الضبط الاصطلاحي
يصعب تحديد المعنى الاصطلاحي لهذا المصطلح تماما، فنجد له في مؤلفات اللغة عدة تعريفات وحدود فهو بمعناه العام " النظم اللفظي للكلمة وموقعها من ذلك النظم " أو هو كما يقول صاحب معجم علم اللغة النظري السياق (Context) هو البيئة المحيطة بالفونيم أو المورفيم أو التركيب اللغوي»[1]. وقد عرفه محمود السعران بأنه: « جملة العناصر المكونة للموقف الكلامي»[2]
يتكون مصطلح السياق (Context) من المسابقة اللاتينية (Con) بمعنى مع، و textus) ) التي تعني: النص وقد قصر صاحب "معجم المصطلحات الأدبية " ترجمة المصطلح في القرينة الحالية دون الالتفات إلى المستويات السياقية الأخرى وبذلك ينحصر – عنده- في السياق الخارجي، وقد أشار عبد الفتاح البركاوي إلى أن مصطلح السياق (Context) قد اتخذ عدة معاني هي: ما يحيط بالوحدة اللغوية المستعملة في النص، كما يعني قيود التوارد المعجمي، ويعني أيضا النص اللغوي الذي يتسم بسعة نسبية ويؤدي معنى متكاملا سواء كان ذلك النص مكتوبا أم ملفوظا، كما يعني أيضا الأحوال والمواقف الخارجية ذات العلاقة بالكلام.
وقد ارتبط بالمصطلح مفهومين أساسيين هما:
-الاستعمال الأول: ويتعلق بالضبط اللغوي الذي تنتظم خلاله الكلمات ومجموعة الألفاظ التي تسبق أو تلحق كلمة أو عبارة أو جملة، والتي تساعد في بيان ما تعنيه هذه الكلمة أو العبارة أو الجملة أو النص كاملا، يقول ستيفن أولمان: « كلمة السياق (Contex) قد استعملت حديثا في عدّة معاني مختلفةٍ، والمعنى الوحيد الذي بهم مشكلتنا في الحقيقة هو معناها التقليدي، أي « النظم اللفظي للكلمة، وموقعها من ذلك النظم »[3].
-الاستعمال الثاني: والذي تدفق ضمن الطرح التداولي ويضم الظروف والملابسات الثقافية والاجتماعية والنفسية التي تحيط بالإنتاج الكلامي، يقول جون ديبو: « السياق هو مجمل الشروط الاجتماعية المتفق عليها التي تؤخذ بعين الاعتبار لدراسة العلاقة الموجودة بين السلوك الاجتماعي واستعمال اللغة .... وهي المعطيات المشتركة بين المرسل والمرسل إليه والوضعية الثقافية والنفسية والتجارب والمعلومات الشائعة بينهما»[4] وقد شكل هذا المفهوم النقطة الأساس في الدراسات التداولية.
ومنه نلاحظ أن مفهوم السياق في بُعده العام يقوم على تلك المعطيات اللغوية وغير اللغوية التي تتفاعل في الإنتاج اللغوي، وترتبط فيما بينها ارتباطا وثيقا، ويجب أن نشير هنا إلى أن "السياق" بهذين النوعين اللغوي وغير اللغوي (سياق الحال)، يشكّل نسقا من العناصر التي تمدُّ الدارس بكيفيات فهم الخطاب اللغوي وتأويله التأويل الصحيح.
وبهذا تستنتج أن "السياق" هو الإطار الذي تتنزّل من خلاله اللغة محل الموجودات الفعلية ضمن حيّز زمكاني يحتضنها، ومعطيات حالية متنوعة الموارد (اجتماعية، نفسية ثقافية ....) تضبطها فتعطيها المعنى الخاص بها.
[1] Al-khuli a dictionary of theoretical linguistics, English-Arabic, p57
[2] محمود السعرات علم اللغة ( مقدمة للقارئ العربي)، ص 339.
[3] ستيفن أولمان: دور الكلمة في اللغة، ترجمة كمال محمد بشر، ص 62.