لحساب دولة أو دولة غير الدولة التي تمتلكها بشكل مباشر بمعنى أن حركة التجارة التي تكون لمنطقة غير منطقتها الخلفية[14].
وحسب المادة 889 من القانون البحري الجزائري، رتبت الموانئ حسب استخدامها، فالموانئ التجارية سميت كذلك ورتبت في هذا الصنف الموانئ المخصصة لضمان مختلف عمليات الشحن والإفراغ للأفراد، البضائع والحيوانات الحية العابرة من النقل البحري إلى النقل البري والعكس، بالإضافة إلى كل العمليات المرتبطة بالملاحة البحرية[15].
_ حاجز الأمواج: وهو جدار بحري متين البناء، يشيد عادة من أغلفة إسمنتية مملوءة بالأحجار مغطس في البحر، والهدف منه هو أن يستقبل الأمواج العاتية عند اقترابها من الشاطئ ومنعها من الوصول إلى الميناء.
_ الرصيف البحري: هو رصيف ممتد من البر يؤدي نفس غرض حاجز الأمواج ويستخدم كذلك في استقبال السفن وربطها إليه.
_ رصيف الميناء: هو رصيف يستخدم لرسو السفن وتحميلها وتفريغها.
_ مربط السفن: عند رسو السفينة فإنّها تلقى بمخطافها في الماء كما تربط بأحكام في رصيف الميناء بواسطة كابلات تشد إلى مرابط وتكون الكابلات أو الجبال صلبة ومتينة.
_ الأحواض: هو مكان تجمع لماء البحر يحيط به رصيفان أو أكثر.
_ المرطم: هو الأرض الموجودة بين حوضين[16].

[1]_أنظر_ أيمن النحراوي، الموانئ البحرية العربية، الطبعة01، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2009، ص25.
[2]_ أنظر المادة 888 من القانون البحري الجزائري.
[3]_ أنظر_ حصايم سميرة، محاضرات في قانون الإدارة المينائية، سنة الثانية ماستر مهني، تخصص قانون بحري مينائي، جامعة جيجل كلية الحقوق، 2022، ص6.
[4]_ أنظر_ أيمن النحراوي، مرجع سابق، ص 16.
[5]_ أنظر_ رصاع حياة، دور اللوجستيات في تطوير الموانئ البحرية، دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه علوم، جامعة وهران02، كلية العلوم الاقتصادية، 2019، ص76.
[6]_ المرسوم التنفيذي رقم 02/01 المؤرخ في 06 جانفي 2002، يحدد النظام العام لإستغلال الموانئ وأمنها، جريدة رسمية عدد01.
[7]_ أنظر المادة 6 و 7 من المرسوم 02/01.
[8]_ أنظر المادة 04 من المرسوم 02/01.
[9]_ أنظر المادة 08 من المرسوم 02/01.
[10]_ أنظر المادة 09 من المرسوم 02/01.
[11]_ أنظر المادة 11 من المرسوم 02/01.
[12]_ أنظر المادة 12 و 13 من المرسوم 02/01.
[13]_ أنظر_ محمد جلال خطاب، اقتصاديات الموانئ بين النظرية والتطبيق، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2015، ص31.